يعمل الاتحاد الأوروبي على الانخراط بشكل أكثر فاعلية في عملية إدارة الأزمات في سوريا والعراق والتهديد الذي يمثله تنظيم داعش، وذلك إنطلاقا من قناعة متزايدة لديه بأن الحل قد لا يكون قريب المنال. وذكرت وكالة "آكي الإيطالية" أنه وفي هذا الإطار، تأتي الاستراتيجية التي أعدتها المفوضية الأوروبية بالتعاون مع إدارة العلاقات الخارجية في الاتحاد، والتي تتضمن مبادرات متعددة الأطياف تبدأ بتعزيز المساعدات الإنسانية، مرورا بالعمل التنموي والاجتماعي لدرء أخطار تمدد الصراع، وانتهاء بالعمل السياسي والأمني والدبلوماسي لمحاربة الإرهاب. وتؤكد المفوضية الأوروبية، في البيان الصادر اليوم الجمعة بشأن هذه الإستراتيجية، أنها ستخصص مبلغ مليار يورو إضافية على مدى السنتين القادمتين لبلورة أفكارها، هذا بالإضافة إلى الابقاء على حجم المساعدات المخصصة سابقاً لدول المنطقة. وتؤكد الاستراتيجية على أن 40% من المبالغ المستثمرة ستذهب لصالح تعزيز المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين ، خاصة في دول الجوار، مع إيلاء أهمية خاصة للمجموعات التي تستضيفهم. كما تشير هذه الإستراتيجية إلى ضرورة إعطاء أهمية خاصة لتعليم الأطفال والمراهقين من اللاجئين السوريين، والعمل على التصدي لإمكانيات نشر إيديولوجية داعش في أوساطهم، ومحاربة الأفكار المتطرفة في مهدها. كما تتضمن الإستراتيجية طيفاً واسعاً من المشاريع والإمكانيات والتي سيجري تداولها مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد خلال اجتماعهم الاثنين القادم في بروكسل، حيث من "المأمول أن تتمخض المناقشات عن ملاحظات بناءة بهدف اعتماد هذه الاستراتيجية رسمياً في شهر مارس القادم"، وفق مصادر مطلعة. وتريد المفوضية من وراء هذه الإستراتيجية، أن "تثبت" أن الاتحاد الأوروبي يرغب المساهمة في التعامل مع أزمات المنطقة بشكل أكثر فاعلية. وهنا تقول الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني "تساهم الحزمة المعروضة اليوم في تعزيز عملنا لإقرار السلام والاستقرار في منطقة قريبة منا يعصف بها الإرهاب والعنف منذ زمن طويل، الآن نحن مهيئون الآن أكثر للعمل معاً ولتقديم المزيد، سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي أوالأمني أو الإنساني". وتشير موجيريني على أن هذه الاستراتيجية ستمكن الإتحاد الأوروبي من تقديم معالجة أكثر فاعلية، بالتعاون البيني، وكذلك مع الأطراف الدولية والإقليمية، للجذور العميقة للارهاب والعنف. ما أرادت موجيريني قوله، وما تؤكده كذلك العديد من المصادر الأوروبية، مفاده أن الاتحاد الأوروبي بات، خاصة بعد هجمات باريس، يعي بشكل أكبر مخاطر الإرهاب القادم من الجوار على أمنه الداخلي. وتشير المصادر إلى أن دول الاتحاد ومؤسساته استفاقت مؤخراً على حقيقة أن تعاونها في مجال السياسة الخارجية لا يزال غير كاف، وأن الإستمرار في إهماله يوشك أن يجلب لها المزيد من المشاكل. وتنوه مصادر مقربة من موجيريني بأنه "ينبغي أن نلحظ أن دول الاتحاد حديثة العهد في مجال العمل السياسي الخارجي المشترك، ومن هنا لا يمكن أن يطلب منا عمل المعجزات"، على حد وصفها.