تعددت الأماكن والمقتول واحد. هذا هو حال مقتل الإرهابي عمر الشيشاني وزير حرب الكيان الداعشي، فلا مكان محدد لمقتله، لكن تُجمع جميع الأخبار على أنه قد قتل، حيث نعت وكالة أعماق، الذراع الإعلامية لتنظيم داعش الإرهابي، وزير حرب التنظيم، تارخان باتيرشفيلي، المعروف ب"أبو عمر الشيشاني"، وتقول إنه قتل في العراق خلال مشاركته في المعارك الدائرة في مدينة الشرقاط، جنوبي مدينة الموصل، حيث يقود الجيش العراقي عمليات عسكرية جنوب الموصل في محاولة لاستعادة مناطق من سيطرة داعش، وذلك بعد نجاحه في استعادة مدينة الفلوجة من مسلحي التنظيم في الأسابيع القليلة الماضية. وتأكيدًا على خبر مقتل الشيشاني أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية الأربعاء عن تصفية الشيشاني في غارة جوية استهدفته و4 من صحبه، ولكن هذه المرة في ولاية خراسان في أفغانستان. من هو أبو عمر الشيشاني ظهر الشيشاني إعلاميًّا في أواخر يونيو عام 2014، في إصدار حمل عنوان "كسر الحدود"، وكان إلى جانبه أبو محمد العدناني المتحدث باسم داعش، حيث اعتلى الشيشاني جرافة، وأزال ساترًا ترابيًّا عند الحدود بين سورياوالعراق، في دلالة على أن حدود داعش أصبحت من سوريا إلى العراق. ويحمل أبو عمر الشيشاني الجنسية الجورجية، واسمه تارخان باتيراشفيلي، وقاد أبرز المعارك التي خاضها داعش في كل من سورياوالعراق. وكان الشيشاني خاض القتال ضد القوات الروسية في الشيشان، قبل أن يلتحق عام 2006 بالخدمة الإجبارية في الجيش الجورجي، ثم خاض القتال ضد القوات الروسية للمرة الثانية عام 2008. وتتردد الأنباء عن أن الشيشاني دخل إلى سوريا بداية 2012، حيث استقبلته حركة أحرار الشام، وبعد ذلك شكَّل ما يسمى بجيش المهاجرين والأنصار؛ لتكون تحت قيادته، التي برز اسمها في عملية السيطرة على مطار منغ في أغسطس عام 2013 ، لكن الجيش السوري استطاع مؤخرًا إحكام سيطرته عليه واستعادته مرة أخرى. وبعد فترة وجيزة من تواجد الشيشاني بسوريا، انضم إلى داعش، حيث كان يتواجد في معقل التنظيم آنذاك بمدينة إعزاز شمال حلب، وعين الشيشاني الذي كان عضوًا بمجلس شورى الجماعة، قائدًا لتنظيم داعش على مناطق شمال سوريا أواخر عام 2013. ومن أهم المناصب التي تقلدها الشيشاني: أمير ديوان الجند، آمر الكتائب الخاصة، وزير الحرب، كما عرف بالقائد العسكري العام للتنظيم. وشارك الشيشاني في تلك الفترة في السيطرة على المحطة الحرارية نوفمبر 2013، إضافة لهجوم واسع شنه داعش على مستودعات عياش الاستراتيجية التابعة لنقاط تمركز الجيش العربي السوري في أطراف مدينة دير الزور، وفشل الهجوم حينها. كما شارك الشيشاني في معركة السيطرة على مطار الطبقة العسكري في أواخر أغسطس 2014. وعلى صعيد تعامله مع الأحزاب المعارضة في سوريا، فقد برز الشيشاني في الصراع بين داعش والمعارضة المسلحة في سوريا، وذلك في بداية عام 2014، وكان له دور كبير في الإطاحة بالمعارضة المسلحة من الرقة وريفها ودير الزور وريفها إضافة إلى الريف الشرقي لحلب. ويعد الشيشاني أحد أبرز قادة داعش المطلوبين دوليًّا، وقد رصدت واشنطن خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى إلقاء القبض عليه. تزايد القتلى في صفوف قيادات داعش تحدثت العديد من الأنباء عن خيانة في صفوف داعش، أدت إلى اختراق في بنيته الأمنية، مما أسفر عن مقتل العديد من القادة وآخرهم الشيشاني. في الآونة الأخيرة خسر داعش العديد من قادة الصف الأول، أبرزهم الرجل الثاني في التنظيم عبد الرحمن القادولي الملقب ب "أبو علي الأنباري"، ومحمد أحمد سلطان البجاري (نائب عمر الشيشاني)، و"ماهر البيلاوي" ( قائد عسكري قتل في معارك الفلوجة)، ومصطفى ظافر الناصري التكريتي "أبو الحسن العراقي"، و"شاكر وهيب الفهداوي" وغيرهم. دلالة توقيت القتل يعد التوقيت الذي قتل فيه الشيشاني مهم جدًّا خاصة في هذه الأوقات التي يسعى فيها كل من الجيش السوري والعراقي للقضاء على داعش، فمقتل الشيشاتي جاء في خضم حالة تراجع عسكري يشهدها تنظيم داعش، وخسارته العديد من المناطق في العراقوسوريا، ومقتله سيؤدي حتمًا إلى تراجع في معنويات المقاتلين، خصوصًا وانه قتل وبحسب وكالة أعماق على أبواب مدينة الموصل، خلال عمليات الجيش العراقي الهادفة إلى تحريرها، في قضاء الشرقاط، بمحافظة صلاح الدين. ويرى مراقبون أن مقتل الشيشاني يعطي مؤشرًا واضحًا أن هناك رغبة أمريكية في تقليم أظافر داعش، خاصةً بعد عملياتها الأخيرة والتي استهدفت مناطق من أمريكا، فواشنطن كان لها دور كبير في دعم داعش من خلال غض طرفها عن توسع داعش السريع في العراقوسوريا، وإلقاء السلاح في مناطق تابعة للتنظيم عبر المقاتلات الأمريكية، بالإضافة للضوء الأخضر الذي سهلت من خلاله مهمة داعش للمتاجرة بالنفط عبر الحدود السورية والعراقية والتركية، الأمر الذي أعطاه قوة اقتصادية هائلة. ويبدو أن مقتل الشيشاني يعطي دلالة واضحة على قرب نهاية داعش، فصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقول بأن تنظيم داعش الإرهابي باشر بإعداد أتباعه وأنصاره لتهاويوسقوط "الخلافة" التي أعلنها قبل عامين. وفي وقت سابق أفاد محللو شركة التقييم الأمريكية "آي إتش إس" في تقرير لهم بأن داعش فقد في الأشهر الأخيرة حوالي ربع الأراضي التي استولى عليها سابقًا في العراقوسوريا، وأن حجم الأراضي التي فقدها يعادل مساحة إيرلندا.