قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن سياسات تركيا تجاه الأكراد تأخذ هذا البلد المحوري في الاتجاه الخاطئ منذ عدة سنوات، والآن الأخطاء والتناقضات الظاهرة في سياستها الداخلية أصبحت مشكلة دولية كبرى؛ مما يهدد بتوسيع الصراع الذي يدمر المنطقة التي حتى وقت قريب كانت شكلًا لقوة الاستقرار والتعقل. وتضيف الصحيفة أن القتال في جنوب شرق تركيا بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني يزداد سوءًا، بالإضافة إلى اشتعال الحرب الساخنة بين تركيا والأكراد في شمال سوريا، مشيرة إلى تفجير أنقرة الأسبوع الماضي، والذي أسفر عن مقتل 28 جنديًّا تركيًّا، وذلك بعد قصف الحكومة التركية لمواقع للأكراد في سوريا، والحملة الأمنية الشرسة ضدهم في جنوب شرق البلاد. وترى الصحيفة البريطانية أن الحرب الواضحة بين الأكراد والأتراك تؤكد أن حجة تركيا للتدخل البري في سوريا لإنشاء منطقة آمنة للاجئين ليست صحيحة، وإنما تريد التدخل لوقف تقدم الأكراد السوريين ووحدات حماية الشعب الكردي التي استولت على أراضي على طول الحدود التركية في الأيام الأخيرة، حيث يخشى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من قدرة أكراد سوريا على خلق دويلة دائمة داخل الأراضي السورية وزيادة معارضة حزب العمال الكردستاني له في أنقرة، بالإضافة إلى أكراد العراق، فهناك كابوس تركي من كردستان موحدة، كما أن هذه النظرية ليست بعيدة جدًّا. وتوضح الصحيفة أن الأكراد يحظون بدعم من الأمريكيين لحربهم ضد تنظيم داعش الإرهابي، وربما أيضًا من الروس؛ لأن لهم تأثيرًا محايدًا في قتالهم ضد أعداء الدولة السورية، وحال تدخل القوات التركية في سوريا، فإن الروس سيبدءون تحركًا عسكريًّا، وبالتالي ستستدعي تركيا حلف الناتو، وتبدأ الحرب، ولكن هذا السيناريو غير محتمل، والأرجح أن الأتراك سيستمرون في إقناع العالم بأن الأكراد جماعات إرهابية. وترى الصحيفة أن أردوغان يحاصر نفسه بالأكراد في العراقوسوريا، ولم يتوقع هذا، وربما لم يقم الرئيس التركي بتسوية جادة مع الأكراد، وترك عملية السلام تفلت من بين يديه، والآن أصبحت سياسته مشوهة تجاه الأكراد. وتلفت الصحيفة إلى أنه قبل عام كانت الحكومة التركية لا تزال في محادثات سلام مع حزب العمال الكردستاني، وتمتعت بعلاقات جيدة مع إيرانوالعراق، فضلًا عن أوروبا وأمريكا وروسيا، واليوم العلاقات التركية مع كل ما سبق متوترة، ولذلك عليها تجنب القتال المباشر على حدودها، بالإضافة إلى محاولة تحقيق السلام مع مواطنيها الأكراد؛ لأنها بالطريقة الحالية تزيد من مشاكل المنطقة بدلًا من احتوائها.