تتصاعد التوترات من جديد بين الدول الجيران في آسيا حول بحر الصينالجنوبي، حيث بدأت بكين الثلاثاء الماضي مناورات في جنوب بحر الصين، وتجري هذه المناورات حول أرخبيل براسيلز من 5 إلى 11 يوليو الجاري، ولن يحق للسفن الأخرى دخول هذا القطاع خلال فترة المناورات، حسبما أعلنت إدارة الأمن البحري في بيان. المحكمة الدولية تأتي هذه المناورات قبل أيام من اتخاذ محكمة التحكيم الدائمة الدائمة في لاهاي الهولندية قرارًا حول الخلاف البحري بين الفلبينوالصين في هذه المنطقة الاستراتيجية، حيث من المقرر أن تُصدر المحكمة في 12 يوليو الجاري حكمها النهائي المتعلق بالخلاف حول المياه الإقليمية في جنوب بحر الصين بين مانيلا وبكين. وتنتظر الفلبين بفارغ صبرها القرار الدولي، حيث قال وزير العدل الفلبيني، بول ريخلر، الأسبوع الماضي، بأنه من المتوقع أن يحرم الحكم الدولي الصين من أي أساس قانوني لمطالبتها بمعظم مساحة بحر الصينالجنوبي، وهي التصريحات التي لاقت انتقادات صينية لاذعة، حيث أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية، هونغ لي، عن دهشته من معرفة وزير العدل الفلبيني بالحكم المقرر قبل صدوره، وأكد أن تصريحات وزير العدل الفلبيني تثبت أن المحكمة ناطق باسم جماعات معينة، وأن القضية التي رفعتها الفلبين ليست لها صلة بالسيادة على الجزر والسلاسل الصخرية، فضلًا عن تحديد علامات الحدود البحرية، كما تؤكد هذه التصريحات أن الرئيس الفلبيني السابق، بينينو اس أكينو الثالث، كان يردد الأكاذيب طيلة سنوات. الصين تستبق الحكم على الرغم من اقتراب صدور الحكم النهائي، إلا أن هذا القرار يبدو أنه لن يحلحل الأزمة، حيث أعلنت الصين أنها لن تأخذ حكم المحكمة في الاعتبار، خاصة أن بكين لا تعترف بصلاحية المحكمة، لذا لم ترسل مندوبين إلى الجلسات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن هيئة التحكيم الدائمة التي تشكلت بناء على طلب من الفلبين ليست لديها سلطة قضائية بشأن هذه القضية، وإن الحكم القادم سوف يسفر عن إساءة استخدام القانون، وبناءً عليه فإنه يعد باطلًا، وأكد هونغ أن سيادة الصين على الأراضي وحقوقها في بحر الصينالجنوبي تدعمهما أسس تاريخية وقانونية، ومن ثم فإنها محصنة في مواجهة أي حكم غير قانوني. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، الخميس الماضي، إن الموقف الصيني يتلخص في رفض عملية التحكيم برمتها وكل ما يتعلق بها، وبالتالي عدم قبول أى قرار يصدر عن المحكمة، وشدد على رؤية الصين بلزوم حل أي نزاعات بشأن بحر الصينالجنوبي بشكل سلمي عبر الحوار والمشاورات بين الأطراف المعنية مباشرة، كما أكد أن الصين لن تقبل أي حلول من طرف ثالث أو تسوية يتم فرضها عليها، وردًّا على سؤال حول ما إذا كانت الصين ستفكر في اللجوء إلى إعلان منطقة تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي في المنطقة؛ لضمان الدفاع عن الأراضي الصينية إذا ما أصدرت محكمة التحكيم الدولي قرارها لصالح الفلبين، قال "وو تشيان" إن موقف الصين من منطقة تمييز الهوية تلك تم التأكيد عليه مرارًا وتكرارًا، حيث إنه حق سيادي، وأشار إلى أن إقامة الصين لتلك المنطقة لأغراض الدفاع الجوي تعتمد على ما إذا كانت تشعر بأنها تواجه تهديدًا جويًّا، وأيضًا تعتمد على مستوى هذا التهديد. محاولات تهدئة رغم أن الصين أعلنت مرارًا أنها لا تريد الوصول إلى نقطة المواجهة العسكرية وأنها لا تريد الدخول في حرب مع جيرانها، إلا أنها لم تجد سبيلًا للتفاوض مع الرئيس الفلبيني السابق، بينينو إس أكوينو الثالث، صاحب الدعوى المرفوعة في محكمة التحكيم الدولية، ومع تنصيب الرئيس الجديد للفلبين، رودريغو دوتيرتي، بدأت الدعوات تنطلق من جديد لإجراء مفاوضات سياسية سلمية، وهو ما ظهر خلال تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، والذي حث، الجمعة الماضية، الفلبين على العمل معها لاستخدام قوة التفاوض من أجل حل الخلافات حول بحر الصينالجنوبي، فيما أكد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في رسالة تهنئة الرئيس الفلبيني الجديد بمنصبه أنه على استعداد للعمل مع الرئيس الفلبيني الجديد للسعي إلى تحسين العلاقات الثنائية. من جانبه أكد الرئيس الفلبيني، رودريجو دوتيرتي، خلال اجتماعه الأول بحكومته عقب تنصيبه الخميس الماضي، أنه مستعد للحوار مع الصين فيما يخص الخلافات البحرية، وأضاف دوتيرتي: يعلم الرب أني لا أريد ان أدخل في صراع مع أحد، إذا استطعنا التوصل إلى السلام من خلال الحوار فحسب سأكون حقًّا سعيدًا. وتأكيدًا على حديث الرئيس الفلبيني، قال المتحدث الرئاسي الفلبيني، إرنستو أبيلا، إن الرئيس يريد الحوار مع الصين حول بحر الصينالجنوبي؛ للتوصل إلى علاقة متبادلة النفع معها. بحر الصينالجنوبي.. ساحة معركة قديمة منذ عقود تعتبر بكين أن كامل جنوب بحر الصين تقريبًا مياهًا إقليمية تابعة لها، بما في ذلك المياه القريبة من البلدان المجاورة، وتستند في ذلك إلى ترسيم من تسع نقاط ظهر على خرائط صينية ترقى إلى عام 1940، الأمر الذي أثار نزاعات بين الصين وجيرانها في القارة أمثال فيتنام وماليزيا وبروناى وتايوان، ناهيك عن تدخل أطراف أخرى في هذه الأزمة، مثل أمريكا، التي أرسلت في الأشهر الأخيرة سفنًا حربية جابت المناطق القريبة من الجزر التي تسيطر عليها بكين، وتشكل هذه الخلافات مصدرًا محتملًا لنزاع إقليمي، وتتزايد كثيرًا حدة التوتر كلما أكدت بكين أحقيتها في السيادة على هذه المنطقة. تصاعد الخلافات بشأن هذا البحر دفع الفلبين إلى رفع دعوى في 22 يناير من عام 2013 من جانب واحد؛ لطلب التحكيم الدولي حول الخلاف بينها وبين الصين في بحر الصينالجنوبي، وفي 7 ديسمبر من عام 2014 أصدرت الخارجية الصينية وثيقة إعلان موقف للحكومة الصينية من التحكيم الذي طالبت به الفلبين من جانب واحد، حيث فصلت موقفها السابق بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في القضية، وأن الحكومة الصينية لن تقبل أو تشارك في عملية التحكيم تلك، وبنت موقفها ذلك على أساس القانون الدولي، وفي 29 أكتوبر من عام 2015 أصدرت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي حكمًا حول قبول القضية، وعلى الفور أكدت الحكومة الصينية أن الحكم باطل وغير ملزم، وذلك بالنظر إلى جلسات الاستماع والتي عقدت في الفترة من 24 وحتى 30 من نوفمبر 2015، حيث أكدت الحكومة الصينية على موقفها الثابت بعدم قبول المشاركة في عملية التحكيم.