تمنيات وزير خارجية قطر المقال، خالد بن محمد العطية، في أن تنفصل جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة ويكون همهم وتركيزهم فقط في بلدهم، لم تؤثر على التعاطي القطري مع النصرة، خاصة وأن التطورات الأخيرة أكدت أن الدوحة لن تفك ارتباطها مع النصرة، على الرغم من أن الأخيرة لم تعلن حتى الآن عن انفصالها عن تنظيم القاعدة. قطر وجبهة النصرة في سوريا الموقف الجديد القطري مع جبهة النصرة لا يتفق مع مزاعم الدوحة التي قالت فيها بأنها تملك اتصالات مع كل الحركات في سوريا إلا "جبهة النصرة". ففي السبت الماضي أفرجت فصائل مسلحة عن ثلاثة صحفيين مستقلين إسبان، وهم أنطونيو بامبليجا، خوسيه مانويل لوبيز، وأنخيل ساستري، كانوا قد خُطفوا في حلب منذ نحو عشرة أشهر حين كانوا يعدون تحقيقًا استقصائيًّا. وبحسب مصادر صحفية إسبانية فقد أفرج عن الصحافيين بعد وساطة قطرية، ورجحت أن تكون "جبهة النصرة" هي الجهة التي قامت باختطافهم. ووصل أمس الأول الصحفيون إلى توريخون، وهي قاعدة جوية عسكرية إسبانية تقع شرق مدريد. وبعد نجاح المساعي القطرية في الإفراج عن الصحفيين الإسبان، الذين اختطفتهم جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، قالت وكالة الأنباء القطرية إن مساعد وزير الخارجية القطري، سلطان بن سعد المريخي، تلقى اتصالًا هاتفيًّا من وزير الدولة للشؤون الخارجية الإسباني، إجناثيو إبانيز ربيو، قدم خلاله "الشكر لدولة قطر على جهودها في الإفراج عن ثلاثة أسرى إسبان كانوا محتجزين في سوريا". وذكرت قناة "TRT" التركية الناطقة بالعربية أن جهودًا قطرية أفضت إلى الإفراج عن الصحفيين الذين كانوا محتجزين لدى جبهة النصرة، الأمر الذي يثير الاستغراب بأن دولة قطر والتي لا يربطها أي علاقة بالصحفيين الإسبان هي من تكفلت بدفع الفدية لتحريرهم لا إسبانيا، حيث ذكرت مصادر إعلامية سورية أن "قطر تكفلت بدفع مبلغ الفدية، لقاء إطلاق سراحهم سالمين". وبدت العلاقة بين جبهة النصرة وقطر في أوضح صورها أثناء صفقة راهبات معلولا السورية في مارس 2014، حيث كانت جبهة النصرة تحتجزهن في مدينة يبرود، وقتها أعلن وزير الخارجية القطري السابق خالد العطية نجاح الوساطة القطرية في إطلاق سراح الراهبات، لافتًا إلى أن جهود قطر لإطلاق سراح الراهبات أسفر عن إطلاق سراح أكثر من 153 محتجزة في سجون الحكومة السورية. قطر وجبهة النصرة في لبنان وتمتلك قطر علاقة جيدة بجبهة النصرة على اختلاف فروعها، كما أن كلمة قطر تحظى باهتمام بالغ داخل أروقة الجبهة الإرهابية، فالوساطة القطرية لم تقتصر على سوريا، فقد كان للدوحة نصيب الأسد في وساطتها التي قامت بها مع جبهة النصرة، ولكن هذه المرة في لبنان. ففي ديسمبر 2015 تمت عملية تبادل للأسرى بين الحكومة اللبنانية وجبهة النصرة، وكالعادة برعاية قطرية، في منطقة جرود عرسال على الحدود اللبنانية السورية، حيث تمت الصفقة نهائيًّا بعد تسليم الجنود السجناء ال16 للصليب الأحمر اللبناني وإطلاق الجانب اللبناني ل13 سجينًا طالبت "جبهة النصرة" بإطلاق سراحهم، منهم خمس نساء من بينهن سجى الدليمي الزوجة السابقة لزعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي. ويرى مراقبون أن قطر تمتلك الكلمات المفتاحية لجبهة النصرة، وإلا لما قبلت الأخيرة وساطتها، سواء في سوريا أو لبنان، خاصة بعدما ترددت معلومات صحفية تفيد بأن جبهة النصرة هي عبارة عن نتاج التحالف القطري التركي، حيث سهلت تركيا دخول مقاتلي الجبهة إلى سوريا، فيما قامت قطر بمدهم بالسلاح والأموال، وتحرص قطر على تقديم جبهة النصرة وجيش الفتح إلى المجتمع الغربي على أنه فصيل يمكن الحوار معه، ويختلف بشكل عقائدي وأيديولوجي مع تنظيم داعش، وبدا هذا جليًّا في وساطتها معها في لبنان، وفي دعواتها الدائمة باستعدادها للحوار معهم ودعمهم ما إذا تخلوا عن بيعة القاعدة، الأمر الذي يراه مراقبون بمثابة مراوغة قطرية لأي تعامل مستقبلي مع النصرة، فالأساس الأيديولوجي واحد للقاعدة والنصرة، حتى لو فكت الأخيرة ارتباطها بتنظيم القاعدة.