صحوة قصة : أميرة سعد الدين -------------------------------------------------------------------------------- بدأت الشمس رحلتها إلى المغيب ... وبدا الكون في لحظة بين الصخب والسكون ... لحظة فيها ألوان الغروب الوردية تتسلل عبر شفافية السماء , فكأنما هي بسمة عذراء خجلة ... وتمضي الشمس في رحلتها لتترك الفضاء رمادي باهت ... ووسط ظلال المساء تسلل هو في هدوء .... ولمحهما ... لمح خطواتهما تلثم رمال الشاطئ في تأن ... كانا صامتين .... وعيناهما منجذبة لزبد البحر الذي يذوب بين خطواتهما ... يحتضن هو أناملها ويضمها لصدره لتشعر هي بنبضاتهما المتناغمة .... تتوقف عن السير فيتطلع هو إليها في حب جارف ويهمس : " ما بك ِ ؟ " تقبض على كفيه بقوة أكبر وتتشبث به هامسة : " أنه الغروب ... أصبحت أكرهه لأنه يخطفني منك َ " يقبل كفيها ويحيط كتفيها بذراعيه قائلاً : " فماذا أقول أنا يا حبيبتي !! ... أنا أيضاً لم أعد أقوى على فراقك ِ ... وكم أتمنى اليوم الذي نجتمع فيه على غير فرقة " تجلس على الرمال متمتمة : " متى !! ... متى يأتي هذا اليوم ؟! ... متى ! " يجلس إلى جوارها قائلاً : " بإذن الله قريباً ... بإذن الله يا حبيبتي ..." يتطلع إلى عينيها ويبتسم متابعاً : " أتعرفين .... منذ أن رأيتك ِ أول مرة وجدت نفسي أسيراً لعينيك ِ هاتين , ووجدتني لا أفعل شيئاً سوى متابعتك ِ ... ( يضحك ) وإن كنت ِ أوشكت ِ على قتلى يومها ... " تدمع عيناها ضحكاً وتتطلع إلى السماء قائلة : " بالطبع ... ألم تكسر إسطواناتى الموسيقية الجديدة !! .. " " لكنى لم أقصد .. " " ولهذا سامحتك َ .. " " حبيبتي ... " " ماذا ؟ .. " يحتضن كفها متابعاً : " هيا كي أوصلك ِ للبيت ... ستتأخرين " تسلل نحوهما دون أن يشعرا به ... واقترب منهما وهي تلقى بجسدها على الرمال وتقول : " لا ... بل انتظر... ودعني استلقي تحت النجوم قليلاً .." يقترب أكثر حتى يصبح على قيد خطوة منهما وما زالا لا يرياه وسمعه يقول لها وهو يتكئ على ذراعه إلى جوارها ويداعب شعرها : " لقد أعطيت وعداً لوالدتك ِ بأن أعيدك ِ للمنزل مع الغروب ... " تنظر له باسمة وتفكر أنه من الرائع أن يخاف عليها لهذا الحد ... يهمس لها في حب : " كم أنت ِ جميلة !! ... " تبتسم في خجل دون أن تجيب .... ويفكر هو في نفسه أنه يعشق عينيها بجمالهما الهادئ البريء .... وقال في نفسه : " كم أحب مغازلة عينيها وأهدابها الرائعة السمراء .. " يهمس له المتسلل : " ألا تنظر ولو مرة لشفتيها مثلاً !! أنظر كم فاتنتان .... وجسدها أنظر إليه أليس مغرياً !! .. أو ....." يهز رأسه لينفض منها هذا الخاطر ... لكنه وجد نفسه بدون وعي منه يتطلع لشفتيها ... وبشرتها النضرة ... وجسدها الفتي البض .. فتغيم عينيه ... ويهمس لها مداعباً خصلات شعرها المتهدلة على وجنتيها بلمسات ساخنة : " أتعلمين أن شفتيك ِ رائعتان ... " تتطلع إليه في دهشة ... إنها المرة الأولى التي يعاملها فيها بهذه الطريقة ... كل شيء به أصبح غريباً فجأة ... غير ما اعتادته لمساته لبشرتها مثيرة جداً ... ونظراته .. تربك أنفاسها ... وتتركها عاجزة عن أي رد فعل ... يهمس لها المتسلل : " لماذا تندهشين !! .. ألست ِ خطيبته , وسوف تصبحين زوجته ! ألا ترغبين مثلاً في أن يضمك ِ لصدره و يلثم شفتيك ِ ولو مرة واحدة .... " فوجئت به يقترب منها هامساً باسمها .... ويضمها إلى صدره .. تجمدت لحظة ثم وجدت نفسها تغيب بين أحضانه .. أغلقت عينيها وأراحت رأسها على كتفيه ... مرت لحظات لم يدريا كم عددها .. أبعدها بعدها عن صدره وأقترب منها أكثر ... وعينيه مثبته على شفتيها .... وسكن لحظة يتطلع إليها .. يهمس له المتسلل الآن : " ماذا تنتظر !! ... إنها مجرد قبلة ! ... ألا تريد أن تتذوق طعم قبلتها !! .. يا لك َ من رجل ... " يقترب منها أكثر .. وأكثر .. ويتجمدا لحظة كأنها دهر ... يلمس بشرتها بأنامله الدافئة ... تلمس هي قوة ذراعيه .... و ... ويتوقفا بعدها فجأة ... ويهتفا معاً : " لا .... لا " تتلاحق أنفاسهما ... تبتعد هي عنه ... ويدير هو رأسه في توتر وهو يمرر أنامله بين خصلات شعره .. وينهض .. ويمد لها ليساعدها على النهوض وكل منهما يتمتم في خفوت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... يصرخ المتسلل بصوت غير مسموع .... وتشتعل فيه النيران غير المرئية .. تلتهمه بداخلها ... ويتحول شيئاً فشيئاً إلى رماد أسود ملتهب ... ويصرخ : لااااااااااااااااااااااااااااااااا يربت الشاب على كتف خطيبته في حنان قائلاً : " هيا ... هيا لأعيدك ِ إلى المنزل .... " تبتسم في امتنان وتقول : " هيا ... "