على ضوء ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث على الصعيد الإقليمي، خاصة في ليبيا وسوريا أجرت مصر العديد من التحركات الدبلوماسية هذا الأسبوع في محاولة لتعزيز الاستقرار في هذه الدول، وعلى الرغم من وصول هذه الأزمات إلى طرق باتت جميعها مسدودة، يسعى الكثيرون بما فيهم القاهرة لوضع حدًا لها في ظل المعادلات والترتيبات التي تهدد الإقليم كالتقسيم والفدرلة والتدخل العسكري الغربي. زيارة شكري إلى السودان زيارة مفاجئة لوزير الحارجية المصري سامح شكري إلى السودان، التقى خلالها الرئيس السوداني عمر البشير، وسلمه رسالة نصية من الرئيس عبد الفتاح السيسي تتصل بتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بالمحافل الدولية، في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية السودانية شد وجذب، آخره ما جرى خلال التصويت على تعيين أحمد أبو الغيط، أمينا عاماً للجامعة العربية، حيث اعترضت السودان على المرشح المصري، لكن سرعان ما التزمت بالوفاق العربي. ويقول وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إن: لقاء البشير وشكري تناول الاتفاق الثلاثي الأخير بشأن التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية بين السودان ومصر وإثيوبيا، مضيفا أن توجيهات صدرت لوزراء خارجية البلدان الثلاثة بالترتيب لقمة تجمع رؤساء البلدان الثلاثة، فضلا عن بحث الاستعدادات لانعقاد اللجنة العليا السودانية المصرية في القاهرة خلال الأسابيع المقبلة. وتتصل زيارة شكري للخرطوم بتطورات ملف سد النهضة وما انتهت إليه المفاوضات في الفترة الأخيرة، وضرورة الإسراع في عقد قمة للرؤساء الثلاثة، لحسم الخلافات التي تعطل الشركات الاستشارية عن البدء في تنفيذ مهامها، فضلا عن حسم الجدل فيما يتصل بالمخاوف المصرية، ومحاولة إقناع الطرف الإثيوبي بتقديم تنازلات في الملف. ويؤكد خبراء في هذا الشأن أن مسار مباحثات سد النهضة مازال متعثرًا، على الرغم من انقضاء خمس سنوات من الصولات والجولات، في الوقت الذي تعمل فيه إثيوبيا ليل نهار لاستكمال منشآت السد وفي تكتم شديد على مصادر التمويل وحتى على تصميمات السد، حيث أظهرت أخر التقارير أن إثيوبيا أنجزت أكثر من نصف منشآته، في حين القاهرة مازالت تتفاوض للتعاقد مع مكتب استشاري لدراسة تداعيات السد وتأثيراته الوخيمة عليها. في نفس الوقت تبدى بعض دول حوض النيل تحضيرات لحذو نفس المسار الإثيوبي لإنشاء بعض السدود، حيث ظهرت بعض التقارير التي تشير إلى إنشاء مشروعات مماثلة لإقامة سدود جديدة بدول حوض النيل، كالسودان وأوغندا وتنزانيا ورواندا والكونغو. وأعلن المدير التنفيذي لصندوق إعمار وتنمية شرق السودان الجمعة الماضية اكتمال العمل في مشروع سدي أعالي عطبرة وسيتيت بنسبة فاقت ال 90%، متوقعًا الانتهاء من جميع أعمال السد خلال العام الحالي. وفي هذا السياق قال موقع «أوول أفريكا» إن هناك سدود سودانية قد تهدد حصة مصر المائية، وسوف تثير المخاوف من شبح الجفاف وعرقلة مشروعات التنمية، الأمر الذي يعد خطرًا على الأمن القومي المصري. زيارة شكري إلى ليبيا اجتمعت دول الجوار الليبي في تونس الاثنين بحضور وزراء خارجية دول الجزائر ومصر وتشاد، في ظل تحذيرات من قرب تحول ليبيا إلى بؤرة للإرهاب، خاصة بعد الضغط على التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، مما يسفر عن عودة بعض المسلحين عبر تركيا وصولًا إلى ليبيا. ويرتبط الوضع الأمني في مصر باستقرار ليبيا، إذ يرى مراقبون أمنيون أن هناك ارتباط وثيق بين التنظيمات الإرهابية في مصر ونظرائها في ليبيا الذين يحملون نفس الأيديولوجية، لذا يعمل الجيش المصري على المناطق الحدودية مع ليبيا للحد من تسلل العناصر الإرهابية إلى داخل البلاد، في نفس الإطار تتحرك مصر على الصعيد الدولي للوصول إلى حل لهذه الأزمة للعمل على إعادة الاستقرار في هذا البلد وذلك من خلال التسريع في تمكين الحكومة الليبية الجديدة من تأدية عملها، لكن مع الحفاظ على المؤسسات الليبية كالبرلمان والجيش الليبي وضرروة تجنب أي أخطاء قد تؤدي إلى زيادة الانقسام في ليبيا. ودعا وزير الخارجية سامح شكري خلال اجتماعات الجوار الليبي في تونس، إلى مواصلة التمسك بدور مجلس النواب، كونه يظل الظهير الشرعي الوحيد للاتفاق السياسي، الذي بدونه لن يكتمل البناء المؤسسي الليبي، مناشدًا في الوقت ذاته المجلس تحمل المسؤولية والعمل دون إبطاء لمنح الثقة لحكومة الوفاق الوطني، وتفويت الفرصة على القلة المغرضة للتشكيك في تلك الشرعية، على غرار ما سبق أن شهدناه من تصرفات تهدف لعرقلة المسار السياسي. الاتفاق التركي الأوروبي شهد هذا الأسبوع تحولًا آخر في ملف اللاجئيين السوريين، فبعد الاتفاق التركي الأوروبي في بروكسل والذي يعد نقطة تحول مهمة للطرفين؛ سواء على صعيد التعاون الاقتصادي، أو التعاون السياسي، اعتبر كثيرون أن هذا الاتفاق شكل انتكاسة كبيرة بالنسبة للاجئين؛ حيث أغلق باب الهجرة غير الشرعية أمامهم للوصول إلى البر الأوروبي. وتأتي هذه الانتكاسة لتزود معاناة اللاجئيين السورين وتحويل وجهتهم إلى دول في الحدود الإقليمي والتي ستؤثر بدورها على الدول العربية التي تستقبل عددًا كبيرًا من اللاجئيين كالأردن ومصر ولبنان. ولا تخفي مصر قلقها إزاء هذا الاتفاق، حيث أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية أن بنود الاتفاق والإجراءات المنصوص عليها في هذا الاتفاق تتعارض بشكل واضح مع ثوابت ومواثيق القانون الدولي ذات الصلة، معربا عن أسفه أن يتم استغلال معاناة اللاجئين السوريين وغيرهم، لتحقيق مكاسب سياسية بالمخالفة لأحكام ومبادئ القانون الدولي، والتنصل من الالتزامات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وأضاف المتحدث الرسمي أنه على الرغم من أن الاتفاق قد تضمن إشارة صريحة إلى احترام كافة الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، إلا أن بنود الاتفاق في حد ذاتها تخالف تلك المواثيق والاتفاقيات، لاسيما فيما يتعلق بعمليات الإعادة الجماعية للمهاجرين الذين يعبرون تركيا إلى اليونان دون تحديد ما إذا كانوا مؤهلين للحصول على وضع اللاجئ ويستحقون الحماية الدولية من عدمه، وفقا لما نصت عليه اتفاقية جنيف لعام 1951، والتي ألزمت البلدان المتلقية للاجئين بالتحقق من وضعيتهم.