قررت الحكومة الزيمبابوية طباعة "سندات خاصة" دون غطاء دولاري أو ذهب، الأمر الذي أثار مخاوف العديد من الزيمبابويين، خاصة أن لهم تجارب مريرة في هذا الشأن عام 2009؛ حيث خسروا كل مدخراتهم في سنوات التضخم الماضية، وجاءت المخاوف من تكرار الأزمة في ظل تطلع حكومة الرئيس روبرت موجابي، إلى إصدار ما يسمى ب "المال البديل"، المقرر الشهر المقبل. خطة الحكومة الجديدة جاءت ردًا على نقص الدولار الأمريكي فيها، وهي مشكلة حقيقية تضاف إلى المشاكل الاقتصادية المتراكمة في زيمبابوي، فالبنوك بالكاد قادرة على الحصول على النقد، كما أن عددا قليلا من الشركات المتبقية توشك على التوقف، فالحكومة فشلت مرارا وتكرارا في دفع رواتب الجنود والموظفين المدنيين في الوقت المحدد. وتستخدم زيمبابوي الدولار الأمريكي كعملة رسمية منذ عام 2009، بعدما بلغ التضخم ذروته ب500 مليار فى المئة، وتم التخلي عن العملة الوطنية وهي الدولار الزيمبابوي، ففي خضم الأزمة الاقتصادية التي جعلت الدولار الزيمبابوي بلا قيمة، كان الأهالي مضطرون لحمل حقائب مليئة بالنقود من أجل التسوق وشراء احتياجاتهم الأساسية، وكانت الأسعار تتضاعف بشكل جنوني، ما دفع الحكومة إلى تعليق العمل بالعملة المحلية. وفي محاولة حكومية أشبه بذر الرماد في العيون، أعلنت حكومة زيمبابوي عام 2015 أن مالكي الدولار المحلي، الذي تم تعليق العمل به منذ سنوات، بإمكانهم تحويل أرصدتهم إلى دولار أمريكي، بحيث يساوي الأخير 35 مليون مليار (كوادريليون) دولار زيمبابوي. وتسعى الحكومة الزيمبابوية لمكافحة التضخم غير المسبوق الذي ضرب البلاد قبل أعوام؛ من خلال قرارها بتعليق التعامل بالدولار المحلي، واستبداله بالدولار الأمريكي أو الراند الجنوب إفريقي، وجاء القرار الحكومي بعدما وصل سعر السنت الأمريكي الواحد إلى 500 مليار دولار زيمبابوي عام 2008، حسبما نشرت صحيفة "جارديان". ورغم محاولة محافظ البنك المركزي، جون مانجيدا، تهدئة المخاوف من الإجراءات التي تسعى السلطات الزيمبابوية اتخاذها بإصدار عملة جديدة، على اعتبار أنها "تدابير قصيرة الأجل"، إلا أن هذه التطمينات من غير المرجح أن تقنع المستثمرين الذين انسحبوا من زيمبابوي بسبب نظام موجابي الاستبدادي، حيث تجبر القوانين الشركات الأجنبية لبيع جزء كبير من أسهمها للسكان المحليين، وللفساد المستشري، حيث أغلقت ما لا يقل عن 4600 شركة في السنوات الثلاث الماضية، وفقا لبيانات البنك المركزي حصلت عليها وكالة أنباء بلومبرج. والجدير بالذكر، أن حكومة موجابي كانت مواكبة لتدهور الاقتصاد الزيمبابوي من بدايته وحتى يومنا هذا، فروبروت موجابي البالغ من العمر 91 سنة، هو رئيس لزيمبابوي منذ ديسمبر 1987، أي ما يقارب الثلاثون عامًا، الأمر الذي لا يطمئن المواطنين ولا المستثمرين. اقتصاد زيمبابوي رغم وعود حكومة حزب زانو الحاكم في زيمبابوي بتنفيذ خطة اقتصادية طموحة للبلاد يتوقع من خلالها نمو اقتصادي بقيمة 2،7٪، طبقًا لتصريحات وزير المالية باتريك شيناماسا، إلَّا أن زيمبابوي مازالت تعاني من أزمات صعبة. وكان الاقتصاد لزيمبابوي انكمش بشكل كبير بعد عام 2000، ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي بالنسة للدولة وانتشار الفقر والبطالة بمعدل 80 % بسبب قرار المحكمة العليا في يوليو من العام الماضي بالسماح لأصحاب العمل بإقالة العمال في غضون مهلة ثلاثة أشهر، ما تسبب في تأثر ما يقرب من 30 ألف موظف، بالإضافة لمشاركة زيمبابوي في الحرب بجمهورية الكونغو الديمقراطية في الفترة من (1998-2002) كل ذلك مهد الطريق لهذا التدهور من خلال تغريم الاقتصاد مئات الملايين من الدولارات، ومثّل التضخم مشكلة رئيسية من عام 2003 إلى 2009، عندما علقت البلاد عملتها الخاصة، كما تواجه زيمبابوي تضخم بمعدل 231 مليون فى المئة وبلغ ذروته عام 2008. والجدير ذكره أن الولاياتالمتحدة وأوروبا كانتا فرضتا عقوبات اقتصادية على زيمبابوي، لكن في فبراير عام 2014، وافق وزراء الاتحاد الأوروبي على تعليق العقوبات المفروضة البلاد باستثناء المفروضة على الرئيس روبرت موغابي وزوجته كريس، وصدق وزراء الزراعة الأوروبيين على قرار تعليق حظر السفر وتجميد الأصول المفروض على ثمانية أشخاص بعدما وافقت حكومات الكتلة الأوروبية بصورة غير رسمية على هذه التغيرات. مستقبل الاقتصاد الزيمبابوي لا يبدو الحال مبشرًا بالنسبة لاقتصاد البلد الذي يمتهن حرفتي الزراعة والرعي، حيث يعمل بالزراعة 69 % من القوة العاملة، وأبرز الحاصلات الزراعية لديه هي الذرة والقمح والأرز، ومن الحاصلات النقدية القطن وقصب السكر، كما ينتظر مخاطر زراعية جمة، فللجفاف الحالي الذي تمر به البلاد تأثير مدمر على الموسم الزراعي، كما أن الواقع على الأرض يظهر أن معدل البطالة سيستمر في الزيادة خلال عام 2016 مع تقارير تفيد بأن وزارة الكهرباء القابضة تخطط لتسريح ألف موظف بينهم 700 عامل و300 موظف دائم، ويبدو أن العثرات التي يمر بها الاقتصاد الزيمبابوي جعلت مواطنيه يرفضون تقاضي رواتبهم بالعملة المحلية التي سيتم طرحها، وبقائهم على الدولار الأمريكي مستقر القيمة.