كان قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الخاص بتعيين ناداف أرجمان رئيسًا للشاباك الإسرائيلي، متوقعًا من قِبَل الفلسطينيين، فهو معروف بمناهضته وانتهاكاته ومواقفه العسكرية ضدهم، لاسيما خلال الفترة الأخيرة الماضية مع وصول الهبَّة الفلسطينية إلى مرحلة متطورة، وتمددت حتى وصلت إلى قلب عاصمة الكيان الصهيوني. ناداف أرجمان الذي جاء خلفًا ل«يورام كوهين»، شغل منصب النائب في السنوات الأخيرة، ولعل وصوله لهذا المنصب قرَّبه من الدوائر السياسية الصهيونية، متوغلًا أكثر في مناقشات تخص التحركات الفلسطينية على الأرض ومحاولة مواجهتها، الأمر الذي سارع في تعيينه بعد إثبات فشل كوهين وقف الهبَّة الفلسطينية، ووقف العمليات التي تقودها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنين وعناصر جيش الاحتلال التي تعددت، وأصبحت بمعدل عملية أو أكثر يوميًّا. دور «أرجمان» في قمع الانتفاضة الأولى عام 1987 كان سببًا مهمًّا في تعيينه بهذا المنصب في هذا التوقيت، لاسيما أن الاحتلال الصهيوني يسعى بحسب الأوساط الإعلامية الصهيونية للعودة إلى السيطرة الاستخبارتية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بعد اعتراف الجيش الصهيوني بفشله في توفير معلومات استخبارتية حول العمليات الفدائية التي ينفذها أفراد لا ينتمون لتنظيمات وفصائل فلسطينية، وكان ذلك على لسان رئيس الأركان بجيش الاحتلال الجنرال «جادي أيزنكوت» أمام مؤتمر الأمن القومي قبل عدة أسابيع. ونجح «أرجمان» في تكوين صورة استخبارتية مبهرة لدى قيادته الأمنية الصهيونية خلال الفترة السابق، ووصفه كثيرون بأنه رجل صاحب خبرة كبيرة في مجال عمليات الاغتيال، خاصة التي تستهدف قيادات فلسطينية، إذ أشرف على عشرات عمليات الاغتيال التي نفذها جهاز الشاباك الإسرائيلي، كان أبرزها تورطه في تصفية القائد العسكري لكتائب «عز الدين القسام» أحمد الجعبري عام 2012. كان تدرج أرجمان الوظيفي وخبرته العسكرية والسياسية محط أنظار نتنياهو قبل تعيينه، إذ ينتمي «أرجمان»، ل«كيبوتس حمديا»، التابع لتيار الصهيونية الاشتراكية، وخدم فترة زمنية كبيرة في صفوف الشاباك، حيث تم تجنيده في الجهاز عام 1983 بعد خمس سنوات على انخراطه في الخدمة العسكرية بجيش الاحتلال عام 1978، وتولى مهمات قيادية ميدانية، وبين عامي 2003 و2007 ترأس دائرة العمليات الميدانية في جهاز الشاباك، ثم عُين لمدة أربع سنوات مندوبا للجهاز في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبعدها عُين نائبًا لرئيس الجهاز خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفي سبتمبر 2014 انتدب للعمل في وكالة الطاقة الذرية الإسرائيلية، وهو حاصل على الشهادة الجامعية الأولى في العلوم السياسية من جامعة حيفا، والماجستير في استراتيجية الأمن القومي من الجامعة ذاتها. ورغم أن غالبية عناصر الشاباك يجيدون اللغة العربية؛ لاستعانتهم بها في تحليل رد فعل قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية، إلَّا أن «أرجمان» لا يعرف العربية على غرار سابقيه، لكن بحكم عمله في قسم العمليات العسكرية، خاصة مع تعدد الانتفاضات، احتك كثيرًا بالمجتمع الفلسطيني، واكتسب خبرة في التعامل معه عبر الانتهاكات العسكرية لجيش الاحتلال التي أشرف على تنفيذها. تناولت الصحف الصيهونية شخصية «أرجمان» بانبهار، زاعمة أنه شخصية مهنية محترفة تدرجت في جهاز الشاباك من أوسط المهام حتى وصل إلى منصب نائب رئيس الجهاز، ومن ثم جرى اختياره ليكون الرئيس الجديد للجهاز، مشيرة إلى أنه أمامه تحديات متعاظمة، من أهمها عمليات الطعن بالسكاكين، وأنفاق حماس وحروب «السايبر» الإلكترونية.