حرب شرسة تدور داخل حزب العمال البريطاني أظهرتها بعض التصريحات المنتقدة للكيان الصهيوني، بين رئيس الحزب اليساري المعارض لسياسات رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، جيرمي كوربن واللوبي اليهودي، في محاولة لإسقاط كوربن من رئاسة الحزب وتغيير واجهته الداعمه للقضية الفلسطينية والمناهضة للاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة. ومؤخرا، تم تعليق عضوية اثنين بحزب العمال في البرلمان البريطاني «ناز شاه، كين ليفينجستون»؛ على خلفية تصريحات وصفت بأنها «معادية لإسرائيل»، حيث بدأت القضية بعاصفة في أعقاب نشر شاه على موقع التواصل الاجتماعي، اقتراحا لحل الصراع في الشرق الأوسط؛ من خلال نقل إسرائيل إلى الولاياتالمتحدة. نشرت شاه "المسلمة"، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صورة تظهر فيها "إسرائيل" محفورة على خريطة للولايات المتحدة تحت عنوان: "حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني".. انقلوا إسرائيل إلى الولاياتالمتحدة، مع تعليق: "حلت المشكلة". ورغم إعلان حزب العمال تجميد عضوية شاه، إلا أن القضية لم تنته، لكن يبدو أن أن الأخيرة أطلقت كرة ثلجية؛ بعد استدعاء عضو البرلمان، كين ليفينجستون؛ لمقابلة مع إحدى محطات الإذاعة التابعة ل «بي بي سي»، دافع خلالها عن شاه، وقال إن هتلر كان داعما للصهيونية: «تذكروا أن هتلر فاز في الانتخابات عام 1932، وكانت سياسته ضرورة نقل اليهود إلى إسرائيل، لقد دعم الصهيونية قبل أن يفقد عقله ويقتل 6 ملايين يهودي»، على حد تعبيره. وأكد أن شاه ليست معادية للسامية؛ فمن خلال سنوات عضويته في حزب العمال، التي تصل إلى 47 عاما لم يسمع أية تصريحات معادية للسامية من الحزب، بل سمع كثيرين ينتقدون إسرائيل، مضيفًا: «ما يقلقني هو الخلط بين معاداة السامية وبين انتقاد سياسة حكومة الكيان الصهيوني»، معتبرا أن «عدم انتقاد هذا الكيان يقوض أهمية مكافحة اللاسامية الحقيقية». ومن وقتها، يتعرض حزب العمال البريطاني وزعيمه جيرمي كوربن لضغوط كبيرة؛ من أجل كبح جماح ما تعتبره أطراف سياسية بريطانية يمينية – ومنها أعضاء في حزبه- انتشارا لأفكار معاداة للكيان الصهيوني بين أعضاء الحزب ونوابه، فيبدو أن هناك أطرافا سياسية وأخرى إعلامية تحاول استغلال هذا الأمر من خلال بث الانقسامات في صفوف أعضاء الحزب المعارض، والنبش في تاريخهم حتى قبل توليهم مناصب في البرلمان. ويرى مراقبون أن الموجة التي تعصف بالحزب تدبرها أصابع يمينية وأخرى خارجية لمحاولة خلق العراقيل تلو الأخرى أمام كوربن وإسقاطه من زعامة الحزب، مؤكدين أن الحزب لم يكن أبدًا معاديًا للسامية، فمعروف عن كثير من أعضاء الحزب اليساريين دفاعهم عن قضية الشعب الفلسطيني، وانتقاداتهم الصريحة للممارسات الإسرائيلية المقيتة، فيما يخص احتلال الأراضي الفلسطينية. ويقول المتحدث باسم منظمة "يهود من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين" ريتشارد كوبر، إنه بغض النظر عن إيقاف نياز شاه أو غيرها، فإن الساسة الموالين لإسرائيل داخل حزب العمال وخارجه لن يتوقفوا عن هذه الحملة؛ لأن هدفهم الحقيقي هو جيرمي كوربن الذي يعد منتقدا قويا للسياسات الإسرائيلية ومناصرا لفلسطين وحقوق شعبها. أوضح رئيس الحزب، كوربن، إنه لا يوجد أزمة في داخل الحزب حول اللاسامية، وإن تضخيم ذلك يأتي من قبيل الخشية من قوة الحزب على المستوى المحلي. وكان رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، استغل الفرصة، وهاجم حزب العمال، مدعيا أن «اللاسامية متأصله في حزب العمال»، وأنه يستغرب من بقاء شاه ضمن أعضاء حزب العمال، وذلك قبل وقت قصير من اتفاق بين كوربن وشاه على تجميد عضوية الأولى.