يوم 11 ديسمبر عام 1956 وأثناء العدوان الثلاثي على مصر، تمكن فدائيو بورسعيد من خطف الضابط الإنجليزي أنتوني مورهاوس، ابن عمة ملكة بريطانيا آنذاك، وتسببت عملية الاختطاف في اشتعال غضب الإنجليز الذين جن جنونهم وراحوا يبحثون في كل شبر ببورسعيد عن الضابط المختطف. وفي الصور التالية نرصد لكم كيف تعامل الإنجليز بكل وحشية مع المصريين من أجل الوصول إلى مكان الضابط المختلف، ضاربين بكل المواثيق الدولية التي تكفل حق حسن المعاملة للأسرى، لكن قبل مشاهدة الصور سنروي لكم قصة الخطف على يد قائد المجموعة التي قامت بها. يقول البطل محمد عبدالله، قائد المجموعة التي اختطفت مورهاوس في كتاب "شموس في سماء الوطن أبطال المقاومة الشعبية في مدن القناة" الذي كتبه محمد الشافعي عن عملية الاختطاف: "عندما كنا نمر أمام مورهاوس ومجموعته وجدناه ينطلق بسيارته الجيب خلف طفل يركب دراجة فأسرعنا خلفه، وكان الإنجليز قد منعوا ركوب الدراجات بعد أن استخدمها الفدائيون في رمي القنابل علي قوات الاحتلال، وارتبك الطفل فوقع من علي دراجته فنزل إليه مورهاوس ولحقنا به وتجمع حولنا عدد كبير من الناس رغم أن الساعة كانت السابعة إلا ربع صباحا، وتكلمت معه علي أننا من الشرطة المصرية، وتعهدت له بأننا سنأتي له بالطفل فاقتنع واستدار ليركب السيارة، لكن وجهه كان مازال في وجهي يكلمني وبغرور أو ثقة قذف الطبنجة الخاصة به في تابلوه السيارة، فخطفها أحمد هلال وهي مازالت في الهواء، فوجدت الضابط أمامي أعزل فقمت علي الفور بلي زراعه الأيسر في حركة يسمونها في الصاعقة (قيادة الأسير) ووضعت إصبعي في ظهره وكأنها مسدس فانهار تماما، وقدناه إلى السيارة ودفعناه بقوة". وأضاف: "أخذنا مورهاوس وجردناه من متعلقاته الشخصية – الكارنيه ونوتة مذكرات- وحاول الهرب، فوضعنا منديلا علي فمه وربطناه حول وجهه ووضعنا الكلابشات في يديه ورجليه ووضعناه في جوالين ثم في صندوق ثم وضعناه في سيارة تابعة لفرق الأمن بعد أن ذهب علي زنجير لكل يتخلص من السيارة التي استخدمناها في العملية بعد أن علم الإنجليز بعملية الخطف ثاروا وبدأوا نشاطا موسعا للبحث عن الضابط المخطوف، وعلي مسافة قريبة من البيت الذي أخفيناه فيه وجدوا السيارة التي استعملناها فبدأوا في عمل حصار من شارع كسري حتي طرح البحر ومن شارع الأمين حتي شارع محمد علي وهو مستطيل كبير جدا ووضعوا الأسلاك الشائكة وحاصروا المنطقة ثلاثة أيام، وخلال هذه الفترة، مات مورهاوس في صندوقه أي أن الإنجليز هم الذين قتلوه حيث كانوا يفتشون المنازل بيتا بيتا والعجيب أن البيت الذي اخفيناه فيه كان داخل منطقة الحصار، لكننا أثناء الحصار أخذنا سيارة إسعاف وبها (نقالة) وعليها أجولة الأسمنت وحفرنا تحت السلم وفتحنا الصندوق فأحدث (فرقعة) ووجدنا الضابط قد مات فأخذناه ودفناه تحت السلم". وواصل: "قاموا بالقبض علي عدد كبير من المواطنين وجمعوهم في ملعب النادي المصري، ومارسوا معهم كل صنوف العذاب والإرهاب النفسي، فكانوا مثلا يعطوا الرجل ملعقة شاي صغيرة ويأمروه بحفر قبر ليدفنوه فيه أو يحفر حفرة ويضعوا فيها بعض الرجال ثم يسلطوا عليهم أضواء السيارات الجيب ثم تسير هذه السيارات بسرعة كبيرة ثم تتوقف فجأة قبل أن تدهم الواقفين في الحفر كما علقوا العديد من المشانق وفتحوا خراطيم المياه الباردة علي العرايا من الناس، ورغم كل هذا التعذيب لم يصلوا إلى شيء، فلجأو إلى أسلوب المنشورات التي تقول يا شعب بورسعيد الكريم عاملوا الأسير معاملة طيبة حسب الاتفاقيات الدولية، وبعد أيام بدأ الإنجليز الانسحاب من حي المناخ والعرب إلى حي الأفرنج، وكان انسحابهم تحت ضغط العمليات الفدائية، فبعد خطف مورهاوس قام سيد عسران بقتل وليامز ضابط المخابرات يوم 14 ديسمبر، وهذا الضابط هو الذي كان يقود عمليات البحث عن الضابط المخطوف". واختتم: "أدت عمليتنا بخطف مورهاوس إلى إنهاء عملية حجز ضباط الصاعقة في عيادة الدكتور حسن جودة، ليقوموا بعد ذلك بالعديد من العمليات الكبيرة وأهمها ضرب الدبابات الإنجليزية يوم 15 ديسمبر ثم الهجوم العام في بورسعيد 16 ديسمبر، وفي هذه الأيام أصبح كل من يحمل سلاحًا يضرب في الإنجليز، فاضطروا إلى الانسحاب لحي الأفرنج، كما ارتفعت معنويات الناس بعد عمليتي مورهاوس وويليامز، وقام الإنجليز قبل انسحابهم بتسليم الأسرى المصريين وحتي الأسرى الذين أرسلوا إلى قبرص أعادوهم إلى مصر". وسلم الرئيس جمال عبدالناصر بعدها الجثة إلى البوليس الدولي، حيث تعرف الإنجليز عليه عن طريق طبيب أسنان إنجليزي كان يعالج مورهاوس، وتم نقل الجثة إلى قاعدة نابولي، ورغم موت هاوس إلا أنه تم محاكمته بعد ذلك بتهمة ترك وحدته بدون أوامر.