كأي فلاح يغرس أرضه، ويرعاها حتى تثمر، فتطرح له محاصيل زراعية يعيش حياته من خيراتها؛ إلا أن المزارع الفلسطيني، يختلف وضعه بوجود الاحتلال الإسرائيلي على أرضه، فحين تقترب مواسم الحصاد، يرسل الاحتلال طائراته المتخصصة لرش المحاصيل الزراعية بسموم تتلف شهوراً من انتظار المزارع، لتقتل المحاصيل، وتسبب تلفا للتربة. ويشتكي المزارعون، الإتلاف المتعمد لمحاصيلهم الزراعية في موعد حصادها سواء برشها بالمبيدات القاتلة للنبات، أو إطلاق النار عليهم لمنعهم من دخول أراضيهم على الشريط الحدودي، مما يؤدي في كلا الأمرين لتلف المحاصيل، مسبباً خسائر فادحة لأصحابها، وعجزاً في الأسواق. محمد النجار، أحد المزارعين في قطاع غزة، يؤكد خسارته لمحاصيل زراعية على مساحة (25 دونم)، بعد رشها بالسموم، مضيفاً أن الطائرات الإسرائيلية تتعمد رش المبيدات السامة على المحاصيل الزراعية، مما يؤدي إلى موتها بعد أيام قليلة، ويفيد أن الأرض كانت مزروعة بثمار متعددة، وكان على وشك تصديرها للأسواق وجني أرباحه، إلا أنها الآن أصبحت غير صالحة ومسممة، وتُقدر خسارته ب40 ألف شيقل، ما يجعله يتساءل عن آلية تعويضه، خصوصا في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة في قطاع عزة. أما المزارع أحمد أبو لحية، فقد بدا متألماً عندما قال: إن الإحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل كل ما يدعو للحياة، وملاحقة مصدر رزق المزارع الوحيد بإبادة المحاصيل، وتدمير الآبار وشبكات الري، مضيفًا أن 40 دونم من المحاصيل قد فسدت تماماً. وقال مدير مكتب وزارة الزراعة بمدينة خانيونس كمال أبو شمالة، إن أكثر من عشرين مزارعا تقدموا بالشكوى لخسارتهم محاصيلهم الزراعية في عمل جبان نفذته طائرات الاحتلال برش مئات الدونمات التي لم يتم حصرها حتى الآن، مؤكداً حصر الوزارة ل 3500 دونم بالمبيدات التي ستؤثر على المحاصيل القادمة. من جانبه؛ قال مدير دائرة وقاية النبات، وائل ثابت، إن الاحتلال للسنة الثالثة على التوالي يقوم بإتلاف محاصيل المزارعين، لضرب الاقتصاد الوطني وثني المواطنين عن زراعة أرضهم، مبيناً أنه يستخدم الوقت المناسب ليكون تأثير الضرر أكبر على النبات والتربة، ناهيك عن ضرر المزارع. ويؤكد أن وزارة الزراعة تقوم بتحذير المزارعين من بيع المحاصيل المتضررة؛ نتيجة تسببها بالتسمم للإنسان أو الحيوان إذا ما تم استخدامها كأعلاف، وكانت الوزارة قد تواصلت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لإعلام الاحتلال بأن هذه المناطق يتم زراعتها بأنواع مختلفة من المحاصيل الورقية، ولا تشكل أي تهديد أمني كما يزعُم الاحتلال، ولكن لم يتوقف رش المحاصيل وقتلها. وعلى هذا الحال، فإن المزارع الفلسطيني في قطاع غزة يعيش ظروفا صعبة للغاية، فبعض المزارعين الذين تضررت أراضيهم في الحرب الأخيرة على القطاع وتم تجريفها وإتلافها، يعانون حتى اليوم عجز التعويضات، فالأزمات الخانقة في قطاع غزة طالت الجميع، وهذه الإعتداءات المدروسة على المحاصيل الزراعية، تعكس بشكل واضح سياسة التجويع والخنق وهدم نمو المنتج الوطني في قطاع غزة.