انتقدت جامعة الدول العربية ردود الأفعال الإسرائيلية المختلفة حول انضمام دولة فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية وموافقة المدّعية العامة للمحكمة ببدء فتح التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في فلسطين، والتي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية ممثلة برئيسها وأعضائها والأحزاب السياسية وقيادة جيش الاحتلال، ووصفتها بأنها "ردود فعل عصبية ومنفعلة"، واتسمت بالعنف والبُعد عن المسؤولية، وتجاوزت حدود مسؤوليات القيادة السياسية الإسرائيلية، خاصةً فيما يتعلق بالحديث عن "نزع شرعية المحكمة" ما يمثل استمراراً لتعامل اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على أنها دولة فوق القانون وفوق المحاسبة والمسائلة. وقال الأمين العام المساعد بالجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير محمد صبيح في بيان صحفي اليوم الأربعاء ،" إن ردود الفعل الإسرائيلية تمثل أيضا استهانة واستهتار بالمحكمة الدولية وبال123 دولة الموقّعة على نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية". وأضاف السفير صبيح أن الحملة الإسرائيلية التي بدأت توجّه ضد المحكمة والمدّعية العامة لا مبرر لها، حيث أن القضايا المطروحة عليها يتم تقييمها والتحقيق فيها بشفافية واستقلالية وتتم من خلال محامين وقضاة وخبراء في القانون الدولي . وتابع صبيح : لقد وضع أغلبية الأعضاء في المجتمع الدولي ثقتهم في المحكمة والقائمين عليها، ولا تمثّل ردود الفعل الإسرائيلية العنيفة وغير المسئولة أو المبررة تفسيراً سوى أنَّ اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تخشى أن تُتهم أو تتم إدانتها على ارتكابها جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني الذي تحتل أرضه بالقوة العسكرية وتمارس بحقه أبشع الانتهاكات والممارسات، منها على سبيل المثال لا الحصر، القتل والتهجير، والتشريد، وهدم البيوت، وفرض قيود على حرية الحركة، واعتقال وفرض قيود على حرية الوصول إلى أماكن العبادة". وقال صبيح "إذا كانت اسرائيل دولة ديمقراطية ومحبّة للسلام وتقوم على العدالة كما يدّعي مسؤولوها بين الفينة والأخرى، فما كان لها أن تتخوّف من فتح تحقيق "مستقل" و"شفّاف" و"محايد" لا يهدف إلا لتحقيق العدالة ومحاولة إنفاذ القانون الدولي لما فيه خير كافة الشعوب المسالمة والمحبّة للسلام". وأشار صبيح إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي "أفيجدور ليبرمان نصّب نفسه قيّماً على الشعب الفلسطيني وهو الذي يقرّر ويحدّد له قيادته ويحدد له متى ترحل هذه القيادة، وكذلك نوع السلطة الوطنية التي يرتضيها "ليبرمان" ويصرّح بنقل السكان وتهجيرهم، مؤكدا أن كل هذا يتعارض مع أبسط قواعد القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. وكانت المدّعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أعلنت بدء الدراسة الأوليّة لاحتمال ارتكاب جرائم حرب في دولة فلسطين المُحتَلة بعد انضمامها للمحكمة، وذلك عقب توقّيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن"، رئيس دولة فلسطين، في 31 ديسمبر 2014 على نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، وقد اتّسمت ردود الفعل الإسرائيلية بالعنف وانتقاد المحكمة والعمل على نزع الشرعية عنها. وتخشى اسرائيل من انضمام فلسطين إلى المحكمة وإعلان المدّعية العامة ببدء الدراسة الأوليّة لاحتمال ارتكاب جرائم حرب في فلسطين، أن يقود إلى بدء تحقيق قضائي دولي يضع قيادات إسرائيلية أمام محاكم دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، ليس فقط في الحروب على غزة وإنما بالأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة وتعذيب الأسرى وتقييد الحريات. وقد حذّر خبراء إسرائيليون في القانون الدولي من أن التحقيق الذي أعلنت المدّعية العامة للمحكمة عن فتحه سيشمل اتهام القيادة السياسية الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب، وأن التحقيقات التي قد تنفذها المحكمة في المرحلة الأولى لا تشمل عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في المناطق المحتلة فقط وإنما ستشمل نشاط المستوى السياسي أيضاً الذي لا يخضع لصلاحيات ومسؤوليات المدّعي العام العسكري الإسرائيلي، ولفت أحد هؤلاء الخبراء أن بمقدور المحكمة التحقيق في السياسات الثابتة لإسرائيل وليس بعمليات عسكرية تقليدية بالضرورة.