شهد العام المنقضي 2015 حالات واسعة لتجسس الإدارة الأمريكية على نظرائها وحلفائها من دول العالم، ارتكبت الولاياتالمتحدةالأمريكية في ختامه، عمليات تجسس موسعة على 5 دول حلفاء لها. وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن واشنطن تتنصت على اتصالات رئيس وزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رغم وعود الولاياتالمتحدة بالحد من التجسس على حلفائها بعد فضيحة وكالة الأمن القومي الأمريكي، التي تجسست فيها على قادة 30 دولة حول العالم. وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وجد أسبابا ضرورية تتصل بالأمن القومي، تبرر التجسس على بعض القادة بمن فيهم نتنياهو وأردوغان، مضيفة أن الإدارة الأمريكية كانت تتخوف من تجسس إسرائيل على مفاوضاتها مع إيران بشأن البرنامج النووي للأخيرة. وأكدت «وول ستريت جورنال» تعهد أوباما في الفترة الماضية بتقليص التجسس الإلكتروني على حلفاء واشنطن، بعد كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي، إدوارد سنودن، لبرنامج التجسس الرسمي قبل نحو عامين؛ كان من بين ضحاياه المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، ورئيسة البرازيل ديلما روسيف، وآخرين. حادثة التجسس الأخيرة، وفق تقرير الصحيفة الأمريكية، استهدفت قادة ومسؤولين إسرائيليين، وتمكنت وكالة الأمن القومي من التنصت على أحاديث هؤلاء السرية مع أعضاء في الكونجرس الأمريكي ومع جماعات يهودية أمريكية، استطاع البيت الأبيض بموجبها التعرف على الطريقة التي اتبعها نتنياهو ومستشاروه في إفشاء تفاصيل المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني، التي حصلوا عليها عبر جهود تجسس إسرائيلية. وأوضحت الصحيفة أن عمليات التجسس الأمريكية أظهرت مدى ردود الفعل المتباينة من قبل أجهزة الولاياتالمتحدةالأمريكية، فأرسل البيت الأبيض تحذيرا صريحا لأعضاء الكونجرس الذين انضموا لحملة نتنياهو ضد السياسة الأمريكية الرسمية. وكانت الصحيفة ذاتها نشرت تقريرا لها، 23 مارس 2015، اتهم إسرائيل بالتجسس على لقاءات سرية جمعت الوفد الأمريكي المفاوض مع الدول الغربية المشاركة لمناقشة الملف النووي الإيراني، واستغلال إسرائيل المعلومات الواردة إليها حوله، وقامت بتسريبها لعدد من أعضاء الكونجرس بغية معارضة الاتفاق مع إيران، الأمر الذي أثار حفيظة البيت الأبيض. وفيما يخص تداعيات الكشف عن عمليات التجسس داخليا، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة نوتر دام، مايكل ديش، أن الكشف عن عمليات التجسس أظهر مدى آفاق التنسيق القوي بين أقطاب اللوبي الصهيوني داخل أمريكا والحكومة الإسرائيلية في مسعى تأثيرهما على وجهة السياسة الداخلية الأمريكية. ونقل مركز الدراسات العربية والأمريكية عن مايكل ديش قوله «تملك الغضب وارتعدت فرائص أهم ركائز اللوبي الإسرائيلي، من نواب حاليين وسابقين في الكونجرس، أبرزهم رئيسة لجنة الاستخبارات السابقة عن الحزب الديمقراطي في مجلس النواب، جاين هارتمان، التي انتقدت بشدة برنامج التنصت على أعضاء الكونجرس ووصفته بأنه انتهاكا صارخاٌ للحقوق الشخصية». وعرض الصحف الأمريكية، توجيه ثلاثة من المرشحين عن الحزب الجمهوري سهام انتقاداتهم للرئيس أوباما وإدارته؛ لاستهداف إسرائيل التي تعد الحليف الأساسي الموثوق للولايات المتحدة، فأوضحت واشنطن تايمز، في أوائل العام الجديد، أن المرشح بين كارسون وصف عملية التجسس على نتنياهو بأنها «عمل مشين.. والرئيس أوباما تعامل مع حليفنا القوي والديمقراطي في الشرق الأوسط على أنه عدوه الحقيقي». كل التداعيات السابقة لها تأثير آخر على الانتخابات الأمريكية، لاسيما أن تطبيق بعض أعمال التنصت والتجسس تم إبان عهد وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسة الأمريكية، التي تلاحقها سلسلة متواصلة من العقبات، بعضها يصل لدرجة الفضيحة؛ لشغلها منصب عضو في فريق الأمن القومي للرئيس أوباما آنذاك، ومن المرجح أن تدخل قضية التنصت واستهداف نتنياهو ومؤيديه أعضاء الكونغرس موسم الانتخابات الرئاسية بقوة، والذين يتربصون بها لاستحداث أي هفوة قد تصدر عنها أو لها علاقة بها.