تعددت المؤتمرات والاجتماعات التي تعقدها الدول الكبرى لمساعدة سوريا في أزمتها المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، لكن يبدو أنها لم تتخط حدود المزاد العلني، الذي يخرج فيه كل طرف ليزايد على الطرف الآخر؛ من خلال استعراض قوته الاقتصادية، وينصب نفسه حاميا لحقوق الشعب السوري ضد الإرهاب، في حين يكون داعما للتنظيمات الإرهابية المتسببة في تشريد الشعب السوري ومعاناته الإنسانية. المؤتمر الرابع.. لاتزال الآمال معقودة يجتمع رؤساء دول وحكومات ووزراء من جميع أنحاء العالم في لندن، الخميس المقبل؛ للمشاركة في مؤتمر دعم سوريا والمنطقة، الذي يأتي مصحوبًا بنداءات لزيادة المساعدة المالية وتلبية الاحتياجات الفورية وذات الأجل الطويل للمتضررين من الأزمة، وإعادة التوطين في الخارج ل10% من اللاجئين المسجلين في الدول المجاورة لسوريا بحلول نهاية العام، وتنفيذ التعهدات السابقة للدول من أجل مواجهة الأزمات الإنسانية التي تسببت بها الحرب في سوريا. ويحدد المؤتمر أهدافًا سيتم تحقيقها على المدى الطويل، إضافة إلى الأموال التي سيتم جمعها، وتتعلق الأهداف بالتعليم والفرص الاقتصادية لإحداث تغيير في حياة اللاجئين المتضررين من الأزمة السورية، ولمساعدة الدول المضيفة لهم، فتقدر نداءات الإغاثة المشتركة بين وكالات الأممالمتحدة في 2016 بنحو 7.73 مليار دولار، بجانب 1.2 مليار دولار تحتاجها حكومات المنطقة المتأثرة بالأزمة. وتشارك بريطانياوالكويت وألمانيا والنرويج، بالإضافة إلى الأممالمتحدة في جهود استضافة وتنظيم المؤتمر الدولي الرابع من نوعه، كما تشارك دول عربية وخليجية في المؤتمر، وعلى رأسها السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، فضلا عن مشاركة دول أوروبية والولاياتالمتحدة وإستراليا وروسيا. المؤتمر الثالث.. تزايد المتضررين أمام عجز المؤتمر الدولي عن إيقاف المعاناة الإنسانية في سوريا، ومع تزايد عدد من يحتاجون للمساعدات الإنسانية بمقدار 2.9 مليون شخص في عشرة أشهر فقط، استضافت الكويت المؤتمر الثالث للمانحين في 31 مارس الماضي، وحضره ممثلون من 80 دولة، وأكثر من 40 هيئة ومنظمة دولية. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى أن المؤتمر كان يهدف إلى جمع 4.8 مليار دولار، لكن قيمة التعهدات بلغت في نهاية المؤتمر 3.8 مليارات دولار. المؤتمر الثاني.. الكويت تتصدر للمرة الثانية بعد عام تقريبًا من انطلاق المؤتمر الأول، وبالتحديد في 15 يناير عام 2014، ومع استمرار الصراع وتصاعد الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعات المسلحة، وتشريدها للمزيد من أبناء الشعب السوري، جاءت الحاجة إلى عقد مؤتمر تكميلي لتشجيع المزيد من الجهود وحشد المزيد من الدعم المالي، وهنا برز دور الكويت للمرة الثانية، فرحب الأمير الكويتي باستضافة المؤتمر الثاني من نوعه. وشارك في المؤتمر ما يقرب من 68 دولة، وأكثر من 30 وكالة ومنظمة دولية، وسعى المؤتمر إلى جمع أكثر من 6 مليارات دولار لمساعدة الشعب السوري لتخفيف المعاناة التي يتعرض لها، وتأمين المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين والمتضررين من هذه الكارثة الإنسانية، لكن مجموع التعهدات وقف عند حد 2.4 مليار دولار فقط. المؤتمر الأول.. آمال كبيرة في 30 يناير عام 2013، انطلق المؤتمر الدولي الأول للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا، واستقطب في حينها اهتمامًا عالميًا بالوضع الإنساني هناك، وانطلقت الدعوات للمشاركة في المؤتمر وحشد الدعم المالي الذي يمكن من خلاله تخفيف معاناة الشعب السوري ولاجئيه، وعُقد المؤتمر في الكويت بعد استجابة الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في ديسمبر 2012، باستضافة مؤتمر رفيع المستوى لتعبئة الموارد المالية من أجل مواجهة الاحتياجات الإنسانية الملحة لمساعدة السوريين داخل سوريا وخارجها. وشارك في المؤتمر 59 دولة على مستوى قادة ورؤساء دول ورؤساء حكومات وعدد من كبار المسؤولين، بالإضافة إلى 13 منظمة ووكالة وهيئة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ومعنية بالشؤون الإنسانية والإغاثة واللاجئين، وتبرعت الدول المشاركة في المؤتمر بإجمالي مبلغ 1.6 مليار دولار لتغطية حاجات السوريين حتى نهاية شهر يونيو 2013، فيما ساهمت الكويت وحدها ب300 مليون دولار، تلقت وكالة الأممالمتحدة للاجئين حوالي 110 مليون دولار من مساهمة الكويت في إبريل 2013. الدول الداعمة للإرهاب.. هل تصبح مانحة؟ مستوى الدعم الذي تقدمه الدول المشاركة في الحرب على سوريا، أمثال قطر وتركيا وفرنسا والسعودية، لم يرتق إلى مستوى التمويل الذي تقدمه نفس الدول لدعم الإرهاب والتنظيمات المتطرفة هناك، التي تسعى دائمًا إلى تقوية شوكتها والوقوف إلى جانبها بعد كل هزيمة ثقيلة تتكبدها على يد الجيش السوري. انتقدت مؤسسة أوكسفام الخيرية، الدول الغنية التي كان لها الدور الأبرز في اندلاع الأزمة بسوريا، واليوم لا تكلف نفسها عناء جهد مساعدة الشعب السوري ولاجئيه، قائلة إن بعضًا من أكثر الدول انخراطًا في الحرب الأهلية السورية، من بين أقل الدول مساهمة في مساعدة ضحايا الحرب، مطالبة إياها ببذل مزيد من الجهود لزيادة مساعداتها للاجئين السوريين. وتابعت المؤسسة أن معظم الدول الغنية تساهم بأقل من حصتها العادلة من المساعدات المالية، وهو المبلغ الذي يتعين على كل بلد أن يساهم به بالتناسب مع حجم اقتصاده، وأوضحت أن الدول قدمت 56.5% من 8.9 مليار دولار، كانت مطلوبة للمساعدات لعام 2015. ونشرت مؤسسة أوكسفام تقريرا لها تحت عنوان «الأزمة السورية.. تحليل النصيب العادل 2016»، يشير إلى أن تقديرات عام 2015 توضح أن قطر دفعت 10.2 مليون دولار، ما يشكل 18% فقط من إجمالي نصيبها العادل، البالغ 57.1 مليون دولار. وأضاف التقرير أن السعودية دفعت 88.8 مليون دولار فقط، ما يمثل 28% من إجمالي نصيبها العادل، البالغ 317.6 مليون دولار، موضحة أن فرنسا من بين الدول الغربية التي انضمت للحملة الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم داعش في سوريا، قدمت 45% من حصتها العادلة، خاصة أنها لم تدفع سوى 139.4 مليون دولار من نصيبها المستحق البالغ 308.7 مليون دولار. وطالبت «أوكسفام» لبنان والأردن برفع القيود المفروضة على الإقامة القانونية، ومنح الوظائف ل«اللاجئين السوريين»، وضمان حصولهم على التعليم والرعاية الصحية، فيما انتقدت السعودية أيضًا لعدم استقبالها لاجئين سوريين، رغم أنها تقدم مساعدات عسكرية لجماعات مسلحة تسعى للإطاحة بالنظام السوري، ما دفع المدير التنفيذي للمنظمة، مارك جولدرنج، إلى القول إن العالم يخذل الشعب السوري.