تأتي الزيارة الحالية للرئيس السيسي لدولة إثيوبيا لتفتح الباب أمام التساؤلات حول جدوى هذه الزيارات، التي تم تكثيفها خلال العامين الماضيين، في ظل إصرار الجانب الإثيوبي على استكمال مشروع سد النهضة والمماطلة التي شهدتها جلسات المباحثات بين الجانين، وبالرغم من ذلك، حرص السيسي على مشاركته في القمة الإفريقية في دورتها العادية السادسة والعشرين المنعقدة بإثيوبيا. الزيارات المتبادلة خلال عامين زار الرئيس عبد الفتاح السيسي إثيوبيا في شهر مارس من العام الماضي، وعقد خلالها جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريام ديسالين، كما ألقى كلمة تاريخية أمام البرلمان الإثيوبي، وسبقها لقاء بين قيادتي البلدين في غينيا الاستوائية يوم 26 يونيو 2014. وفي 27/ 9/ 2014 التقى وزير الخارجية سامح شكري مع وزير خارجية إثيوبيا تواضروس أدهانوم في نيويورك، على هامش أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وتناول الوزيران تطورات العلاقات الثنائية بين البلدين وأهمية أن تنعكس روح قمة مالابو الإيجابية على مسار العلاقات الثنائية بين البلدين. كما التقى السيسي على هامش أعمال القمة الإفريقية بمالابو في 26/6/2014 برئيس وزراء إثيوبيا هيلي مريام ديسالين، وأعلن الجانبان التزامهما المتبادل في علاقات البلدين الثنائية بمبادئ التعاون والاحترام المتبادل وحسن الجوار واحترام القانون الدولي وتحقيق المكاسب المشتركة. وفي 23/9/2014 استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بنيويورك هيلي مريام ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي 13/3/2015 زار رئيس وزراء إثيوبيا هيلي مريام ديسالين مصر؛ لحضور مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري. وفي 29/1/2015 زار الرئيس عبد الفتاح السيسي إثيوبيا؛ للمشاركة في أعمال الدورة العادية الرابعة والعشرين لقمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، يرافقه وفد يضم عددًا من الوزراء. وفي 26/1/2015 قام سامح شكري وزير الخارجية بزيارة إثيوبيا؛ لحضور اجتماعات الدورة العادية السادسة والعشرين للمجلس التنفيذي لوزراء خارجية الدول أعضاء الاتحاد الإفريقي؛ للإعداد لقمة زعماء دول الاتحاد، والتي عقدت بالعاصمة الإثيوبية يومي 30 و31 يناير 2015. وفي 12/1/2015 قام قداسة البطريرك متياس الأول بطريرك إثيوبيا على رأس وفد رفيع من الكنيسة الإثيوبية بزيارة لمصر، واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن أن مصر تتمنى لإثيوبيا ولشعبها الصديق كل التوفيق والتنمية والاستقرار، مشددًا على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين من أجل الأعمار والبناء. وفي 16/12/2014 استقبل المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبية برئاسة رئيس البرلمان الإثيوبي، وضم عددًا من البرلمانيين ورجال الدين والمفكرين والأدباء والإعلاميين والرياضيين والفنيين من دولة إثيوبيا خلال زيارتهم لمصر. وفي 21/11/2014 قام تواضروس أدهانوموزير خارجية إثيوبيا بزيارة مصر؛ للمشاركة في منتدى الشراكة الوزاري حول الصومال، واستقبله سامح شكري وزير الخارجية، وتناول اللقاء مسار العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ومتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعات الدورة الخامسة للجنة الوزارية المشتركة في أديس أبابا والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. كما بحث الوزيران بعض القضايا الفنية العالقة في إطار أعمال اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة، وسبل تحريك عمل هذه اللجنة، وإيجاد حلول لتلك القضايا العالقة ودفعها للأمام. وفي 2/11/2014 قام وزير الخارجية سامح شكري بزيارة إثيوبيا؛ لحضور الدورة الخامسة للجنة المصرية الإثيوبية الوزارية المشتركة، استقبله وزير الخارجية الإثيوبي تواضروس أدهانوم، الذي أوضح أن التعاون المشترك في المجالات التجارية والاستثمارية بين البلدين يتطور بشكل مستمر. وفي 21/9/2014 قام د. حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، بزيارة سد النهضة الإثيوبي؛ في إطار عملية بناء الثقة مع الجانب الإثيوبي، التي بدأت بالإعلان المشترك الصادر عن القمة الرئاسية المصرية الإثيوبية، التي عُقِدت في مالابو في يونيو 2014. وفي 25 يونيو 2014، بعد الجزائر مباشرة، توجه السيسي إلى غينيا الاستوائية؛ ليرأس وفد مصر في أعمال الدورة العادية الثالثة والعشرين لقمة الاتحاد الإفريقي، والتي عُقِدت تحت شعار "الزراعة والأمن الغذائي بالقارة الإفريقية". أزمة سد النهضة رغم أن سد النهضة يمثل الأزمة الحقيقية والهدف الرئيسي لتحركات الرئيس السياسي إلى إثيوبيا، إلا أن بعض السياسيين يرون أن تلك التحركات لم تأتِ بثمارها حتى الآن. نادر الشرقاوي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب المصريين الأحرار، أكد أن الدولة كانت تتعامل مع أزمة سد النهضة بشكل خاطئ، حيث كانت تكتفي بالدور الفني فقط، ولم يكن الملف مسندًا إلى شخصيات سياسية تستطيع أن تتفاوض بشكل دبلوماسي، كما حدث في الماضي أثناء مفاوضات استرجاع طابا. وأضاف الشرقاوي أن الدولة حاليًّا تحاول استنفاد كافة الطرق الحوارية الدبلوماسية لحل أزمة سد النهضة، وهو الملف الرئيسي المتوقع لزيارة السيسي، الذي اتجه في الفترة الأخيرة لتحسين العلاقات الإفريقية بعد أن شهدت حالة من الفتور منذ عام 1995، بعد محاولة اغتيار الرئيس الأسبق حسني مبارك. مشيرًا إلى أن الحل الدبلوماسي والسياسي هو الورقة الأخيرة لحل الأزمة، وإلا فسيكون هناك حل قانوني عبر التحكيم الدولي. أما الحديث عن ضربة عسكرية فهذا مرفوض شكلًا وموضوعًا. موقف القوى السياسية بين الترحيب والتخوف قال الربان عمر المختار صميدة، رئيس حزب المؤتمر، أن القمة الإفريقية العادية السادسة والعشرين ستشهد نشاطًا كبيرًا للرئيس؛ وذلك لإدراكه مدى أهمية القارة الإفريقية والمصالح المشتركة والتاريخية التي تربطها بمصر، مشيرًا إلى أن القمة الإفريقية في هذه الدورة تكتسب أهمية خاصة؛ لأنها ستناقش ملفات مصيرية لسكان القارة، وترتبط بعلاقاتنا بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن مصر ستلعب دورًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا محوريًّا في عدد من الملفات التي ستُطرَح في هذه القمة الهامة، ومن المؤكد أن ملف سد النهضة سيتصدر مباحثات الرئيس مع رئيس الوزراء الإثيوبي. وأشار الدكتور وحيد عبد المجيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن زيارة السيسي ستكون إيجابية، حتى لو لم تحقق المرجو منها بشكل جيد، لافتًا إلى أن الإدارة المصرية لم تدرك حجم الخطر الذي يشكله سد النهضة، ولم تتصرف بحجم الأزمة عبر هذا المشروع، وما زال التحرك بطيئًا. وأضاف أن الدبلوماسية ما زالت غائبة، رغم عشرات الزيارات واللقاءات التي جمعت بين الطرفين، وما زالت هناك أورق كثيرة لم يستخدمها الجانب المصري، كالتعاون الاقتصادي والعلمي والطبي، وغيرها من الأوراق التي من الممكن أن تغير الوضع لصالح الإدارة المصرية.