تعتبر هجمات إسطنبول التي وقعت الأسبوع الماضي بمثابة صدمة للكثيرين حول العالم، ولكن بالنسبة لبلد يفتخر بنفسه على أنه موال للغرب في الشرق الأوسط، بدت هذه التفجيرات بمثابة مكان أساسي للصراعات والتفجيرات وعدم الاستقرار. كانت هذه الهجمات الإرهابية هي الخامسة في أقل من عام، وجاءت وسط سلسلة من فشل السياسيات الكارثية في الداخل والخارج. استثمرت الحكومة التركية ورئيس الدولة رجب طيب أردوغان، بشكل كبير، استمرار الصراع السوري في تركيا، وتمرير موارد كبيرة لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، حيث إنه اختار التسوية العسكرية بدلًا من السياسية، والآن يسيطر المتطرفون على الصراع، وتسمح أنقرة لهم بدخول سوريا عبر حدودها، وتمكنهم من التسليح وغيره. كان هناك الكثير من التركيز من وسائل الإعلام الغربية على مغادرة التكفيريين من أوروبا إلى سوريا عبر تركيا، ولكن لعدة سنوات أنشأت داعش جذورًا عميقة في المجتمع التركي، خاصة في مدينة غازي عنتاب التي تعد مركزًا رئيسيًّا للمتفجرات وانطلاق الجماعات التكفيرية. يؤكد الخبير التركي هارون شتاين أن داعش ومؤيديها يوجد لهم شباكات كبيرة وقديمة داخل تركيا، وما يزيد التحدي مع تركيا هو تجديد صراعها مع حزب العمال الكردستاني، بعد وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة عامين. خاض حزب العمال صراعًا مع الدولة التركية منذ نحو 40 عامًا، والآن يرتفع التحالف الكردي الغربي نتيجة لمحاربة الأكراد وانتصاراتهم ضد داعش في الحرب السورية، وتم إنشاء منطقة للحكم الذاتي الكردي شمال سوريا. سيطر حزب العمال الكردستاني في الأشهر الأخيرة على مناطق بجانب الحدود مع تركيا؛ مما أعاق دخول المقاتلين والإمدادات للإرهابيين في سوريا، والآن صعود الأكراد في سوريا وتجدد الصراع مع حزب العمال أدَّيا إلى انقسام خطاب أردوغان، ودفعا لاستقطاب البلاد، وصعود التوترات العرقية والطائفية الملتهبة. بدأت تركيا في فقدان المزيد من أصحابها وحلفائها في المجتمع الدولي، مما قوض التنسيق مع أوروبا بشأن الاستخبارات والأمن، كما أن أنقرة رفضت التحالفات الغربية، بالإضافة إلى التوترات مع روسيا، والعلاقات المتراجعة مع إيران والعراق. سعت تركيا في الأسابيع الأخيرة للتقارب مع إسرائيل، بعد توتر العلاقات معها لفترة طويلة، وبدأت بناء تحالفات في محاولة لاستعادة الاستقرار، والآن تحاول إعادة تشكيل المنطقة بشكل كبير. ترفض تركيا تقديم الدعم الكامل لتسوية الصراع السوري سياسيًّا، ونتيجة لذلك قد تواجه صعوبات في احتواء الخلايا الإرهابية، والجماعات التي تسبب دمارًا كبيرًا. مشاكل تركيا من صنع يديها، خاصة الصراع السوري، وبعبارة أخرى يمكن للحكومة التركية حل الصراعات المتورطة بها؛ لتضيق الخناق على الجماعات الإرهابية، كما عليها العودة للمفاوضات مع حزب العمال الكردستاني وتبني نظرية تصالحية بدلًا من الاستقطاب العرقي. جارديان