* الصحيفة: مبارك بدأ في التلاعب بعد أحداث تونس ورفض نصائح واشنطن بتقديم تنازلات فطالبه أوباما بالتنحي ودعم تقاربا مع بعض الجنرالات * المساعدات العسكرية استخدمت للحفاظ على السلام مع إسرائيل ولتقديم قوات عسكرية في حربي الخليج أو لترحيل ضحايا الحرب على الإرهاب * أمريكا وقفت خلال العام الماضي في مواجهة احتجاجات البحرين لصالح السعودية.. وتعتبر تجارة الأسلحة هي نقطة الضوء وسط الركود الاقتصادي ترجمة – عبدالله صقر: فى مقاله الأخير بجريدة “جارديان” البريطانية، اعتبر لويد جاردنر أن المساعدات العسكرية الأمريكية لم تعد الضمان الكافى للحلفاء المخلصين. كما كان الوضع منذ ما يقرب من أربعة عقود حين كانت الولاياتالمتحدة تتعامل مع مصر باعتبارها حليفا يمكن الاعتماد عليه في إدارة شئون الشرق الأوسط بما يتفق مع رغباتها. وقال صاحب كتاب “الطريق لميدان التحرير: مصر والولاياتالمتحدة من صعود ناصر لسقوط مبارك” أن الأسلحة الأمريكية لم تعد محركاً للاضطرابات والمنافسات بين الدول العربية. موضحا أن المساعدات الأميركية العسكرية الحكومية للقاهرة في عهد السادات مرورا بسنوات مبارك، بهدف الحفاظ على السلام مع إسرائيل سواء بتوفير قوات عسكرية رمزية لحربي الخليج أو كوجهة ترحيل سري لضحايا الحرب على الإرهاب. وقال إن هذا الاتجاه بدأ عندما أدار السادات ظهره لطموح عبد الناصر لتوحيد العالم العربي، فدعا الولاياتالمتحدة لمساعدته في وضع حد لحرب أكتوبر 1973 ورفض دعم الروس لمصر بوصفهم المورد الأول للسلاح فى هذا الوقت. وبالرغم من أن المساعدات العسكرية لم تبدأ فعلا في التدفق لمصر إلا ما بعد كامب ديفيد عام 1978، إلا أنه تم تعيين نمطها حينئذ بالفعل. وذكر الكاتب أنه حين بدأ نظام مبارك في التلاعب عقب أحداث تونس منذ عام، طورت الولاياتالمتحدة علاقاتها مع الجيش المصري. فكان على جنرالاته الاختيار بين الولاء لمبارك أو تلقي الرعاية الخاصة والاستفادة من المساعدات الأمريكية التي عرضت عليهم بوصفهم الحليف الأقوى. وأضاف: حين عارض مبارك الاقتراحات الأمريكية بتقديم تنازلات معتبرها تدخل أجنبي، طالبه قادة الولاياتالمتحدة بالتخلي عن السلطة، وحين تصرف المجلس العسكري وفقا للتوقعات الأمريكية، صرح باراك أوباما بأمله في أحداث تختلف عن ما حدث في قمع المعارضة في إيران: “حتى الآن على الأقل، تصلنا من مصر إشارات صحيحة”. مع ذلك عادت الاعتصامات لميدان التحرير مرة أخرى في غضون أسابيع قليلة، ما شكل تحديا للنظام العسكرى للحفاظ على وعوده حول الخطو نحو الحكم الدستوري. وفي الوقت نفسه، أثارت الانتخابات الأخيرة مخاوف عميقة من أن تدفع قوى الحركة السلفية بالسياسة المصرية تجاه التيار الإسلامي الراديكالي. ويقول جاردنر إنه من الواضح أن نفوذ واشنطن على سير الأحداث في مصر وغيرها من الدول الأخرى قد تقلص بسبب الربيع العربي. حيث وقفت أمريكا خلال العام الماضي في مواجهة احتجاجات البحرين إكراماً للسعودية، وحين قررت في نهاية المطاف الانضمام للمطالبة بتنحى بشار الأسد ودعم الشعب الليبى لإسقاط الديكتاتور معمر القذافي، كانت بسياساتها تشبه رجل عجوز يمسك بمضرب وهو خائف من فقدان قبضته عليه. ويري جاردنز أنه على الربيع العربي أن يدفع نحو إعادة النظر بجدية في السياسات الأمريكية التي تهدف إلى الإبقاء على الوضع الراهن في الشرق الأوسط، وكذلك طرح المزيد من التساؤلات العامة حول قضية توريد الأسلحة للأنظمة الزائلة وتأجيل الدخول في مفاوضات جدية مع مواطنيها، الأمر الذى لم يحدث حتى الآن. وقد لاحظ السيناتور باتريك ليهي أنه حين كان الأمريكيين يتباهون بالمساعدات الاقتصادية للقاهرة، كان المتظاهرين صامدين أمام قنابل الغاز التي تحمل علامة “صنع في الولاياتالمتحدة”، كذلك هبطت المساعدات الاقتصادية في الأعوام الأخيرة لبضع مئات من ملايين الدولارات، بينما استمرت العسكرية بقدرها البالغ 1.3 بليون دولار. ويحذر غاردنر فى خاتمة المقال من العواقب الخطيرة للاعتماد على المساعدات العسكرية وغيرها من الأساليب القديمة لضمان النفوذ داخل دول الشرق الأوسط، فمع الركود الاقتصادي، صارت الأسلحة تبدو وكأنها النقطة المضيئة في الأفق، وتصنيع وتصدير أسلحة مثل طائرات بدون طيار يوفر دفعة قوية للاقتصاد الأمريكى.