في محاولة لتفادي العوار الدستوري، بعد رفض قانون الخدمة المدنية من جانب مجلس النواب، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار رقم 76 لسنة 2016 بتفويض رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل في مباشرة بعض اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، فيما يتعلق بوظائف الدرجتين العليا والممتازة. كما يفوض القرار الوزراء كلًّا فيما يخصه في مباشرة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، فيما يتعلق بوظائف مدير عام. ويُعتبَر هذا القرار الذي نُشر في الجريدة الرسمية بمثابة إحياء لقانون تنظيم أوضاع العاملين في الجهاز الإداري بالدولة رقم 47 لسنة 1978، والذي كان قانون الخدمة المدنية الملغى ينص على إلغائه في مادته الثانية. ويتكون قانون العاملين المدنيين في الدولة والمعروف بقانون "47″ من 61 مادة بنظام العمل لجميع العاملين في الدولة، بداية بالإجازات والبدلات والإعارة، وغيرها من الشؤون الإدارية للعاملين، حتى خروجهم إلى سن المعاش. وتم إصداره في عام 1978 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وتم تعديله أكثر من مرة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، كان آخرها في عام 2008. أسباب رفض الخدمة المدنية استُكمِل العمل بهذا القانون حتى الرئيس الحالي، قبل إصدار قانون الخدمة المدنية، والذي قوبل بحالة غضب بين القوى السياسية، خاصة قيادات الملف العمالي، الذين اعترضوا على مجموعة من البنود، التي تحدث ثغرات في تطبيقه، ومنها إعطاء المدير المباشر صلاحيات مطلقة في الترقية وإعطاء الحوافز والبدلات، وهي الجزء الأكبر من المرتب، بجانب مخالفة الدستور باستثناء بعض مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والعاملون في البنوك والهيئات الاستثمارية، وهو ما يُعَدُّ تمييزًا حظره الدستور المصري الجديد. فترة انتقالية مدحت الزاهد، القيادي بحزب التحالف الشعبي، أكد أن العودة إلى القانون "47″ هو خطوة إجرائية؛ حتى تتفادى الحكومة العوار الدستوري والفراغ التشريعي الناتج عن إلغاء قانون الخدمة المدنية من جانب مجلس النواب، مشيرًا إلى أن العمل بهذا القانون مجرد فترة انتقالية، يتم خلالها تعديل قانون الخدمة المدنية بما يتماشى مع الدستور والمخاوف التي وضعتها مجموعة من القيادات العمالية، التي أوصت بمراجعة القانون؛ لكونه يضر العامل وبه العشرات من الثغرات. وأضاف الزاهد أن العودة إلى القانون "47″ تعكس صحة موقف القوى السياسية التي كانت رافضة للقانون منذ اللحظة الأولى، مطالبًا مجلس النواب بالأخذ بمطالب القوى السياسية أثناء تعديل قانون الخدمة المدنية، مشيرًا إلى أنه كان هناك تحفظات على القانون، وهي عدم وجود شروط للترقية، وكان المعيار هو الأقدمية، بجانب عدم جواز الفصل إلا في حالاتمعينة؛ لذلك كانت هناك حاجة لعمل قانون جديد ينظم العمل، فتم عمل قانون الخدمة المدنية. حوار مجتمعي وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة قال إن الحكومة لا بد أن تجري حوارًا مجتمعيًّا مع الفئات التي سيُطبَّق عليها القانون، بالإضافة إلى أن هناك عشرات المقترحات التي تقدمت بها النقابات والهيئات العملية إلى الحكومة. ولكن كالعادة لم يتم استخدامها أو الرجوع إليها، مشيرًا إلى أنه ينتظر رفض المجلس للقانون بشكله الجديد الذي لم يتضمن أي تعديل حقيقي يحافظ على مصلحة العامل والموظف. وتابع أن المسودة التي كانت تعمل عليها الحكومة لتعديل قانون الخدمة المدنية لم تتطرق إلى النقاط الجوهرية محل الخلاف بين العمال والموظفين وبين الحكومة، التي تُعَدُّ صاحبة العمل؛ نظرًا إلى أن هناك نحو 5 ملايين موظف يعملون في القطاع العام؛ لذلك نرحب بالعودة إلى القانون "47″ بشكل مؤقت، على أن يتم تعديل القانون بشكل يحفظ حقوق العاملين في الدولة.