حالة من الفوضى والإهمال تعاني منها حديقة حيوان طنطا والتى يطلق عليها «حديقة الأندلس»، حيث صارت مطمعًا للكثير من المستثمرين ورجال الاعمال ، الذين يحاولون بشتى الطرق الاستيلاء عليها لإقامة مشاريع استثمارية كبرى؛ لموقعها المتميز بقلب مدينة طنطا، فالحديقة هي إحدى أهم وأكبر حدائق الحيوان في مصر وتتبع الإدارة المركزية لحدائق الحيوان. كانت أشهر محاولات الاستيلاء على تلك الحديقة من قِبَل المستثمرين ما قام به منذ عامين اللواء محمد نعيم، محافظ الغربية السابق، الذي قرر فجأة إغلاق الحديقة أمام الأهالي والزوار، ومنع حراسها ومسؤوليها من إطعام نحو 100 حيوان بري تضمها الحديقة، ليتعرض العديد من الحيوانات لعملية نفوق حقيقية، أدانها حقوقيون متخصصون في هذا المجال. بعد عملية الغلق أعلن نعيم أن الحديقة أصبحت ملكًا للمحافظة وليست تابعة للإدارة المركزية لحدائق الحيوان بوزارة الزراعة، ولا يجوز استغلالها كحديقة حيوان لحين تحديد النشاط الأمثل لها، وهو الأمر المخالف للقانون جملة وتفصيلًا؛ وذلك لإقامة مشروع استثماري على أرضها التي تبلغ مساحتها 14 فدانًا في قلب المدينة، وادعى المحافظ أن أهالي الغربية يشتكون من سوء وتدهور حالة الحديقة، رغم تأكيده وقتها أنه «لا يدخلها أكثر من 200 زائر يوميًّا معظمهم من البلطجية وأرباب السوابق». من المعروف أن المحافظة لا تتحمل أي أعباء للحديقة، حيث إن رواتب عمالتها وتكلفة إطعام حيواناتها ذاتية وتتحملها الحديقة من دخلها اليومي، ولا يجوز غلقها طالما لا تحمّل ميزانية المحافظة شيئًا، وبالفعل تم غلق الحديقة بناء على قرار المحافظ، مما دفع مدير الحديقة بعمل محضر بقسم ثان طنطا برفض تنفيذ قرار الغلق، موضحًا أنها محاولة للاستيلاء على أرض الحديقة وتحويل ملكيتها للمحافظة دون وجه حق. لم تكن محاولات اللواء محمد نعيم هي الأخيرة، فمازالت المحاولات مستمرة، سواء من الأجهزة التنفيذية التي تعلن على استحياء نيتها استغلال مساحة الحديقة في إقامة أبراج سكنية أو مجموعة من رجال الأعمال الذين يدعون أنهم يحاولون تقديم أفكار استثمارية تخدم المحافظة، بإنشاء محلات تجارية تساهم في رفع اقتصاد المحافظة، ويصدرون تبريرات للرأي العام الرافض لفكرة غلق الحديقة وتحويلها إلى مبان وأبراج سكنية للأغنياء، كونها المتنفس الوحيد أمام الغلابة، وأصبحت الحديقة حائرة بين أطماع المستثمرين وأوهام التطوير التي يستوجب معها الغلق كل فترة الأمر، الذي دعا مجموعة كبيرة من المهتمين بتدشين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «معًا لتطوير حديقة الاندلس وليس غلقها أو بيعها» أجبرت المسؤولين على افتتاحها من جديد بعد أكثر من عام ونصف العام على غلقها؛ بحجة تطويرها من قِبَل وزارة الزراعة. أكدت فاطمة عزت، إحدى أعضاء الحملة أن 70% من حديقة حيوان طنطا لا تتنمي إلى محافظة الغربية, بل إلى الإدارة المركزية لحدائق الحيوان في القاهرة, وال30% الباقين تتبع لمحافظة الغربية وهي مهجورة تمامًا، ويغطيها الغبار والعنكبوت من كل جانب، وتضم مكتبة كتب, مسرحًا كبيرًا, مشتل نباتات، وكله مهمل حتى الآن، لافتة إلى أن إهمال الإدارة المركزية لحديقة الاندلس بطنطا، سيؤدي حتمًا إلى غلق الحديقة مرة أخرى في أقرب وقت، وضمها بالفعل إلى أملاك المحافظة التي تحاول السيطرة عليها لتخصيص أرضها لرجال الأعمال لتحويلها من حديقة ومتنفس يتيم لأهالي الغربية إلى محلات تجارية وأبراج سكنية شاهقة للأغنياء. وأشارت عزت إلى أن الحديقة كان يجب أن تستغل لتصبح مزارًا سياحيًّا يدر دخلًا كبيرًا على محافظة الغربية لوقوعها في أفضل منطقة بمدينة طنطا وبمساحة شاسعة وبداخلها أشجار عتيقة من عشرات السنين. وأوضح خالد مصطفى، أحد أعضاء حملة معا لتطوير حديقة الأندلس أن ميزانية حديقة حيوان طنطا الأقل بين حدائق الحيوان في مصر, لترى بنفسك اذهب إلى حديقة حيوان الإسكندريةوالقاهرةوكفر الشيخ، علمًا بأن مساحة حديقة حيوان طنطا أكبر تقريبًا بأضعاف من حديقة صنعاء«كفر الشيخ» ومع ذلك لديها حيوانات أكثر من حديقة حيوان طنطا، ولا يوجد في طنطا أي حيوانات مثيرة للاهتمام أو جديدة، بل بالعكس منذ سنة وحتى الآن نقلت الإدارة المركزية حيوانات كثيرة إلى القاهرة, مع العلم أيضًا بأن حديقة حيوان طنطا ثاني أكبر دخل مادي في الدلتا، فلماذا التفرقة؟ ولماذا هذه المعاملة من الإدارة المركزية لحدائق الحيوان بالقاهرة لحديقة طنطا؟ وأضافت دعاء طارق، موظفة: بعد فترة إغلاق كبيرة بحجة التطوير المحافظة، فتحت أبواب الحديقة للجمهور وسط حالة من السخط فالحديقة بلا حيوانات وينبعث منها روائح كريهة، علاوة على وجود تكسير في أرضية الحديقة مضيفة أن تذكرة دخول الحديقة 5 جنيهات للكبار والأطفال، بدون أي خدمات داخل الحديقة ولا توجد بها نقطة أمنية، رغم وقوع الحديقة في أهم شوارع مدينة طنطا، مبينة أن غلق الحديقة أكثر من عام ونصف للتطوير يعتبر إهدار مال عام. بينما يرى المهندس شريف سالم، صاحب شركة مقاولات، أن الحديقة في مكان مميز في طنطا، ومساحتها المستغلة 6 أفدنة، وهي ملك المحافظة والأرض تساوي مليار جنيه، ومن المشاهده هناك تعد وإشغالات داخل الحديقة أضاعت معالمها والحديقة بمساحتها الكبيرة، لا تستغل استغلالًا أمثل إضافة إلى أنه لا توجد بها حيوانات تذكر، ولا يمكن أن تكون الحديقة مساحتها 40 فدانًا وتوصف كحديقة حيوان، وليس بها حيوانات ولا حتى مكان لائق للأسر للتنزهة أو غيره، واقترح استغلالها كحديقة حيوان بالمعنى المعروف أو البحث عن بدائل لإدارة هذه المساحة الكبيرة التي أصبحت مرتعًا يرتاده الطلبة الذين يتهربون من المدارس أو غيره. من جانبه نفى المهندس فتحي الفقي، رئيس مركز ومدينة طنطا، أن هناك نية لدى الجهاز التنفيذي للمحافظة لتحويل أو تخصيص أرض الحديقة لعمل مشاريع استثمارية، كما يزعم البعض، مؤكدًا أن سبب غلق الحديقة لفترات طويلة يرجع لعملية التطوير التي تشهدها الحديقة بين الحين والآخر، وأن اللواء أحمد ضيف، محافظ الغربية، مهتم جدًّا بأمر الحديقة، وأصدر توجيهاته بسرعة تطويرها لكونها المتنفس الوحيد لمواطني محافظة الغربية. جدير بالذكر أن الزعيم جمال عبد الناصر هو من أنشأ الحديقة عام 1956 على مساحة 14 فدانًا، وافتتحت للجمهور عام 1961 وزارها الرئيس الراحل السادات في إحدى زياراته للمحافظة، وتوجد على حدود أسوار الحديقة استراحتان واحدة لمدير الأمن والثانية للمحافظ، ومتحف آثار طنطا ومركز ثقافة.