هدد الإهمال الذي أصاب الثروة الحيوانية مصير ذلك النشاط الهام، الذي تقوم عليه العديد من الصناعات، فلجأ العديد من العاملين إلى تغيير نشاطهم وغلق مزارعهم؛ لما انتابهم من خسائر فادحة؛ نتيجة الأمراض وارتفاع تكاليف الإنتاج. وقال محمد عطية مربي إنتاج حيواني إن أهم المشاكل الأساسية التي تجابه العاملين في مجال الثروة الحيوانية عدم دعم الحكومة، فلا تقوم بتوفير الأعلاف أو الأدوية أو التحصينات، ولم تعد هناك رقابة على الأسواق، فأصبح المتحكم في السوق هو العرض والطلب، وبالتالي أسعار اللحوم في ارتفاع مستمر، مطالبًا الدولة بتوفير التحصينات اللازمة، وعلى رأسها المصل الخاص بالحمى القلاعية، التي تعد من الأمراض الأساسية التي تؤثر على الإنتاج الحيواني، لأنها تتسبب في نفوق العجول الصغيرة، وبالتالي في ارتفاع أسعارها؛ لعدم توافرها، حيث يصل سعر العجل الصغير الذي يزن 200 كيلو إلى 8 آلاف جنيه، وينفق عليه علف بنحو 4 آلاف جنيه، يضاف إليه سعر الأدوية البيطرية والخدمة، وبالتالي تزيد التكلفة ليصل العجل الذي يزن 400 كيلو إلى 15 ألف جنيه٬ مما دفع العديد من المربين إلى الخروج من السوق دون رجعة. ومن جانبه قال سعد الحيان رئيس الربطة المصرية لمنتجي الجاموس إن مشاكل الثروة الحيوانية في مصر يعاني منها كل من صغار ومتوسطي وكبار المربين٬ علمًا بأن 85% من الثروة الحيوانية يقوم بها صغار الفلاحين، حيث يمتلك كل واحد منهم ما لا يزيد على خمسة رؤوس، مشيرًا إلى أن هؤلاء الفلاحين يعانون مشاكل كبرى؛ لعدم قدرتهم على المنافسة في مجال إنتاج اللحوم في ظل أحوال السوق التي تشهد انخفاضًا في أسعار المواشي المستوردة، مقارنة بارتفاع تكلفة التربية والإنتاج المحلي، وبالتالي يدخل الفلاح الصغير في منافسة خاسرة من البداية؛ مما يضطره إلى بيع المواشي وذبحها وهى صغيرة، إلى جانب عدم درايته بالتقنية الحديثة في التربية والرعاية البيطرية؛ مما يجعل كفاءة الإنتاج أقل بكثير، كما أن عدم تعاون صغار الفلاحين مع هيئة الخدمات البيطرية في اتباع نظم التحصينات والتلقيحات اللازمة وفى المواعيد المحددة تسبب في ارتفاع نسب النفوق والإصابة بالأمراض، بالإضافة إلى عدم اقتناعهم بالتأمين على الحيوان؛ حتى لا يزيد من التكلفة. وأوضح رئيس رابطة منتجي الجاموس أن أسباب تراجع الثروة الحيوانية بالنسبة للمربين المتوسطين الذين يمتلكون من عشرة إلى خمسمائة رأس ماشية هي اعتمادهم على ربحية السوق، حيث يقومون بشراء دورة تسمين لفترة محددة لاستثمار رؤوس أموالهم، ويواجهون مشاكل لا حصر لها، ويتكبدون خسائر كبيرة. ففي الموسم الماضي ارتفعت تكلفة الشراء والتربية ارتفاعًا أعلى من سعر البيع٬ كما أن الإصابة بالحمى القلاعية والأمراض الأخرى المختلفة وارتفاع سعر الأعلاف بشكل غير طبيعي ونفوق الكثير من الرؤوس أدت إلى خروج 75% منهم من السوق٬ وبالتالي أغلق معظمهم مزارعهم. وتابع أن كبار المربين، الذين لديهم إمكانيات عالية واستثمارات كبرى تصل للملايين، حيث يمتلك الواحد منهم من 4 إلى 5 آلاف رأس وآليات ومعدات إلكترونية متطورة، يواجهون المشاكل ذاتها مثل صغار ومتوسطي الفلاحين، إلا أنهم مضطرون لاستكمال دورة التسمين. وشدد الحيان على ضرورة الاهتمام الكامل بالثروة الحيوانية من خلال الاستيراد من الخارج، مع ضرورة اللجوء إلى السودانٕ وإثيوبيا المعروفة بانخفاض أسعار لحومها مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى٬ كما يجب تفعيل مشروع البتلو القائم منذ عام 1992، رغم أنه غير مؤثر في الوقت الحالي؛ لقيامه بتسمين من 50 إلى 60 ألف أرس سنويًّا، في حين أن مصر تستهلك مليون طن لحم أحمر سنويًّا ، وتأثيره لحل الأزمة لا يزيد على 5 %.