تشهد العلاقات التركية القطرية تناغما واسعًا، في ضوء تقارب الرؤى نحو القضايا الإقليمية، لاسيما في سوريا وليبيا واليمن والعراق، كما أن هناك تعاونًا اقتصاديًا فرضه هذا التقارب السياسي، عزز من التبادل التجاري وعمل على زيادة الاسثتمارالمشترك بينهما. وخلال اليومين الماضيين، اتفقت تركياوقطر على الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحملة جوازات السفر العادية، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ يوم السبت الماضي، وقالت السفارة التركية في الدوحة خلال بيان نشرته عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إنه بموجب الاتفاقية تم إعفاء مواطني تركياوقطر الذين يحملون جواز سفر عادي صالح من متطلبات الحصول على تأشيرة للدخول والعبور والخروج والبقاء مؤقتا في أراضي البلد الآخر، لمدة لا تتجاوز تسعين يوما خلال مائة وثمانين يوما من تاريخ الدخول الأول، مشيرة إلى وجوب أن "تكون جوازات السفر العادية التي تحمل من قبل المواطنين في كل بلد تتمتع بفترة صلاحية لا تقل عن ستة أشهر اعتبارا من تاريخ الدخول إلى أراضي البلد الآخر". ومن شأن الاتفاق أن يعزز من الشراكة التركية القطرية ويزيد التحالف بينهما، الذي تطور إلى أبعد حد بعد التطورات والتغيرات السياسية التي مرت بها المنطقة في الخمسة أعوام الماضية في أعقاب ثورات الربيع العربي وصعود تيارات الإسلام السياسي إلى سدة حكم الدول العربية وسقوطها مرة أخرى في تحول المشهد السياسي بالمنطقة. سقوط الإخوان أضر بالنفوذ السياسي لقطروتركيا بعد سقوط حكم جماعة الإخوان فى مصر، وفشلهم في سوريا، وخلافهم مع فرقائهم في ليبيا وتحييد دورهم السياسي، وتراجعهم في تونس والأردن، وعدم تمكنهم من السيطرة في المغرب، باتت تركياوقطر الحليفان الداعمان والقريبان من أيدلوجية الجماعة فى مأزق العزلة الإقليمية، وتبددت طموحاتهما للعب دور إقليمى أكبر فى الشرق الأوسط، تعزز في السابق عند وصول حركات الإسلام السياسي إلى الحكم في أعقاب ثورات الربيع العربي. تبدد طموحات البلدين ساعد بشكل واضح في التراجع خطوة إلى الخلف، لكنه عزز من تحالفهما السياسي والاقتصادي في مواجهة من يقاومون أيدلوجيتهما في المنطقة، فبعدما بغلت العلاقات التركية- المصرية أشد درجات التوتر بعد طرد القاهرة السفير التركى اعتراضاً على تدخل أنقرة فى شؤون مصر الداخلية، وتحرك الإمارات الدبلوماسي السياسي ضد الأتراك في المنطقة، عزز ذلك من الترابط التركي القطري أكثر من أي وقت حتى وقعت أنقرةوالدوحة على إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر؛ لزيادة التعاون الأمني بينهما، ومواجهة المخاطر والتهديدات التي وصفوها بالمشتركة. الدور الروسي في سوريا حطم طموحهما السياسي بدمشق وعزز شراكتهما لا شك أن الدخول الروسي في سوريا وتوجيه غارات جوية في بعض المناطق التي يسيطر عليها الجماعات المسلحة المناوئه للنظام السوري والمدعومة من قبل تركياوقطر، قلل من النفوذ السياسي لأنقرةوالدوحة في هذا البلد، حيث كانا من اللاعبين الأساسيين الإقليميين في المعادلة السورية، لهم دور نفوذي في دعم جماعات الإسلام السياسي والحركات المسلحة فيه؛ بهدف المشاركة في رسم خريطة سياسية جديدة في سوريا بعد إسقاط الأسد. وبعد دخول روسيا، توترت العلاقات بين موسكووأنقرة بشكل ملحوظ، وتفاقم التوتر عند إسقاط أنقره للطائرة الروسية بزعم أنها اخترقت مجالها الجوي، فعاقب بوتين على إثره الحكومة التركية بوقف الطيران الروسي إلى هناك، ما أدى إلى عواقب وخيمة على قطاع السياحة التركي، كما هدد بوتين بوقف إمدادات الغاز إلى أنقرة، وكانت الخطوات الروسية المضادة لتركيا تقابلها طموحات قطرية لسد النقص الروسي، فبعد تهديدات بوتين، أشار الأمير القطري في لقاء مع الرئيس التركي بأن الدوحةوأنقرة تستعدان لتعزيز التعاون في مجال الغاز. كما اتاح خفض معدل تدفق السياح الأجانب إلى تركيا بعد الإجراء الروسي إلى الاتفاق على الإعفاء المتبادل لمواطني تركياوقطر من التأشيرة للدخول والعبور والخروج والبقاء مؤقتا في أراضي البلد الآخر، الأمر الذي سيساهم في تعزيز وتدفق السياحة القطرية إلى تركيا في الفترة المقبلة لسد النقص الروسي. التحالف التركي القطرى في ليبيا تتلاقي الرؤي السياسية والدبلوماسية بين قطروتركيا في ليبيا؛ حيث يدعم الجانبان بشكل واضح ما تبقى من حركات الإسلام السياسي في هذا البلد، فرغم اتساع هوة الخلاف بين الفرقاء السياسين في ليبيا وظهور العديد من الحكومات غير الشرعية هناك، تعاملت أنقرةوالدوحة مع الملف الليبي بشيء من الانحياز السياسي لطرف دون الآخر؛ بالتعامل مع حكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا والمرتبطة بشكل واضح بجماعة الإخوان كطرف شرعي في المعادلة الليبية، في مواجهة مصر والإمارات اللذان دعما الحكومة الشرعية المؤقتة في طبرق. وفي ضوء ذلك، سعى الجانبان إلى التنسيق الواسع في الملف الليبي، وتكررت المباحثات الرسمية وغير الرسمية بين زعماء الدولتين ووزراء خارجيتها حول الأزمة الليبية لتعزيز نفوذهم في هذا البلد، في مواجهة الطرف الإقليمي الآخر، في محاولة لاستعادة ما تبقى من قوة حركات سياسية تقترب بشكل كبير من أيدلوجيتهم في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعد سقوط هذه الحركات في مصر وانعدام الثقة فيهم في سوريا وكبح جماحهم في الإمارات والسعودية وتحجمهيم في فلسطين. تعزيز التعاون الاقتصادي ومن شأن الاتفاق، أن يعزز حكم التبادل التجاري بين تركياوقطر، الذي وصل في العام الماضي إلى مليار و300 مليون دولار، في ظل توقعات بتصاعده بعد عقد البلدين العديد من الاتفاقيات، التي تم التوقيع عليها خلال زيارة أردوغان إلى الدوحة مؤخرا. ويعمل في قطر أكثر من 60 شركة تركية كبرى، ونحو 150 شركة صغيرة، في مجالات المقاولات، والإلكترونيات، والتجارة، والبنية التحتية، باستثمارات يتوقع أن تصل إلى 30 مليار دولار، بينما تصل الاستثمارات القطرية المباشرة في تركيا إلى 930 مليون دولار، في مجالات الطاقة، والمشاريع العقارية، والزراعية والسياحة.