في الوقت الذي تستعد الحكومة الإسرائيلية الجديدة لممارسة مهامها يبدو أن حركة المستوطنين في الضفة الغربية تستعد لنفوذ واسع ربما لم يسبق له مثيل فبعد الضغط على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في المفاوضات الائتلافية سيطر حزب الوطن المؤيد للاستيطان اليهودي على العديد من الوزارات الحكومية القوية ومن المؤكد أن يثيرالتشكيل الائتلافي الجديد توترات في الداخل ويسرع اشتباك -على ما يبدو لا مفر منه - مع المجتمع الدولي الذي مازال يعيش على وهم تشجيع إنشاء الدولة الفلسطينية. يسيطر على الحكومة الحالية المتشددون الذين يرفضون التنازل عن الأراضي للفلسطينيين، وبأغلبية ضئيلة 61 مقعدا في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا يعتمد نتنياهو بشكل كبير على مؤيدي الاستيطان داخل حزب الليكود . إن مخاوف إطلاق العنان للاستيطان أثارها تصريح المتحدث باسم لوبي المستوطنين أن هناك توقعات على نطاق واسع بان الحكومة ستعمل على إزالة القيود على البناء والضغط من أجل التوسع العدواني مشيرا إلى أن الضفة الغربية من الأمور التوراتية التي يفضلها الإسرائيليون ونحن لا نسعى إلى القتال لكن لا يمكن للعالم أن يملي شيئا على صوت الديمقراطية الإسرائيلية . ويعيش أكثر من 350 ألفا من الإسرائيليين في الضفة الغربية وما يقرب من 200ألف في القدسالشرقية - جنبا إلى جنب مع أكثر من 2 مليون فلسطيني ويريد الفلسطينيون هذه المناطق - التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 – ضمن دولتهم المستقبلية ويجعل الاستيطان تقسيم الأراضي مستحيلا . ووسط أحلام وردية وتوقعات أكد الرئيس الامريكي باراك أوباما مؤخرا انه يتوقع ان تعمل الحكومة الجديدة نحو حل الدولتين، وألمح القادة الأوروبيون إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا ضد إسرائيل بشأن المستوطنات. وقال داني دايان، مسؤول لوبي الاستيطان إنه سيتعين على نتنياهو التنقل بين هذه الأجندات المتعارضة على جانب آخر قال دوري جولد، المستشار غير الرسمي يستطيع نتنياهو أن يقلل نفوذ المستوطنين كما أثبت في الماضي قدراته على عقد الصفقات مع جيران إسرائيل والسعي لتحقيق عملية دبلوماسية من شأنها أن تهدف إلى "اتفاق سلام مع الفلسطينيين وجميع جيراننا." وعلى الرغم من أن "البيت اليهودي" فاز بثمانية مقاعد في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا، إلا أن نتنياهو يحتاج دعمه للحفاظ على أغلبيته الضيقة ويمكن لزعيم البيت اليهودي "نفتالي بينيت" أن يدفع صفقة صعبة. في الوقت ذاته يوجد شركاء آخرون نتنياهو - من بينهم اثنان من الاحزاب الدينية والوسط قدران على اسقاط الائتلاف الجديد فمصالحهما تتركز على الشؤون الداخلية ما يمثل تحديا لرئيس الوزراء..نفالي بينيت، وهو مساعد سابق لديه علاقات متوترة مع نتنياهو، أصبح وزيرا للتعليم وسيكون قادرا على تعزيز وجهة النظر الدينية والقومية في المدارس. واختير "أوري أرييل" لوزارة الزراعة ويمثل قوة دافعة وراء بناء المستوطنات في الحكومة السابقة والسيطرة على وكالة "العكرة" التي عرفت تاريخيا كقناة لنقل الأموال إلى المستوطنات. وسوف يكون "هاجيت أوفران" نائب وزير الدفاع، ذا تأثير على قضايا الضفة الغربية وينتمي للجماعة المناهضة للاستيطان "السلام الآن" واتهم نتنياهو علانية بإعطاء المتطرفين من المستوطنين جزءا كبيرا من السيطرة على سياسة الاستيطان". ويأتي تعيين "ايليت شاكيد" 39 عاما وزيرا للعدل، وهي وظيفة تسند إلى قبل شخص ذي هيبة سياسية أو مهنية لكن شاكيد لا توجد لديها الخبرة القانونية بل كانت من أشد منتقدي السلطة القضائية في البلاد وينظر اليها على انها معقل ليبرالي يشاع عنها أنها تهدف إلى خنق مجموعة الحمائم ووصف "نحمان شاي"، وهو نائب معارض من الاتحاد الصهيوني اختيار شاكيد بقوله "إن تعيينها مثل تعيين المصابين بهوس إشعال الحرائق كرؤساء إدارة الإطفاء". إن النظر إلى تشكيل الحكومة الإسرائيلية المعلن يؤكد أن الحكومة التي سوف تتعرض للابتزاز الدائم من قبل المستوطنين وان الحديث عن حل الدولتين وإعادة إحياء عملية السلام ضرب من ضروب الخيال والأوهام فهل سينجح أوباما والمجتمع الدولي من الإفلات من الفخ المحكم الذي نصبه رئيس الوزراء الإسرائيلي للقضية الفلسطينية.