كساه النور فى كنف نور الله على الأرض " الزهراء البتول " ، حيث ولد فى بيتها .. أذن فى أذنه الإمام على ابن أبى طالب ، وأذن فى أذنيه الإمام الحسين أبوه .. قال علماء اللغة فى تفسير آية " إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً " ، سبحا اسم مشتق من التسبيح أى تسبيح بالنهار – لك – أى عليك إتمامه .. ورد عليهم أقرانهم ، أنه يشتق من دوام التسبيح بالذوبان فى معنى اسم المسبح عند بداية ذكره وقبل انتهائه والعودة إلى ذكره.. أى أن "سَبْحاً" دوام التخلص من الذات فى ذات الإله الخالق ،بدوام ذكرك ، اسمه نهارا.. وإذا كان هذا فى النهار فما.. يكون بالليل؟. هذا فى التسبيح والذكر.. وبماذا تسمى وتصف من سبح فى بيت ابنة النبى صلى الله عليه وسلم سبحا؟ كيف تصف من احتواه الإمام على كرم الله وجهه بكفيه. كيف تكتب فيم همس به فى أذنه فى خلواتهما؟ كيف تعرف بما أسر إليه حتى تظهر ابتسامته.. أى قدر سقاه.. وأى قدر شربه "أصل النسب".. وما وصل إليه قبل أن يتم حفظ القرآن وبماذا أوصاه؟ أتكتب هكذا.. نشأ.. سيدى فى كنف شمس الشموس زهراء الدنيا، ومدينة العلم الإنسان الوحيد الذى يعقب اسمه "كرم الله وجهه".. لايسعف المداد إلا رب الأرباب. نشأ فى رعاية جده الإمام على "مدينة العلم"، غمره بعطفه وتعلق به.. وفى الرابعة من عمره تعهده أبوه الإمام الحسين، وعمه الإمام الحسن يحفظانه القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة، وأتم حفظه لكتاب الله فى سن صغيرة تليق بنور آل البيت، وتعلم علوم الفقه والدين واللغة، وصار مضرب الأمثال، وعرف عنه "أنه أفضل هاشمى فقها وورعا". ما من مخلوق على الأرض يؤذن له بالكتابة عن السيد بن السيد بن السيد بن عم رسول الله إلا وأظلت غمامة كربلاء فوق رأسه، لم يرصد كتاب التاريخ والسير، مسيرة بيت النبوة، إلا وذكروا الإمام على زين العابدين، وماحدث معه فى كربلاء الأثيمة، وحسن فعل عمته الطاهرة زينب ابنة زهراء الدنيا والآخرة، دون كتاب التاريخ غبار كربلاء والصرخات من الجبناء خشية ملاقاتهم الموت، فى أعجب معركة سجلها التاريخ، يعلو فيها صوت الخونة والقتلة رعبا و.. خوفا ممن يقاتلون من آل وأحفاد آل بيت النبى الأكرم.. ولكن على أى شىء… لماذا كان القتال؟ من أعطى الأمر، وأقنع به، وغسل الرؤوس لارتكاب الكبيرة، وإلباس الباطل بالحق.. فى كل حقبة يبرز السؤال عن إراقة الدماء بلا مبرر غير الغى والهوى، فى كل يوم سيسأل من يعرف عن يوم السواد واستباحة دماء عترة رسول الله عن السبب.. أهو البحث عن الجاه والصولجان والكرسى والعروش الزائلة.. سيظل كل حاكم يغضب من ذكرى كربلاء ويخشى الغضبة للحق وهبة النهوض ضد الظلم كما ثار الإمام الحسين.. ويبقى كل محب باحثا عن الحرية.. كل أرض يختفى فيها الحق ويتعاجب.. ويفتخر الباطل هى كربلاء تنتظر الانتصار، وشاء القدير أن يكون يوم "حزن السماء" الوحيد من ذكور آل البيت الذي نجا من مذبحة كربلاء و به استمر نسل النبي صلى الله عليه و سلم.. و قد كانت نجاته رضي الله عنه من مذبحة كربلاء بسبب مرض ألم به فكان طريح فراشه داخل مخيم المسلمين و قد حمل إلى ابن زياد والي الكوفة في هذا الوقت مع الغنائم.. و تهيأ الجند لضرب علي بن الحسين رضي الله عنه بعد أن رأوا النور فى وجهه وخشية أن يكون شوكة في نحورهم في يوم من الأيام.. و في هذا الموقف الصعب تتجلى شجاعة ابنة البتول.. بطلة كربلاء السيدة زينب التي احتضنت ابن أخيها و قالت لابن زياد "حسبك يا ابن زياد ما رويت من دمائنا و هل أبقيت على أحد غير هذا؟ و الله لا أفارقه فإن قتلته فاقتلني معه". و هنا ينطق ويرد علي بن الحسين بشجاعة تليق بآل بيت النبي صلى الله عليه و سلم "أبالقتل تهددني يا ابن زياد.. أما علمت أن القتل لنا عادة و كرامتنا الشهادة؟ فيسود وجه والي الكوفة و ينكس رأسه أمام الشجاعة النادرة و يقول للسيدة زينب رضي الله عنها "عجبا لصلة الرحم و الله إني أظنها ودت لو أني قتلتها معه. دعوه ينطلق مع نسائه فإني أراه لما به مشغولاً".. عادت السيدة زينب رضي الله تعالى عنها عقيلة بني هاشم بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأخت الإمام الشهيد في كربلاء الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه إلى المدينةالمنورة ومعها سيدات أهل البيت بالإضافة إلى الزهرة التي بقيت من صلب الإمام الحسين، علي زين العابدين رضي الله تعالى عنهما.. ضيق عليها الأمويون الخناق في المدينةالمنورة، مدينة جدها رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم وأمها الزهراء رضي الله تعالى عنها، وخيّروها أن تذهب في أرض الله الواسعة، فاختارت أرض الكنانة مصر داراً لإقامتها ومقامها، لما سمعته عن أهلها الكرام وعن محبتهم لأهل البيت عليهم السلام ومودتهم لذوي القربى من آل النبى الأكرم .. ومن أبهى العتبات المبجلة لأهل البيت عليهم السلام في مصر هناك حي زين العابدين عليه السلام يفوح شذا مقام الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين عليه السلام، فى جنباته وقد وفد إلى مصر مع عمته السيدة زينب عليها السلام. وذكرت بعض المراجع أن في هذه الروضة المحمدية يرقد أيضاَ الرأس الشريف لابنه زيد بن علي بن الحسين. بلغ علي بن الحسين السابعة عشر من عمره وتزوج من فاطمة بنت عمه الحسن بن علي بن أبي طالب و أنجبت له من الذكور: زيد و الحسن و الحسين الأصغر و عبد الرحمن و سليمان و علي و محمد الباقر و عبد الله الباهر و من الإناث خديجة و فاطمة وعليه و أم كلثوم.. يذكرالتاريخ عن علي زين العابدين.. أشهر أبيات شعرية ذكرت حقا ومدحت صدقا وأفصحت عن فضلا وأمام الحجيج بالبيت الحرام إنها قصيدة الفرزدق.. حين حج هشام بن عبد الملك أيام أبيه و طاف بالبيت العتيق وتعذر عليه لمس الحجر الأسود لكثرة الناس لكن الناس تغاضت عنه كأنهم لا يعرفونه رغم أنه كان من أعيان الشام. ثم أقبل علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه فأفسح الناس له الطريق فتعجب هشام و سأل عن هذا الشاب فرد الفرزدق الشاعر العربي المعروف بأبيات بدأها ب : يا سائلي أين حل الجود والكرم عندي بيان إذا طلابه قدموا هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا الذي أحمد المختار والده صلى عليه إلهي ما جرى القلم لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه لخر يلثم منه موطئ القدم ..واقرأ الشطر السابق بعناية وشاهد بم يصف الشاعرحفيد الرسول، ومن يلثم من ؟ .. إلا أن أجل أبيات القصيدة جاء فى الأبيات التالية ومنها: كفه خيزران ريحه عبق من كف أروع في عرنينه شمم ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم مشتقة من رسول الله نبعته طابت عناصره والخيم والشيم ومنها: من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم ويستزاد به الإحسان والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل فرض ومختوم به الكلم إن عد أهل التقى كانوا أئمته أو قل من خير أهل الأرض قيل هم لا يستطيع جواد بعد غايت ولا يدانيهم قوم وإن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت والأسد أسد الشرى والبأس محتدم يأبى لهم أن يحل الذم ساحت خيم كريم وأيد بالندى هضم لا يقبض العسر بسطا من أكفهم سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا و.. سمع هشام القصيدة فغضب و سجن الفرزدق فلما علم علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه أرسل إليه بأربعة آلاف درهم فردها الفرزدق قائلاً: "إنما امتدحتك بما أنت أهله".. فردها زين العابدين رضي الله تعالى عنه قائلاً : "خذها و تعاون بها على دهرك فإننا آل البيت إذا وهبنا شيئاً لا نستعيده.. عند ذلك قبل الفرزدق الدراهم.. و.. ضرب الناس المثل في العلم و الحلم بزين العابدين علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه و كذلك في بره بوالديه و في عبادته رضي الله تعالى عنه و ذكر كتاب السير أنه : سمع الناس أهل المدينة يقولون "ما فقدنا صدقة السر إلا بعد موت علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه" و قال محمد ابن إسحاق: كان الناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم ومأكلهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كان يأتي ليلاً إلى منازلهم فقد كان علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه يحمل جراب الخبز على ظهره في الليل ليتصدق به. و عن حلمه رضي الله تعالى عنه أن الجارية سكبت له الماء ليتوضأ فسقط الابريق من يدها على وجهه فشجه و سال الدم فقالت: إن الله يقول "و الكاظمين الغيظ" فقال لها: قد كظمت غيظي فقالت: "و العافين عن الناس".. فقال: عفا الله عنك فقالت "و الله يحب المحسنين" فقال " أنت حرة لوجه الله".. و في بر الوالدين فقد قيل له "إنك أبر الناس بأمك و لسنا نراك تأكل معها في صفحة واحدة" فقال "أخاف أن تسبق يدي إلى ما تسبق إليه عينها فأكون قد عققتها".. و عن إيمانه رضي الله تعالى عنه وتبتله ورهبته بين يدى الله أن حريقا شب في بيته و هو ساجد يصلي فجعل من في البيت يصيحون " النار النار" فما رفع رضي الله تعالى عنه رأسه حتى أطفئ الحريق فقيل له "أشعرت بالنار؟" فقال "ألهتني عنها النار الكبرى".. و عن حكمته رضي الله تعالى عنه فإن له الكثير من المقولات التي تنبض بالحكمة و منها "من قنع بما قسم له فهو أغنى الناس"، "الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين".. لك أن تعلم أن الحكمة لايزايد ولايتبجح أحد عليها.. اختص الله سيدى زين العابدين بأنه آخر النسب الممتد مباشرة إلى الإمام على ومنه إلى النبى الشفيع.. لك أن تعلم أن الإمام "السجاد"، ورث وتعلم كتابة الخط العربى من جده " كرم الله وجهه".. وأنه نسخ بيمناه، علما مدونا أصله "لدنيّا"، حافظت عليه، غرف القلوب، نقيا من غير شائبة، ووصل إلى الملايين من المسلمين.. فيه ماورثه من أدعية لكل يوم من أيام الأسبوع وأدعيته إلى أبناءه ، وإذا ظلمه إنسان ، وفي طَلَبِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ- فِي الرَّهْبَةِ فِي التَّضَرُّعِ وَالاْسْتِكانَةِ وَ دعاؤه فِي الاْلْحاحِ عَلَى اللّهِ تَعالى، وَ دعاؤه فِي الإلحاحِ عَلَى اللّهِ تَعالى وَ فِي التَّذَلُّلِ لِلّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وفِي اسْتِكْشافِ الْهُمُومِ ، وفِي الْمَعُونَةِ عَلى قَضاءِ الدَّيْنِ وعِنْدَ الشِّدَّةِ وَالْجَهْدِ وَتَعَسُّرِ الاْمُورِ،ويحفظ العوام ، والبسطاء فى ،ممن جار عليهم الظلمة ، دعاؤه إذا رأى من أحد ظلما .. لشهرته أن له سر خطير ، ولطف معلوم ، ومقصود فى حينه ، حتى أن بعض الطيبيين ، يخشى قراءته لشدة نجدته وقسوته على الظالمين .. لم يعرف على زين العابدين ب" السجاد " لأنه حفيد النبى ، ولكن لما اشتهر به من كثرة إقراره بفضل الله وتبتله وغيبته ساجدا .. فى مولده هذه المرة رأى البعض إدخال صحون الطعام وأوانى الطبخ إلى ساحة المسجد من الخارج خطأ لايغتفر ..لائما وزارة الأوقاف !! .. وما شأن وزارة الأوقاف بحفيد رسول الله .. وماذا قدموا له.. أأحسنوا التوجيه والاستفادة من المناسبة الشريفة .. أأكرموا الجد الأكرم والنبى الأعظم فى الاحتفال وذكرى ميلاده المقدس.. لايجيب عن هذا المسلمون فى العالم ومحبو آل البيت .. يجيب عنه المصريين هذه المرة ..ورأى البعض السلوكيات العفوية " إفراط فى الحب " وتعشم فى " السيد " صاحب الذكرى والاحتفالية و.. ́"صاحب الفرح " كسلوك طفل طائش ، فى حضرة " الكبير " .. وماهو بطائش .. أيلام المحب لكثرة التقبيل ، اختلف هذا واستغضب ذاك .. والجميع أتى للإحتفال ، وعاد كل منهما سعيدا بالزيارة متخلصا من وشائجه الشيطانية ودرائن متعلقة بعقله وروحه لايخلصهم ، إلا ابن الإمام الحسين و.. أطل " السجاد " على الزائرين ، ظهر دعاؤه فى التضرع إلى الله على ألسنة الزائرين ..والناس تحتشد ككفين كبيرين بعرض السماء سدا الأفق يتضرعان إلى الواحد ..أملا فى الوحدة ورجم التشرذم.