◄ دخولي عالم الكارتون صدفة.. وأول لحن أنتجته وعمري13 عاما ◄ لا أتعامل مع الموسيقى كمهنة.. ولست راضيا عن مستوى الكارتون الحالي ◄ أعشق العمل خلف الكواليس.. والتعامل مع الأطفال أصدق مجال لم يخطر ببال طارق العربي طرقان، رائد تلحين شارات "تتر" كارتون الأطفال حين خطى خطواته الأولى في بيت جده بدمشق، أنه سيترك بشارات "ماوكلي، كابتن ماجد، كونان، عهد الأصدقاء، سابق ولاحق" وغيرها الكثير، بصمة لاتنسى في مجال التلحين للأطفال، وأن الله سيمنحه حب جيل كامل نشأ وتربى على سماع ألحانه وكلماته التي نحتت في عقل جيل بأكمله. ينطبق عليه المثل "صدفة خير من ألف ميعاد"؛ فلم يخطط طرقان في يوم من الأيام لدخول مجال الكرتون، لكن الأقدار شاءت له أن يسير في هذا الطريق بدخوله مركز الزُهرة الذي تولى دبلجة معظم الأعمال الكارتونية المقدمة عبر شاشات التليفزيون خلال حقبة التسعينيات. علاقته بالأطفال كانت من "من القلب للقلب"، واعتبر أن أصدق مجال للعمل هو التعامل معهم، ومستاء كثيرا من المستوى الذي وصل له الكارتون حاليا، لكنه راضٍ عن مشواره، ويعتبر أن التكريم الحقيقي بالنسبة له، حب الشباب الذين تربوا على ألحانه، واختار الاستقرار بمصر لأن طباع مواطنيها متشابه مع طباعه بشكل كبير. من جانبها، التقت "البديل" بصانع بهجة الطفولة، وأجرت معه الحوار التالي: متى اكتشفت موهبة التلحين لديك؟ من زمان جدًا، أول لحن عملته كان عمري 13 سنة، بالمرحلة الإعدادية وقتها، كان مجرد محاولات، وبعدها بحوالي 22 سنة، استخدمت نفس اللحن لبرنامج في التليفزيون. ما قصة استخدام اللحن؟ وهل كان هناك اعتراض عليه لقدمه؟ كان لدي صديق مخرج، طلب مني لحن لشارة برنامج طبخ، وكان مستعجلا عليها جدًا ومحتاجها خلال يومين فقط، وعادة شغل التلحين يحتاج تحضير ذهني ووقت عشان تقدم منتج كويس، حاولت إني أفكر في لحن جديد لقيت الموضوع صعب، خطر في بالي أول لحن لي في حياتي، جهزت له كلمات وقدمناه، ومكنش فيه اعتراض عليه؛ لأنه قديم، بل بالعكس كان خفيفا ومختلفا عن الطريقة السائدة في هذه الفترة. هل خططت لدخولك مجال تلحين شارات الكارتون؟ بصراحة لا، من زمان كنت بعمل أغاني بكتب كلماتها وبلحنها لنفسي بس ومكنتش حابب إني أدخل المجال ده، بعد كده اكتشفت إن هو ده مجالي "كل الدروب تؤدي إلى الطاحون"، بمعنى حب الكتابة حب التلحين، كله كان بياخدني لطريق الأطفال، وبعتبر إن مقولة "كل ميسر لما خلقه" تنطبق عليا بشكل كبير. هل سبقك أحد في العائلة إلى الموسيقى؟ العائلة كلها موسيقيين، الكل بيعزف إما عود أو جيتار، ولي خال كان عازف كمان في أول فرقة موسيقية بالتليفزيون السوري، بجانب 3 شعراء آخرين في العائلة. لماذ لم تفكر في تسويق نفسك بألحانك التي أنتجتها؟ وقتها مكنتش شايف نفسي ملحنا، كنت واخد الموضوع هواية ألحن مع أصدقائي، لكن إني أقف على مسرح وألحن وأغني قدام الناس كان الموضوع بالنسبة لي صعبا، بجانب إني مش بحب اسمي نفسي موسيقيا أو ملحنا لأني مبتعاملش مع الموسيقى كمهنة، فالشيء متى انقلب من هواية إلى مهنة واحتراف تفقد متعته، وفي الوقت اللي سأعترف فيه إني احترفت شيء مستوايا هينزل لأن أي ضغط بتتعامل معاه كهاوٍ بيبقى أفضل من إنك تتعامل معاه كمحترف. كم عدد الألحان التي أنتجتها كهاوٍ قبل دخولك مجال تلحين شارات الكارتون؟ من أول ما بدأت تلحين حتى بداية عملي في مجال الكارتون، أنتجت 300 لحن احتفظت بها لنفسي، واللي يعرفها كان أصحابي، لحن واحد بس منها سجلته مع أصدقائي بصوتي ونزل كاسيت بس منزلش باسمي، ومحاولتش استخدم ولا لحن منها في الكارتون. متى بدأت التلحين للأطفال؟ وهل اعترضك الأهل على السير في هذا المجال؟ بدأت التلحين وعمري 32 سنة تحديدًا سنة 1991، ولم أواجه اعتراضا من الأهل بالعكس تمامًا أنا اتربيت في بيت جدي لأمي، كان فيه 9 عاشقين للموسيقى مع دراستهم الأكاديمية، فأمي حاصلة على دكتوراة في العلوم الجنائية وخالي مثلها، ولي خالان آخرين أطباء بشريين، وأول آلة موسيقية في حياتي كانت "الماندولين" أهداها لي خالي، وبالنسبة لاعتراضهم كان وقت الدراسة فقط، فرغم أن خالي أهداني آلة موسيقية، إلا أنه وقت الدراسة كان يتشاجر معي خوفًا على دراستي، ويقول "مش هينفعك الجيتار" وبعد مرور 15 سنة قال لي "أنا آسف إني قولت ليك إن الجيتار مش هيفيدك". ما قصة دخولك هذا المجال؟ دخول مجال التلحين للأطفال حصل بالصدفة، قبلها بفترة كنت سجلت أغنية مع أصدقائي ونزلت كاسيت، اللي سجل الأغنية كان أخو صديقي، وبعد مرور 7 أو 8 سنوات كنت شغال في مطعم وقابلت أخو صديقي ده، اشتكى لي من إنه اتفق مع ملحن لتلحين شارة كارتون جديد اسمه "ماوكلي"، لكنه للأسف 3 مرات أخلف موعد اللقاء، عرض عليّ إني ألحنها فوافقت، ومن حسن الحظ إن مركز الزُهرة الذي تولى دبلجة الكارتون كان على بعد 30 مترا من المطعم اللي كنت شغال فيه. ما قصة أول لحن لك؟ أول لحن كان لكارتون "ماوكلي"، لما بدأت ألحنه أمام فريق عمل مركز الزُهرة، لاحظت أنهم بيضحكوا بس مش سخرية مني، كنت مستغرب منهم، بعد ما خلصت عرفت إني مطلوب مني أقدم اللحن باللغة الفصحى وليس العامية، واضطريت إلى كتابة الكلمات من جديد بالفصحى. ما طريقة سير العمل داخل مركز الزهرة؟ أي منتج كارتون كان بيوصلنا في مركز الزهرة، كان بيبقى بالشارة الأصلية مهمتنا إننا نحذف الشارة الأصلية ونعمل تتر يناسب مجتمعنا لأن الشارة كانت بتوصل رسالة لأهل الطفل ملخصها "اطمنوا على ولادكم"، وفي شغلنا هدفنا مكنش مقتصر على الطفل بس لا كنا مستهدفين الأسرة كلها، ووقتها رد الفعل على شغلنا مكنش بيوصلنا بسرعة من الجمهور زي دلوقتي كنا ممكن نوصل لسنة أو سنتين إلى أن يصل إلينا تعليق على منتجنا. بما أنك كاتب معظم الشارات التي لحنتها.. هل واجهت اعتراضا عليها خصوصًا مع تركيزك على اللغة العربية في الشارات؟ في أوائل الشارات التي كتبتها، البعض كان بيعترض على أني بقدم للطفل شارة بتحوي مضمون يفوق سنه، مثلا شارة عهد الأصدقاء "حلمنا نهار.. نهارنا عمل.. نملك الخيار.. وخيارنا الأمل"، كنت بتعتبر الكلام ده خطأ لأن تعلمنا للغة يبدأ من الصفر، والطفل بيفهمها من الاستيعاب مش القراءة، فلو مسمعش كلمات زي كدا في صغره هيسمعها امتى. كيف نجحت في تطويع ألحانك لكلمات اللغة العربية؟ فيه ملحنين كتير بيكسروا الكلمات عشان تناسب اللحن، لكن بالنسبة ليا أنا كنت أمتلك سابق خبرة في كتابة الكلمات والشعر، وكنت في شغلي دايمًا بعمل اللحن اللي يمشي مع الكلمات حتى لا تظهر كلمات الأغنية مكسورة من أجل اللحن. ما أكثر الألحان قربًا إلى قلبك؟ الحقيقة حتى الآن مش حاجة ثابتة لأنك ممكن تسألني دلوقتي أقولك الشارة الفلانية وبعدها بفترة أقولك حاجة غيرها، وده سببه إن كل عمل مرتبط بظروف وخصوصيات معينة. أي الأصوات التي تعاملت معاها وأدت اللحن بالطريقة التي تريدها "رشا رزق، ثائرة حويجة، هالة الصباغ"؟ ولسه على تواصل معاهم؟ مش بحب أظلم حد، تقريبا كل اللي اشتغلت معاهم وصلوا وحققوا اللي أنا عايزه، وبعدين أنا وظفتي آخد اللي عايزه، يعني ممكن بعد ما أسجل وأوصل لآخر الشارة، ألغي كل اللي عملته وأرجع أسجل من جديد، وحتى الآن لازلت على تواصل معهم. هل خطط لأولادك "محمد وديما وتالا" دخول المجال؟ كنت سايبهم براحتهم بس دائمًا كنت باستخدم أصواتهم كأطفال في الكورال خلال الشارات التي أنتجتها، "العملية زي ماتكون متربي في بيت فران هتعرف كل حاجة عن المهنة وأساسيتها وهتطلع ع المجال وممكن تحبه وتستمر فيه". من أكثر فرد في أبنائك تشعر عائلتك أنه يشبهك في التلحين؟ بعيدًا عن المجال كل الأولاد في العموم بياخدوا صفاتهم من آبائهم، بس أنا مش هنبسط لو لقيت مثلًا إن ابني نسخة مني، كل واحد لازم يبقى له شخصيته المنفرده. لماذ لم تفكر في دخول مجال التلحين للفنانين؟ أصدق مجال هو التعامل مع الطفل، سواء موسيقى أو كلمات أو غناء لأني مش مستني من الطفل مردود، والأطفال أصدق جمهور بيتعاملوا دايمًا من القلب للقلب وأحب دائمًا أن أبقى خلف الكواليس، فبالتالي ده أنسب مجال ليا. هل تشعر بالرضا عن مستوى الكارتون الحالي؟ لا، لأسباب كتيرة، منها أن إنتاج الكارتون أصبح ميالا للعنف، وأنا هنا مش بقصد الكارتون العربي بس لا العالمي كله، نوعية التفكير اتغيرت عن زمان، يعني مثلا ممكن يتعمل عمل كارتوني عشان تسويق لعبة. هل تشعر بأنك مكرم فنيًا على مستوى الوطن العربي؟ أشعر أني أخذت أكثر من حقي من خلال من كانوا أطفال وقت بدايتي؛ لأن زي ما قولت ليك سابقًا، أصدق مجال هو مجال الطفل، فلما لحد دلوقتي تلاقي شاب عمره 30 أو 40 سنة وبيبعت ليك كلمة شكر، فدي أكتر نتيجة كنت بتمناها، عن وسام من جه ولا مئات آلاف الأوسمة. لماذا فضلت الاستقرار في مصر؟ طباع المصريين متشابه معانا لأقصى حد، ولما استقريت في مصر لم أشعر بغربة، كأني طلعت من محطة لمحطة تانية متغيرش جوايا أي إحساس لحد دلوقتي، مش بحس إني غريب في مصر وده كان سبب رئيسي في اختياري الاستقرار في القاهرة.