عاد كورنيش النيل بمدينة المنيا إلى أسوأ مما كان عليه قبل عملية تطويره وتجميله، العام الماضي، في عهد المحافظ السابق صلاح زيادة؛ حيث طالته يد الإهمال؛ بعدما استولى عليه الباعة المتجولون وأصحاب الغرز والكافيتريات والملاهي، وبات مرتعا للبلطجية ومروجي الكيف، ولم يعد متنفسًا للعامة والغلابة رغم تصنيفه كأفضل وأطول متنزه في مصر. بعد عملية تطوير الكورنيش، التي شملت إعادة ترميم الأجزاء التالفة، وتجميل ممرات المشاة على امتداده، وإعداد مدرجات لجلوس المواطنين، مع تأهيل الأرصفة والأسوار، والحفاظ على المساحات الخضراء، وإزالة الإشغالات كافة، وزرع الأشجار والنجيلة، عاد الكورنيش إلى سابق عهده؛ حيث العشوائية والبلطجة. من جانبها، رصدت «البديل» مظاهر العشوائية والعبث التي طالت كورنيش المنيا، في ظل تراخي الجهات المختصة، فتحول الكورنيش من موقع للتنزه وممارسة الرياضة، إلى ما يشبه مواقف السيارات، والأسواق الشعبية، وبعدما كان يجلس كبار السن للاسترخاء، وعشرات الطلاب يوميًا؛ لاستذكار دروسهم، أصبح المتنزه أداة لطرد المترددين، ومصدرًا دائمًا للإزعاج والتلوث السمعي، فالتهم أصحاب ملاهي الأطفال بصورة مفزعة، الكورنيش، وباتوا مصدرا للضجيج من خلال مكبرات الصوت التي تعلو بأغاني سوقية تخدش الحياء والذوق العام. في المنطقة المواجهة لمديرية أمن المنيا، تستأجر سيدة تدعى "زينب" كشك أمامه مقاعد ومناضد بطول 40 مترًا، بجواره ملاهي أطفال عبارة عن سيارات بالكهرباء، تستأجر مساحتها نفس السيدة، وهي مطلة على النيل مباشرة، وعمد القائمون عليها تشغيل الأغاني السوقية من خلال مكبرات الصوت المرتفعة. وفي المنطقة المطلة على نادي المنيا الرياضي، يوجد 3 كافيتريات أمام كلا منها مساحة 100 مترًا يستغلونها من خلال المقاعد والمناضد ويفرضون أسعار سياحية، في حين أن المنطقة المواجهة لها من ناحية الجنوب يحيطها الظلام، وتكسو أرضيتها الحشائش الكثيفة التي تجلب الثعابين باستمرار، كما أنها تخلو من المقاعد والمناضد، وأكد بعض رواد المنطقة أن رواد أصحاب الكافيتريات عمدوا تحطيم الأثاث لإجبار المترددين على الجلوس داخل محالهم. وعلى امتداد الكورنيش يفترش الباعة وأصحاب الغرز باختلاف بضائعهم الأرصفة، مستغلين مساحات شاسعة، بعضهم يبيع المشروبات الساخنة كالشاي وحمص الشام، وآخرون يبيعون لعب الأطفال التي يعلقونها على المقاعد والأشجار، وآخرون يبيعون غزل البنات، والمأكولات الخفيفة سريعة التحضير. وتنتشر عمليات التحرش والبلطجة وبيع المواد المخدرة على كورنيش المنيا، فبجوار أصحاب الغرز يجلس بعض الخارجين على القانون يبعثون برسائل خوف في نفوس المواطنين، تفوح من أدخنة الشيشة والسجائر رائحة البانجو والحشيش، كما أن السيدة مستأجرة المنطقة المطلة على مديرية الأمن لها سوابق إجرامية ومعروفة لدى الجهات الأمنية بفرضها الإتاوات وبيع المواد المخدرة علنًا. وقال مجدي نصر، نائب رئيس مجلس مدينة المنيا ل«البديل»، إن السلوك إلقاء القمامة أو تعاطي المواد المخدرة أو رفع مكبرات الصوت بات نمطا وسلوكا مجتمعيا يصعب على القانون تصحيحه، والإعلام وحده القادر على تغيير هذه السلوكيات، مضيفا أن المحافظة جملت وطورت كورنيش النيل وأنفقت عليه، كما تستمر في حملات ضبط الحالة الأمنية والإشغالات. وعن تحويل مكبرات صوت الملاهي إلى مصدر إزعاج، أوضح أن القانون لا يعاقب على الأصوات المرتفعه، كما أنه بات نمطا متبعا ليس فقط على الكورنيش بل في حفلات الزفاف، وانتهي زمن الطلاب الذين يستذكرون دروسهم أسفل أعمدة إنارة الطرق. كورنيش النيل الذي يزين مدينة المنيا، أنشأه المحافظ الأسبق حسن حميده، بطول مدينة المنيا، عام 2013، يميزه موقعه المحوري، فيطل من الناحية الشرقية علي نهر النيل والجزر النيلية والجبل الشرقي، وتحفه الفنادق والبواخر والمراسي السياحية العائمة والقوارب الشراعية، وعلي الجانب الغربي، تقع أبرز معالم المنيا، حيث مبني ديوان عام المحافظة ومديرية الأمن ونادي المنيا الرياضي ومسجدي الفولي واللمطي، وشارع طه حسين، وبعض المديريات والجهات الحكومية، وينتهي الكورنيش عن مجمع فنادق المحافظة ومنتجعاتها السياحية.