مايسة... فتاه صغيرة تبلغ الثامنة من العمر تقريبا... تعيش مع أسرتها في إحدى دول الخليج... يعمل والدها كجراح، حيث يداوم بعض الأيام ليلا ويعود المنزل في الصباح الباكر لينام ساعات قليله ليستيقظ ظهراً لكي يحضر مايسة من المدرسة، وتعمل الأم كصيدلانية بنفس المستشفى حيث تداوم في عملها حتى الخامسه عصراً. وفي يوم عملٍ شاق، استغرق الأب في النوم بعد عودته ولم يستطع النهوض لإحضار ابنته من المدرسة ، وانتظرت مايسة والدها لوقت طويل حتى رحل كل من كانوا بالمدرسة الا حارس المدرسه بالطبع (يمني الجنسية)، الذي ظل جالسا بجانبها ليطمئنها انها ليست وحدها (أحداث القصة في وقت لم يكن به الهاتف المحمول قد اخترع بعد) ، ولكنهما بمرور الوقت فقدا الأمل في حضور أبيها، فسأل الحارس مايسة لو تستطيع ان توصف له الطريق إلى منزلها إذا صاحبها للعودة الى المنزل، فأجابته بنعم، فنهضا للترجل، وحمل الحارس حقيبتها الثقيلة على ظهره وسارا في طريقهما... بعد حوالي مئه مترٍ من السير على الأسفلت الشديد الحرارة ، لاحظ الحارس معاناة مايسة في عدم القدرة على مواصله السير ، فحذائها المدرسي البسيط ليس بعازل قوي للحرارة ... فتوقف الحارس وانحنى لخلع زحافته السميكة وأعطاها للفتاه لتضعها في قدميها الصغيرتين، وأكمل هو السير حافي القدمين... من هذا السلوك الإيثاري الرحيم، ترك هذا الحارس لمايسة ذكرى وردية... حتى بعد مرور حوالي ثلاثون عاماً، لم تنسه قط، بل أنبت في نفسها أثراً جميلا ومثلا يحتذى به.