حالة من الحزن والبكاء والتباكى والغضب سيطرت على كل مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام التابعة والمتعاطفة مع تنظيم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى ومجلس الدفاع الوطنى والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بتطهير المنطقة الحدودية مع قطاع غزة بطول 14 كيلو وعمق 500 متر. مما يتطلب إزالة 802 منزل وتعويض ملاكها ماليا كى تستطيع قوات حرس الحدود والهيئة الهندسية من تدمير الأنفاق التى تربط تلك المنطقة بقطاع غزة وتسبب، وفق ما أعلنته المصادر فى تهريب السلاح والمتفجرات والأفراد الذين يستهدفون عناصر القوات المسلحة فى شبه جزيرة سيناء وتدعم بعض العناصر للقيام بعمليات داخل عدد من المحافظات والمدن المصرية. *حالة التباكى والحزن لدى جماعة الإخوان وأنصارها مرجعها من وجهة نظرنا هو العودة الحقيقية لشبه جزيرة سيناء إلى أحضان الدولة المصرية لأنه وللمرة الأولى منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979 تتواجد قوات الصاعقة والمظلات والعديد من عناصر النخبة فى الجيش المصرى بتلك الكثافة على الحدود مع غزة تسيطر على المنطقة وتطارد العناصر المسلحة التى تحارب تحت راية الإخوان بأسماء إعلامية مختلفة "مثل جماعة بيت المقدس وحماس والقاعدة وداعش وجند الله... إلخ". وتحت فكر المرجعية الإخوانية "سيد قطب" من النظام السياسى ومن المجتمع، فهو يدعو لتغيير المجتمع ومحاربة النظم السياسية القائمة حتى تكون الحاكمية فيه لله ولعل كتابه "معالم فى الطريق" و ما ورد فيه من أقول مباشرة لا ريب فيها خير دليل على تطرف الرجل وجاهليته حين يقول: (فليس لأحد أن يقول لشرع يشرعه الله: هذا شرع الله، إلا أن تكون الحاكمية لله معلنة، وأن يكون مصدر السلطات هو الله سبحانه لا "الشعب" ولا "الحزب" ولا أى "بشر"). ويرى زعيم الإرهاب العالمى الإخوانى "سيد قطب"، أن الأنظمة السياسية الموجودة على الساحة فى المنطقة العربية من مخلفات الغزو الصليبى لبلاد المسلمين فى القرن التاسع عشر، وأن هذه الأنظمة جاهلية لأنها لا تقر لله بالحاكمية، وإنما تعتدى على سلطان الله، وتدعى لنفسها الحاكمية، فما تحله لنفسها فهو الحلال، وما تحرمه لنفسها فهو الحرام، فهى جاهلية معاصرة إن صح التعبير. لقد تسبب قرار الجيش المصرى فى إنهيار "دولة الأنفاق" التى كانت تمد مشروع الأخوان المزعوم بالسلاح والرجال المدربين ويختبىء فيها كل فئران الأرهاب التى تحلم بدولة خلافة على غرار دولة داعش ومن خلفها آلة إعلامية تتقدمها الجزيرة وبعض الصحف والأقلام الغربية ودعم مالى وسياسى يقوده أمير قطر ورئيس تركيا الإخوانى المتغطرس رجب طيب أردوغان الذى يقود دولة دستورها وجيشها علمانى إلى هوية التطرف الدينى جريا وراء إحياء دولة الخلافة العثمانية مجددا. ما أدهشنى هو هجوم بعض من النشطاء والنخبة على هذا القرار ومحاولة تصوير الأمر على أنه عملية تهجير ممنهجة تستهدف أهالينا فى سيناء فى تبنى واضح لمنهج الحملة الأخوانية وقناة الجزيرة ومحاولة الربط بين قرارات التهجير التاريخية لأهالينا فى بورسعيد وقت العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وأهالينا فى السويس وقت حرب الأستنزاف وقبل حرب أكتوبر 1973 والتى شملتتهجير 3 ملايينمواطن تفرقت بهم السبل بين المحافظات. لم يزايدوا ولم يحصلوا على تعويضات فكان القرار والفعل ورد الفعل وطنى خالص لأجل المصلحة العليا للبلاد؛ الفرق الذى لم يدركه هؤلاء المتعاطفين مع الحملة الأخوانية أن مأساة أهالينا فى بورسعيد والسويس والاسماعيلية لم يتاجر بها أحد ولم يوظفها أحد من أجل مصالح ضيقة لا علاقة لها فعليا بالحرب التى تقودها الدولة المصرية على الإرهاب. ما يحدث على الحدود المصرية مع قطاع غزة وغيرها من خطوات ضبط الأمن على الحدود شرقا وغربا وجنوبا وشمالا من وجهة نظرى هو إصلاح واجب لمنظومة أمن واستقرار هذا الدولة وتصحيحا لمفاهيم فاسدة وتراكم لفساد تسبب فى بناء هذا الكم الهائل من المنازل على الحدود وخلق كيانات موازية يتم توظيفها ضد مصالح الدولة المصرية ولا تساهم فى حل مشكلات قطاع غزة بل خضع القرار والمصير والأستفادة والمصالح لقرارات منظومة الفساد وتلك الجماعات التى أستهدفت مصر وجيشها وشعبها وتسببت فى إنشاء "دولة الأنفاق" بكل قواعدها التى أرتبطت بمصالح ضيقة لتنظيم يدير قطاع غزة "حماس" من جانب ومجموعة من المهربين على الجانب الأخر وسرعان ما تلاحقت الأحداث وتم توظيفها لمصالح وأهداف حركات وتنظيمات مسلحة تعمل تحت راية وبصر كل الأطراف والنتيجة كل ما حدث من عمليات تسببت فى أنهار من دموع الأمهات وشلالات دماء الشهداء من الجنود والأبرياء. الهدف أصبح واضحا وجليا لمن يريد أن يرى ويدرك بعيدا عن المواقف السياسية؛ فقط تحتاج لأن تستظل حينها بعلم مصر وأن تقف تحت رايتها دون حسابات ضيقة؛ لأن محاولة إثارة أهل سيناء وتصدير فكرة أن الجيش عدو لهم ويعمل ضد مصالحهم واضحة ومكشوفة بعد أن انهارت "دولة الأنفاق" وفرض حصار على كل الخلايا الإرهابية؛ هدف الإثارة هو أن تصبح قبائل سيناء ومنازلها حاضنة لتلك العناصر وتحميها من قبضة الجيش بل وأن ينخرط شبابها فى قتال ضد القوات التى تشارك فى العملية العسكرية هناك. الهدف الأكبر هو تدمير مؤسسة الجيش وخلق حالة من الغضب عليها من المواطنين فى سيناء وبقية بقاع المحروسة وإن أمكن محاولة ضرب تلك المؤسسة من الداخل ولعل إشاعة زيادة فترة التجنيد اللتى تبنتها بعض الصفحات الأخوانية محاولة جديدة لتكرار سيناريو أحداث الأمن المركزى الشهيرة عام 1986. الإخوان يدركون أن دولة المؤسسات هى الحائل بينهم وبين ابتلاعهم للدولة المصرية والسيطرة عليها وأن الجيش والقضاء والإعلام مؤسسات حالت دون نجاح مشروعهم الإقليمى وأن العودة مجددا تتطلب موجة ثورية تطيح بتلك المؤسسات جمعاء وأن التدمير الذاتى لتلك المؤسسات من الداخل هو السبيل الأقرب وأن إشاعة مناخ الإحباط بين جموع المصريين هو السبيل لفقدان الثقة بين تلك المؤسسات والمواطنين. وأن إفشال كل الجهود والمشروعات وخطط التنمية هو عودة لا مفر منها لشعارهم الخادع: "الإسلام هو الحل"؛ فهل يدرك القائمون على الأمر خطورة تلك الأهداف ويعملون بجدية على صناعة الأمل لهذا الشعب الذى عانى الويلات خلال السنوات الأخيرة حماية لمصر وشعبها ولتلك المؤسسات.