مع تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية وهبوطه من 120 دولارًا إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل، في غضون أقل من عام ونصف، واجهت الدول المعتمدة بشكل أساسي على تصدير النفط مشكلات كبيرة جراء هذا الانخفاض، إلَّا أن هناك دولًا اعتمدت على سياسات التنوع الاقتصادي منذ فترة لتجنب تأثرها بتقلبات الأسواق. نشر رئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوب، السبت، تغريدة تعلن عن بداية اتجاه جديد في الاقتصاد الإماراتي، بلا اعتماد كامل على النفط، قائلًا: سنحتفل بآخر برميل نصدره من النفط، مما يثير عدة تساؤلات حول المقومات الاقتصادية الأخرى التي جعلت الاقتصاد الإماراتي في غنى عن تقلبات السوق النفطي. معدل النمو في الوقت الذي شهدت فيه أغلب الدول الخليجية، خاصة السعودية وقطر عجزًا في الموازنة العامة، لاسيما مع تهاوي أسعار النفط، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات خلال عام 2015 الماضي نحو 3.5%، وهو ما يفوق معدل نمو الاقتصاد العالمي المتوقع وصوله إلى 3.1% هذا العام، كما وضعت وزارة الاقتصاد الإماراتية رؤية واضحة للخريطة الاقتصادية المستقبلية، تستهدف تحقيق معدل نمو حقيقي للقطاعات غير النفطية بنحو 5% سنويًّا بحلول 2021. الاعتماد على التجارة غير النفطية أعلنت وزارة الاقتصاد الإماراتية في تقرير إحصائي نهاية العام الماضي، أن حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع احتساب تجارة المناطق الحرة بلغ تريليونًا و632 مليار درهم خلال 2014، حيث وصلت التجارة المباشرة إلى ما قيمته تريليون و72 مليار درهم 291.9 مليار دولار، بلغت فيها قيمة الواردات 696.4 مليار درهم 189.6 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات 132.2 مليار درهم 36 مليار دولار، وقيمة إعادة التصدير 243.7 مليار درهم 66.3 مليار دولار. السياحة يعتبر قطاع السياحة في الإمارات واحدًا من أهم روافد الناتج المحلي الإجمالي، حيث ساهمت الطفرة العقارية التي رافقها تطور في البنية التحتية بالإمارات خلال السنوات الماضية، في تحويلها إلى مقصد سياحي وتدفق السياح إليها من مختلف أنحاء العالم، لترتفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي من نحو 3% منتصف التسعينات إلى أكثر من 8.5% خلال عام 2014 الماضي، وأضافت وزارة الاقتصاد أن قطاع السياحة ساهم في الناتج المحلي لعام 2015 بنحو 130 مليار درهم، بنمو 4% مقارنة مع عام 2014. مع ارتفاع نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي، سعت الإمارات إلى زيادة نسبة الاستثمارات في السياحة، عبر توسيع المطارات، وزيادة طاقتها الاستيعابية، فضلًا عن الاهتمام بالاستثمارات العقارية، حيث تتجاوز الاستثمارات في البنية التحتية للقطاع السياحي بالدولة 47 مليار درهم سنويًّا. الصناعة سعت الإمارات إلى التركيز على القطاع الصناعي باعتباره أحد الركائز الأساسية في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، ولم تركز فقط على الصناعات المرتبطة بالقطاع النفطي، فاهتمت أكثر بالصناعات الأخرى، وتحديدًا الصناعات المعدنية والأثاث وصناعة الخشب وصناعة الألمنيوم ومواد البناء والآلات والمعدات. أسست الإمارات إدارة متخصصة تنظم هذه الصناعة الناشئة، وتنفذ القوانين والتشريعات الخاصة بها، وتنجز المعاملات بسرعة ودقة، بشكل يضمن فعالية الأعمال، ويحقق مزيدًا من النمو لهذه الصناعة، وخلال 2014 بلغت صادرات الإمارات بالتجارة العالمية من الصناعات 85 مليار دولار، بما يعادل 23.6% من الصادرات السلعية للإمارات، محققة نموًّا سنويًّا يبلغ 2% لعام 2014. التجارة الإلكترونية أنشأت الإمارات إدارة التجارة الإلكترونية عام 2006، وكان هدفها إصدار التراخيص وتصديقها وفقًا لأحكام القانون، فضلًا عن متابعة المزودين لهذه الخدمات والرقابة عليهم، إلى جانب الإشراف على المبادرات الحكومية الخاصة، من خلال منظومة عمل متكاملة. وعملت الإدارة منذ إنشائها على صياغة العديد من الأنظمة والتشريعات، ومنها قانون وفر الحماية للمتعاملين إلكترونيًّا، ويحدد التزاماتهم بشكل يسهل المعاملات والمراسلات الإلكترونية ويزيل العوائق ويعزز التطور القانوني لتطبيقها. سياسة الابتكار أكدت صحيفة «تليجراف» البريطانية في تقرير سابق لها أن سر نجاح الإمارات اعتمادها بشكل كبير على مشاريع الابتكار، مشيرة إلى أن الإمارات أعلنت أن 2015 عام الابتكارات، معتبرة أنها من بين أفضل 20 دولة بالعالم في مؤشر الابتكار العالمي قبل حلول عام2021. وحلت الإمارات في المرتبة ال47 عالميًّا من حيث الأداء العام، بحسب مؤشر الابتكار العالمي لعام 2015، الذي أصدرته كلية «انسياد» بالتعاون مع جامعة «كورنيل»، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤكدة أن بن راشد خصص 544 مليون دولار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تعتمد على الابتكار. وخلال شهر نوفمبر الماضي أطلقت دولة الإمارات أسبوع الابتكار شهد 900 مشروع وفعالية على مستوى الدولة، وأكد بن راشد أن الابتكار في الحكومات ليس ترفًا فكريًّا أو تحسينًا إداريًّا أو شيئًا دعائيًّا، بل هو سر بقائها وتجددها وهو سر نهضة شعوبها وتقدم دولها، وإذا استطاعت الحكومة توفير أفضل بيئة ابتكار لموظفيها، فإننا نستطيع توفير أفضل مستقبل لشعبنا ولأبنائنا. الاستثمار في الطاقة الشمسية تعتمد الإمارات حاليًا في استثماراتها على إنتاج الطاقة الشمسية، التي تعد جزءًا من مزيج الطاقة في البلاد، ونفذت الإمارات استثمارات مهمة في مجال الطاقة الشمسية، بما في ذلك مجمع «بن راشد آل مكتوم» للطاقة الشمسية كما أنشأت شركة «مصدر» محطة «شمس1» للطاقة الشمسية المركزة والتي تم تدشينها عام 2013. وعلى الصعيد العالمي، تعد دولة الإمارات من أهم المستثمرين في قطاع الطاقة الشمسية، من خلال استثماراتها في مشاريع مثل محطات «خيماسولار» و«فالي 1» و«فالي 2» بإسبانيا التي أنشأتها شركة «مصدر».