تحركات دولية، وإن لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الساحة الفلسطينية، إلا أنها تعطي بصيص أمل للشعب الفلسطيني الذي يسعى إلى استراد حقوقه المنهوبة من الكيان الصهيوني، فزيارة وفد من المحكمة الجنائية الدولية يعتبر خطوة أولى على طريق فتح المستندات التي قدمتها السلطة الفلسطينية منذ سنوات للمحكمة، والتي قد تقود إلى الاعتراف بالجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني. زيارة الجنائية الدولية أعلن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أن وفد المحكمة الجنائية الدولية يصل فلسطين، اليوم السبت، وسيعقد على مدار يومين عددًا من اللقاءات أبرزها مع اللجنة الوطنية المختصة بالجنائية الدولية، وعدد من الخبراء القانونيين، وأضاف أن الوفد سيلتقي المسؤولين الفلسطينيين؛ لإطلاعهم على صورة ما يقوم به مكتب المدعية العامة حول الفحوصات الأولية للتحقيق في الملفات التي قدمتها فلسطين للمحكمة، ومن المقرر أن يجري الوفد لقاءات مع دبلوماسيين ورجال قانون إسرائيليين وفلسطينيين في تل أبيب والقدس ورام الله، ولا يشمل جدول الوفد زيارة قطاع غزة، فيما سيشارك أعضاء الوفد في مناسبتين ستقامان في مؤسسات أكاديمية وفي لقاءات مع وسائل الإعلام، كما سيلتقي أعضاء الوفد ممثلي تنظيمات الأممالمتحدة الفاعلة في إسرائيل والسلطة الفلسطينية. في ذات الإطار أوضح مكتب المدعية في لاهاي أن الوفد لن يقوم بجمع أدلة مباشرة أو جمع إفادات في الموضوع، ولن ينشغل في فحص الجهاز القضائي الإسرائيلي، وأضاف أن هدف الزيارة هو زيادة الفهم في إسرائيل والسلطة الفلسطينية لدور المحكمة ومكتب المدعية العامة، وحسب بيان المكتب فإن الهدف هو القيام بنشاط إعلامي وتثقيفي حول عمل مكتب المدعية وتوضيح المفاهيم الخاطئة بشأن محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وشرح معنى الفحص المبكر الذي يجري حالي. ترحيب فلسطيني.. وانتقاد لتجاهل غزة على الرغم من أن هذه الزيارة إعلامية وتثقيفية فقط على حد قول مكتب المدعيه العامة، إلا أنها لاقت ترحيب مسئولين فلسطينيين، حيث قال المسؤول في وزارة الخارجية الفلسطينية، عمار حجازي، إن فلسطين هي اختبار حقيقي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا أعتقد أن بإمكانهم الإخفاق في هذا الاختبار، واعتبر أنه إذا أخفقوا في الاختبار، فإن المحكمة الجنائية الدولية بأكملها والنظام الجنائي الدولي بأكمله سينهاران. من جانبه رحب الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، بأول زيارة يقوم بها وفد المحكمة الدولية للأراضي المحتلة، منوهًا بأن الزيارة تأتي في ظل التحقيق الأولي الذي فتحته المدعية العامة للمحكمة حول الوضع في فلسطين، وأضاف أن الزيارة تأتي أيضًا في ظل الملفات التي قدمها الجانب الفلسطيني للمحكمة، وتؤكد من خلال ما تتضمنه من إثباتات وقرائن ومعطيات، على وقوع جرائم إسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذه الزيارة تشكل نقطة تحول مهمة في ترسيخ كل الآليات لمحاكمة الاحتلال. على الجانب الآخر انتقد المتحدث باسم حركة حماس، فوزي برهوم، عدم زيارة الوفد لقطاع غزة، حيث قال إن عدم زيارة الوفد لغزة إهانة لضحايا الإرهاب الإسرائيلي، فالوفد يجب أن يؤدي واجبه، ويتوجه إلى غزة؛ لمشاهدة مسرح الجريمة والاستماع إلى الشهود؛ لكي يفهم حقيقة الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة. انضمام فلسطين للجنائية.. والرعب الصهيوني بدأ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، جهود الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية أواخر عام 2014، بعد فشل الجهود لتمرير مشروع قرار دولي عبر مجلس الأمن يضع جدولًا زمنيًّا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وفي يناير عام 2015 أعلنت الأممالمتحدة قبول فلسطين كعضو في المحكمة، وانضمامها لاتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، والتي دخلت حيز التطبيق بعد 3 أشهر. ففي إبريل عام 2015، أعلن الناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبد الله، أن فلسطين انضمت رسميًّا إلى المحكمة الجنائية الدولية بصفة عضو كامل الحقوق، وأوضح أن اتفاقية روما التي تعتمد عليها المحكمة في أنشطتها، دخلت اليوم بكامل بنودها حيز التطبيق بالنسبة لفلسطين، بما في ذلك حقوق وواجبات الدولة العضو، وحينها سارعت السلطة الفلسطينية بتقديم ملفات مفصلة حول الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وجريمة حرق عائلة دوابشة في بلدة دوما قرب نابلس، على يد مستوطنين إسرائيليين، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2014، وغيرها من الجرائم الصهيونية. وفي ذلك الوقت أعلن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، واصفًا الخطوة بأنها نحو إنهاء حقبة عدم المساءلة والإفلات من العقاب، وجاءت تصريحات المالكي أثناء حفل أقيم بمقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بمناسبة انضمام فلسطين للمحكمة، إذ تسلم وزير الخارجية خلال الحفل نسخة خاصة من اتفاقية روما، وأشار وزير الخارجية الفلسطيني حينها إلى أهمية اتخاذ كافة الخطوات الممكنة لضمان المساءلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وأضاف أن انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ليس حقًّا فقط بل واجبًا في وجه الظلم الدائم والكبير الذي يتعرض له شعبنا، والجرائم المتكررة التي ترتكب ضده، مشددًا على أن قرار فلسطين للانضمام هدفه السعي لتحقيق العدالة وليس الانتقام. من جهتها واجهت إسرائيل فكرة انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية بانتقادات شرسة، خشية مواجهة مواطنيها بقضايا دولية، وللحيلولة دون تعزيز الوضع الدولي لفلسطين على خلفية هذا النجاح الدبلوماسي الفلسطيني، وبعد إعلان الفلسطينيين عن توقيعهم على اتفاقية روما، ردت إسرائيل بتجميد تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى رام الله، كورقة ضغط أدت إلى تعميق الأزمة المالية التي تمر بها الضفة الغربية.