جاء الاعلان عن شغل الدكتور عبد الواحد النبوي منصب وزير الثقافة في سياق التعديل الوزاري الأخير في وقت بدت فيه هذه الوزارة موضع جدل متصاعد بين المثقفين وآراء متعددة حول الواقع والمأمول وضرورة تجسير الفجوة بين ما هو كائن وما ينبغي ان يكون. والدكتور عبد الواحد النبوي هو سابع وزير للثقافة في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وكان رئيس دار الكتب والوثائق القومية وانخرط في مشروع عملاق بمنطقة الفسطاط لحفظ ورقمنة الوثائق المصرية وهو في الأصل أستاذ للتاريخ بجامعة الأزهر. وفي سياق اجتماعه بالوزراء الجدد امس الأول "الخميس" في حضور المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي اهمية خاصة للثقافة المصرية، مؤكدا أهمية تفعيل الامكانات المتاحة بوزارة الثقافة، ولاسيما قصور الثقافة، فضلا عن العمل على الارتقاء بالذوق العام والتعاون مع كافة مؤسسات الدولة المعنية وفي مقدمتها الازهر الشريف باعتباره منارة للعلوم الدينية الى جانب دوره في تجديد وتصويب الخطاب الديني. ووفقا لما ذكره السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد في هذا الاجتماع مع الوزراء الجدد على اهمية الاستفادة من الطاقات والأفكار الابداعية التي ترتقي بمنظومة العمل داخل الوزارات. واعتبر معلقون في صحف ووسائل اعلام ان التعديل الوزاري يرسخ مبدأ التعامل الواضح والصريح مع اولويات المرحلة الحالية بكل تحدياتها ومواجهة العيوب واصلاح الأخطاء، فيما كانت وزارة الثقافة عرضة لانتقادات من مثقفين في الآونة الأخيرة بعضها لا يخلو من حدة اعتراضا على مستوى الأداء ومحصلة النتائج مع اتفاق عام على ان هذه الوزارة تعاني من مشاكل جسيمة، من بينها "ثقل حمولتها البيروقراطية التي لا يمكن ان تنسجم مع جوهر مهامها الابداعية". وعقب أدائه اليمين، قال وزير الثقافة الجديد الدكتور عبد الواحد النبوي: "اننا نحتاج الى تقوية الجسور التي تربط الوزارة مع المبدعين والأدباء"، مؤكدا اعتزامه دعم الأنشطة الثقافية في النجوع والمناطق النائية، فضلا عن الاهتمام بنشر الوعي بين الشباب والاستفادة من طاقاتهم الابداعية، ورأى انه "على الجميع التكاتف الآن للوقوف في وجه الجهل والارهاب". ومع تولي الدكتور عبد الواحد النبوي منصب وزير الثقافة، فمن الطبيعي ان تكون هناك توقعات وآمال وجدل حول الواقع الثقافي الرسمي، فيما كان السؤال قد تردد بقوة بين الجماعة الثقافية في مصر عقب تقلد الدكتور جابر عصفور حقيبة وزارة الثقافة في شهر يونيو الماضي: "هل ينجح عصفور في اصلاح المنظومة الثقافية؟". وكان لهذا السؤال ما يبرره، لأن الدكتور جابر عصفور كمثقف كبير تحدث مرارا قبل توليه منصبه الوزاري عن ضرورة اصلاح وتطوير المنظومة الثقافية المصرية، بل اعتبر ان "هناك ضرورة حتمية" لتطوير هذه المنظومة أو تثويرها. وفيما تهب من حين لآخر رياح الجدل والاحتقانات الظاهرة حول اداء وزارة الثقافة واجهزتها حاملة في ثناياها اسئلة هامة حول دور هذه الوزارة وسياساتها ويتردد من جديد السؤال الكبير حول حقيقة التغير الذي طرأ على المشهد الثقافي ومجمل السياسات الثقافية الرسمية بعد الثورة الشعبية المصرية بموجتيها 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، فإن هذه الوزارة تدخل الآن مرحلة تتطلب اجابات جديدة بعد ان حمل حقيبتها الدكتور عبد الواحد النبوي.