قال الكاتب البريطاني جدعون راخمان إنه لا يتوقع خروج تظاهرات شعبية حاشدة في أوروبا تعاطفا مع غرق مئات المهاجرين أثناء عبورهم للقارة العجوز، على غرار ما حدث عقب مقتل اثني عشر شخصا في هجوم "شارلي إبدو" بباريس في وقت سابق من العام الجاري. وأضاف "لكن حجم الكارثة هذه المرة وما يكتنفها من مآسٍ إنسانية دفعت بتلك المئات إلى الفرار إلى أوروبا، قد يجبر الساسة الأوروبيين على مواجهة المشكلة التي طالما فضلوا غض الطرف عنها على مدار العامين الماضيين". ونوه -في مقال نشرته ال (فاينانشيال تايمز)- بإزماع وزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبي مناقشة المشكلة غدا /الاثنين/ في بروكسل، فيما تظل الدعوات الإيطالية إلى عقد قمة طارئة لقادة الاتحاد، مجهولة المصير. وعلل راخمان هذا المصير بشأن قمة قادة الاتحاد، بأن كافة الخيارات الممكنة التي يواجهها هؤلاء القادة لا تزال غير جذابة، الأمر الذي يجعلهم مترددين في تبني المشكلة. وفصّل الكاتب هذه الخيارات كالتالي: أولا.. تشكيل دوريات خفارة واعتقال المزيد من المهاجرين: ونوه عن أن القرار الإيطالي الذي صدر بضغط من الاتحاد الأوروبي بإنهاء برنامج عمليات البحث والإنقاذ، قد أدى إلى غرق المزيد من المهاجرين. ورجح أن تشهد الأيام المقبلة ضغوطا، لا سيما من جانب الكنيسة الكاثوليكية، لإبطال هذا القرار الإيطالي وعودة عمليات الإنقاذ. ولفت إلى تخوف القادة الأوروبيين من أن يؤدي رفع كفاءة عمليات البحث والإنقاذ إلى تشجيع المزيد من الراغبين في الهجرة على المخاطرة بركوب البحر. هذا إضافة إلى تخوفهم من استثارة الأحزاب الشعبوية الأوروبية المناهضة للهجرة أمثال الحزب الديمقراطي السويدي، وحزب الجبهة الوطنية في فرنسا. وأضاف أن الخيار الثاني هو "مشاركة الأعباء في أوروبا".. موضحًا أن الدول الأوروبية قد أظهرت مستويات متفاوتة من كرم الضيافة إزاء التدفقات اليائسة من المهاجرين السوريين على وجه الخصوص. وقال إن الدعوات الآن إلى مشاركة المزيد من الأعباء وتوزيع لللاجئين بالتساوي على دول القارة العجوز السبع والعشرين. وأضاف أن الخيار الثالث هو "العمل على إرساء الاستقرار في ليبيا".. حيث أكد أن انهيار النظام في ليبيا بفعل تدخل حلف شمال الأطلسي "ناتو" ترك الدولة ساحة متميزة لمهربي البشر. ونوه في هذا الصدد عن أحاديث إيطالية عن تدخل عسكري محتمل في ليبيا للسيطرة على الموانئ وتدمير شبكات التهريب. وتابع "غير أن التاريخ الحديث بشأن التدخل الغربي في الشرق الأوسط يجعل الحكومات الغربية تعزف بشدة عن مجرد التفكير في الأمر، فضلا عن عِلم تلك الحكومات بأن ليبيا لم تعد فقط ساحة لمهربي البشر وإنما أيضا مضمارا للجهاديين "المتوحشين" لا سيما مقاتلي تنظيم داعش". واستكمل "إلى جانب أن ليبيا ليست المرفأ الوحيد الذي يقلع منه المهاجرون صوب القارة العجوز، فهنالك نقاط إنطلاق أخرى في كل من إريتريا ونيجيريا والسودان ومناطق أخرى في جنوب آسيا، إضافة إلى الدول التي مزقتها الحروب مثل سوريا واليمن - وعليه فإن سدّ الطريق الليبي لن ينهي المشكلة تماما". وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أعربت عن خشيتها من أن يكون نحو 700 مهاجر قد ماتوا غرقا في مياه البحر المتوسط عندما انقلبت السفينة التي كانوا يستقلونها للوصول إلى أوروبا الى الجنوب من جزيرة لامبيدوسا الايطالية، فيما أفادت تقارير أخرى أن العدد يتجاوز ال 950 مهاجرا.