آخر مستجدات قانون العمل.. عرض المسودة الجديدة على مجلس الوزراء نهاية الأسبوع الجاري.. 14 بابًا و276 مادة هدفها تعزيز علاقات العمل ومعالجة القصور.. والأجور أبرز المواد    اليوم.. البرلمان يستمع لبيان وزير التموين بشأن تطوير منظومة الدعم    انطلاق مهرجان "أكتوبر العزة والكرامة" بجامعة قناة السويس بمشاركة 400 طالب    مدير الكلية البحرية الأسبق: العالم غير أنظمته الصاروخية بعد نجاح مصر في إغراق المدمرة إيلات    الأربعاء، انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي للدراسات العليا في العلوم الإنسانية بجامعة بنها    50 جنيه شاملة الاستقطاعات ..«التعليم» توضح ضوابط التعاقد بالحصة لسد عجز المعلمين (مستند)    سعر الريال السعودى اليوم الإثنين21-10-2024    معلومات الوزراء: مصر تستهدف إنشاء مركز القاهرة المالى العالمى    وزير الإسكان: الطرح الجديد ل"سكن لكل المصريين5" يغطي جميع مناطق الجمهورية    الاثنين 21 أكتوبر 2024 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    الذهب يقفز لمستوى تاريخي.. والفضة لأعلى مستوى في 12 عاما    تداول 14 ألف طن بضائع بموانئ البحر الأحمر    نجيب ميقاتى: أهم أولوياتنا وقف إطلاق النار فى لبنان ونتمسك بتنفيذ قرار 1701    سناتور من السكان الأصليين فى أستراليا للملك تشارلز الثالث: أعد لنا أرضنا    وزير الخارجية: ندين انتهاكات إسرائيل للسيادة اللبنانية    إعلام فلسطيني: الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدة بيت فجار جنوبي الضفة الغربية    الاحتلال يعترف بمقتل 49 من جنوده وضباطه خلال 20 يوما.. آخرهم قائد اللواء 401    ليفربول يرصد 50 مليون يورو لضم جول كوندى مدافع برشلونة لخلافة أرنولد    مصدر عسكري إيراني: ردنا سيفوق التقديرات إذا هاجمت إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية    "تجاوز في حق كولر ورمضان".. مصدر يكشف ليلا كورة سبب عقوبة الأهلي على كهربا    الدوماني: الزمالك لديه كل مقومات البطولة    حسام البدري ينصح كولر بمشاركة هذا الثلاثي ضد الزمالك    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الزراعي في بنى سويف    «الأرصاد»: اضطرابات في البحر المتوسط مع دخول النصف الثاني من الخريف    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    كانوا رايحين المدرسة.. تفاصيل مصرع كمال وشقيقته حنين صدمهما قطار في العياط    اليوم.. نظر استئناف المتهم بقتل اللواء اليمني حسن العبيدي على حكم إعدامه    قرار من النيابة لعاطل قتل سائق توك توك في عين شمس    الآثار تعلن الكشف عن تفاصيل وأسرار جديدة للمصريين القدماء من معبد إسنا    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثانى غدا بمعبده الكبير بمدينة أبو سمبل فى أسوان    جيش الاحتلال: اندلاع حرائق إثر سقوط صواريخ بالجليل شمال إسرائيل    رحلة فيلم رفعت عيني للسما من مهرجان كان إلى دور العرض    المغامر الأمريكي صاحب فيديو صعود الكلب لقمة الهرم: كان مشهدا استثنائيا    كم مرة تقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين في اليوم والليلة    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمركز شباب ميت نما ضمن مبادرة "بداية"    طريقة عمل البان كيك، لإفطار خفيف ومغذي    بالفيديو.. خبير التنمية الحضارية يوضح أهداف المؤتمر العالمي للصحة والسكان    تعرف علي موعد نهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك والقناة الناقلة    بحفل جماهيري كبير.. «سعيد الارتيست» يُبهر جمهور الإسكندرية بمقطوعات وجمل فنية ومواويل صعيدية ب«سيد درويش» (صور)    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    أسباب الإصابة بهشاشة العظام وأهمية فيتامين د والكالسيوم في الوقاية    استقرار في أسعار الخضروات اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 مع ارتفاع ملحوظ في بعض الأصناف    نقيب الصحفيين: لن نفتح باب الانتساب إلا بعد موافقة الجمعية العمومية    تفاصيل استبعاد كهربا من معسكر الأهلي في الإمارات.. مفاجآت الساعات الأخيرة    اليوم.. محاكمة متهمين بسرقة 1179 جهاز تابلت من مخازن التعليم    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    عاجل.. كولر «يشرح» سبب تراجع أداء الأهلي أمام سيراميكا ويكشف موقف الإصابات في نهائي السوبر    ماذا كان يفعل رسول الله قبل الفجر؟.. ب7 أعمال ودعاء أبشر بمعجزة قريبة    المندوه: السوبر الإفريقي أعاد الزمالك لمكانه الطبيعي.. وصور الجماهير مع الفريق استثناء    لبنان.. إخلاء بلدية صيدا بسبب تهديدات الاحتلال الإسرائيلي    لاعب الأهلي السابق: تغييرات كولر صنعت الخلل أمام سيراميكا    «هعمل موسيقى باسمي».. عمرو مصطفى يكشف عن خطته الفنية المقبلة    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    كيف تعاملت الدولة مع جرائم سرقة خدمات الإنترنت.. القانون يجب    السيطرة علي حريق شب في شقة سكنية بالقاهرة دون إصابات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهاز المركزي للمحاسبات بين دستورين
نشر في البديل يوم 05 - 04 - 2016

يكتسي الحديث عن الجهاز المركزي للمحاسبات هذه الأيام أهمية خاصة؛ نظرًا لما جرى مع رئيسه المستشار هشام جنينة بعزله من منصبه، والإطاحة به خارج الجهاز، غداة التحقيقات التي أجريت معه في واقعة إعلانه بيانات تتعلق بحجم الفساد في مصر، وكلْفته على ميزانية الدولة خلال الأعوام 2012 حتى 2015، وهو ما عدّته لجنة التحقيق مجافيًا للحقيقة، مما يستوجب مساءلة جنينة..
ولكن ثمة أهمية أخرى للحديث تفرضها ذاتية الجهاز المركزي للمحاسبات، باعتباره أقدم الأجهزة الرقابية في مصر، إذ صدر بقانون إنشائه المرسوم الملكي رقم 52 الصادر بتاريخ 16 أغسطس 1942، وهو بلا جدال أهم الأجهزة الرقابية، بوصفه أمينًا على المال العام، بما له من صلاحيات واختصاصات واسعة في مراقبة وضبط وتصويب أداء أجهزة الدولة جميعها وبعض المؤسسات والكيانات الخاصة وفق شروط محددة في تعاطيها مع المال العام، والكشف عن المخالفات المالية والإدارية، وإحالة المخالفين إلى الجهات المختصة بالتحقيق والمحاكمة، علاوة على مراجعة الميزانية العامة للدولة بكل عناصرها، وحسابها الختامي على المستويين المركزي والجهوي..
والجدل الجاري على الساحة الآن مستحق ومفهوم بطبيعة الحال، فالفساد مستشرٍ في كل قطاعات الدولة، ويأخذ طابعًا مؤسسيًّا.. وحين يُعزل رئيس أكبر جهاز رقابي بهذه الطريقة؛ فثمة أسئلة سياسية ودستورية وقانونية تفرض نفسها.
ولئن كانت هذه المساحة لا تنفسح للإجابة عن كل الأسئلة، فحسبنا هنا أن نعرض لبعض أمور جوهرية تتصل إجمالًا بالمنطق الدستوري والقانوني السليم إزاء مثل هكذا حدَث..
1. والواقع أن كل الدساتير السابقة خلت من نصوص تتصل بأوضاع الأجهزة الرقابية المتخصصة إلى دستور 2012، فهو أول من تناول الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بالنص عليها، وأفرد لها بابًا مستقلًّا؛ ونص في مواده من «200» حتى «203» على تحديدها وتقرير أوضاعها العامة، وكفل لها مجموعة من الضمانات الأساسية اللازمة للاستقلال والحيدة والنزاهة..
2. ولحساسية منصب رئيس الجهاز أو الهيئة، فقد نصت المادة «200» منه على: «يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.
ولا يعزلون إلَّا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويُحظر عليهم ما يحظر على الوزارء». وواضح من نص هذه المادة حظر العزل لأي من رؤساء الأجهزة والهيئات إلَّا بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشورى إذا كان مجلس النواب محلولًا إذاك وهذا أمر طبيعي ومسلَّم به؛ طالما أن رئيس الجهاز أو الهيئة يكون تعيينه بموافقة مجلس برلماني، فمن البديهي أن يشارك أيضًا في قرار عزله، توفيرًا للثقة والأمان لدى أولئك الرؤساء أثناء أدائهم أعمالهم في مكافحة الفساد والكشف عن وقائعه وملاحقة الفاسدين..
3. أما «دستور 2014» فلم تأت نصوصه خلوًا من الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، إذ جاء بالفرع الثاني من الفصل الحادي عشر، وتحت عنوان «الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية» بيان لمجموعة من الأحكام الدستورية الخاصة بهذه الهيئات والأجهزة، ويدخل في نطاقها بطبيعة الحال الجهاز المركزي للمحاسبات، وعدّدت النصوص من «215» حتى «221» جملة من الضمانات، وأكدت الاستقلال المالي والفني والإداري لمثل تلك الهيئات والأجهزة، لكن ويا للمفارقة جاء النص المقابل لنص المادة «200» من دستور 2012 بحكم جديد؛ تضمنه نص المادة «216» الفقرة الثانية بإباحة «إعفاء» رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وفقًا لقانون يبيّن الحالات المستوجبة للإعفاء!!
4. وفي 9 يوليو 2015 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم «89» لسنة 2015 بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وأعطى لرئيس الجمهورية مطلق الصلاحية في إعفاء ليس فقط رؤساء تلك الهيئات والأجهزة، بل امتدت يده إلى أعضائها أيضًا.. وبذا بات لرئيس الجمهورية منفردًا سلطة النظر والبت في إعفاء أو إبقاء رئيس أو عضو الهيئة أو الجهاز، بعد أن كان البرلمان مشاركًا له في هذا الأمر قبل تعديل دستور 2014..
5. يضاف إلى ما سبق عوار دستوري آخر؛ ذلك أنه من المفترض أن القانون المقصود في المادة 2016 من «دستور 2014» هو قانون تشكيل الهيئة أو الجهاز ذاته، وليس قانونًا مستقلًّا يصدر بذلك. يؤكد ذلك استعراض نص هذه المادة بفقرتيها؛ إذا تنص على: «يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي قانون، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. يُعيّن رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أي منهم من منصبه إلَّا فى الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء».
6. فالمنطق الدستوري والقانوني السليم، وفقا لنص المادة الآنفة، يقتضي النص على مثل هذه الحالات في قانون الهيئة أو الجهاز، بتعديل يجري إدخاله على قوانين الهيئات والأجهزة مثل قانون تنظيم الجهاز المركزي للمحاسبات وقانون هيئة الرقابة الإدارية.. إلخ وليس في قانون خاص مع التسليم باحتمال حدوث عوارض تفقد شاغل المنصب للأهلية اللازمة للاستمرار فيه. ولكن مناط هذا هو اتخاذ إجراءات محاطة بالضمانات الكافية، ويتولى تحقيق وفحص تحقق حالة من حالات الإعفاء أو عدم الصلاحية هيئة قضائية خاصة، ودون تدخل من السلطة التنفيذية؛ لأنها تخضع بالأساس لسلطة الهيئة أو الجهاز الرقابية «على سبيل المثال تقضي المادة 20 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 144 لسنة 1988 بسريان القواعد المقررة في قانون محاكمة الوزراء في شأن اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز» ناهيك أن يستقل رئيس السلطة التنفيذية «رئيس الجمهورية» بتحديد حالة الإعفاء وبدون ما يكفل أي حد أدنى من الحياد والاستقلالية.. فمن اشترك البرلمان في تعيينه ينبغي أن يشترك في عزله أو إعفائه.
7. يؤيد ما نقول به أخيرًا أن نص المادة «203» من دستور 2012 المعدل «فدستور 2012 لم يُلغ، ولكن أدخلت تعديلات عليه في 2014» اعتمد هذا النظر، بأن أحال إلى القانون الخاص بالهيئة أو الجهاز ببيان طريقة تعيين أعضائها، وترقيتهم، ومساءلتهم، وعزلهم.. فجرى نصها على: «يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها فى الدستور، ونظام عملها؛ ويمنح أعضاءها الضمانات اللازمة لأداء عملهم، ويبين القانون طريقة تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم وعزلهم، وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال».
وبالتالي فإن في إصدار قانون خاص ببيان حالات الإعفاء كما في القانون 89 لسنة 2015، انتهاكًا للدستور، وقصورًا في فهم أحكامه.
تلك إذن كلمة موجزة، نقدمها عجالةً، اقتضاها واقع الحال، تنطبق على الحالة الراهنة بشأن المركزي للمحاسبات جهازًا ورئيسًا باعتباره هيئة رقابية مستقلة، وكذلك تسري على أي هيئة مستقلة أو جهاز رقابي آخر، مهدّد ولا شك بالقانون رقم 89 لسنة 2015.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.