أعادت واقعة مقتل سائق على يد أمين شرطة في مشاجرة بالدرب الأحمر فتح ملف تجاوزات أمناء الشرطة على المواطنين بلا حساب ولا رادع؛ مما تسبب في احتقان شديد في الشارع بين المواطن وأفراد الشرطة. كما أن تكرار اعتداء الأمناء على المواطن أصبح أمرًا عاديًّا، وهو ما يتحدث عنه الواقع من الاعتداء على الأطباء بمستشفى المطرية، مرورًا بالاعتداء على سيدة والتحرش بها وسحل مواطن داخل محطة المترو. وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة المستقبل، إن ما حدث من اعتداء أمين الشرطة على مواطن بالدرب الأحمر أدى إلى مقتله، ومحاولة المواطنين القصاص من أمين الشرطة، تحول جديد في عقلية المواطن المصري وإدراك منه أنه سوف يأخذ حقه بيديه ممن يعتدي عليه من رجال الشرطة؛ وذلك لتكرار حوادث اعتداء الأمناء على المواطنين، وينتهي الحال دون تطبيق أي عقوبات عليهم، كما حدث مع واقعة اعتداء أمين على مواطنة والتحرش بها جنسيًّا، واعتداء آخر على أطباء المطرية وخروجه دون أي عقوبة، لافتًا إلى أن ما يحدث يبشر بطريق خطر نحن نسير في اتجاهه. وأوضح صادق أن الرأي العام والمواطنين لو كانوا واثقين في تطبيق القانون والعدالة من أكبر رأس إلى أصغره، كانوا سيتركون اعتداء الأمين للقانون لمحاسبته، إلا أنه في ظل عدم معاقبة الأمين، طبيعي أن يحدث هذا التصرف، مؤكدًا أن ما يحدث إنذار للحكومة والرئيس ووزير الداخلية، مشيرًا إلى أن البيروقراطية وتخبط وزارة الداخلية والعمل بحكمة انصر أخاك قاتلًا أو مقتولًا وراء كل هذا، لافتًا إلى أن تكرار الحوادث بنفس السيناريوهات من الأمناء دون عقوبات يجعلنا نشك بأن هناك صراعًا بين أجهزة الأمن لإفشال النظام. وأكد العميد محمود قطري، الخبير الأمني، أن الاعتداءات المتكررة من أمناء الشرطة سوف تستمر؛ لمعرفتهم أنهم لن يعاقبوا مهما فعلوا؛ لأن عقلية الأجهزة الأمنية لدينا ترى أنها وصية على المواطن وأنه من واجبها حمايته من نفسه، مشيرًا إلى أن الوزارة تحتاج إلى إعادة هيكلة من جديد واستراتيجيات حديثة بديلة عن العقلية التي تدار بها منذ عقود طويلة. وأضاف قطري أن استمرار تلك العقلية في الاعتداء على المواطنين رسائل تحذير للنظام بأن بقاء الوضع على ما هو عليه سوف يحشد المواطنين ضد الأجهزة الأمنية؛ مما قد يقود إلى طريق حرب بين المواطن وأمين الشرطة، وهو ما لا تدركه الأجهزة الأمنية نتائجه على مدى تراكمي.