انتابت الأوساط السياسية التركية حالة من القلق الشديد بعد سيطرة قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، بقيادة صالح مسلم، على أكثر من نصف المناطق الحدودية مع العراق وأخرى متاخمة للحدود التركية، الأمر الذي دفع إلى عقد عدة اجتماعات أمنية، وخاصة بعد سيطرة الأكراد على منطقة "تل أبيض" على الحدود السورية-التركية. وقدم رئيس هيئة الأركان العامة التركية الجنرال نجدت أوزال وقائد القوات البرية الجنرال خلوصي آكار إيجازًا عن التطورات الجارية في مناطق شمال سوريا والمجاورة للمناطق الحدودية التركية، وحذرا - خلال الإيجاز - حكومة العدالة والتنمية حوال ما أسمياه ب"مخاطر تمثلها منظمة حزب العمال الكردستاني في مناطق جنوبتركيا"، فيما اتخذت القوات التركية تدابيرها الأمنية في المناطق الحدودية للبلاد وفقًا للتقارير الاستخباراتية الواردة لها حيث عززت قواتها على الحدود تحسبًا لأي احتمال سلبي قد يطرأ في المنطقة. وكانت الأيام القليلة الماضية قد شهدت سيطرة وحدات الحماية الكردية ، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ، على عدة قرى وبلدات واقعة في ريف مدينة تل أبيض بشمال غربي محافظة الرقة السورية ، مما أسفر عن نزوح الأهالي جراء الاشتباكات التي وقعت مع تنظيم "داعش" الإرهابي، في حين بدأ التنظيم بحفر خندق حول تل أبيض في مسعى منه لتعزيز مواقعه الدفاعية. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد أعربت، الجمعة الماضية، عن قلقها من تقارير تكشف عن استغلال حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري للدعم الجوي لقوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" في تهجير أعداد كبيرة من العرب والتركمان السوريين خارج مناطقهم. وكان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو قد ترأس - خلال الأيام القليلة الماضية - اجتماعًا أمنيًا موسعًا بمشاركة رئيس هيئة الأركان الجنرال أوزال وقائد القوات البرية الجنرال آكار وممثلين عن جهاز المخابرات لتقييم الأوضاع الأمنية على الحدود مع سوريا والتسرب المحتمل لأعضاء منظمة حزب العمال الكردستاني مع اللاجئين السوريين الذين تدفقوا بالآلاف في الآونة الأخيرة ، فضلاً عن تسلل أعضاء من تنظيم "داعش" الإرهابي إلى تركيا. ولعل مصدر القلق الرئيسي لحكومة العدالة والتنمية هو قيام دولة كردية في المنطقة ونقلت قلقها وعدم ارتياحها من سيطرة الأكراد على مناطق في شمال سوريا متاخمة للحدود التركية إلى الإدارة الأمريكيةبواشنطن ، حيث تعتقد أنقرة أن سيطرة الأكراد قد تكون محاولة لتغيير التركيبة السكانية ، وهو الأمر الذي أكدته المصادر الدبلوماسية التي لم تنف صحة الأقوال الواردة في هذا الخصوص. وفي سياق متصل ، أشارت مصادر دبلوماسية في تصريحات للصحفيين مؤخرًا إلى أن أنقرة ستضع خطة عملها على طاولة المفاوضات مع واشنطن، وتؤكد على ضرورة عدم تغيير التركيبة "الديموجرافية" في مناطق شمال سوريا واتخاذ التدابير اللازمة لمنع إنشاء هيكل مستقل، ولذلك ينبغي تسليم تلك المناطق التي انسحب منها تنظيم "داعش" إلى ما يسمى ب"الجيش السوري الحر" ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته تجاه موجة تدفق السوريين إلى تركيا وعدم إنشاء ممر كردي حتى منطقة البحر المتوسط.