يبدو أن اغتيال القيادي في حزب الله، سمير القنطار، لم يشعل الأجواء اللبنانية والإسرائيلية فقط، بل امتدت الأزمة لتثير عاصفة خلافات وتباينًا في وجهات النظر بين جماعة الإخوان وحركة حماس، التي ولدت من رحمها. «حماس» تنعي القنطار عقب انتشار نبأ اغتيال القنطار، بغارة إسرائيلية على منزله في العاصمة السورية دمشق، كانت حركة حماس من أوائل الفصائل الفلسطينية التي وجهت التعزية للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بذراعيها السياسي والعسكري، وقالت مصادر من داخل الحركة، إن رسالة الجناح العسكري المتمثل في كتائب عز الدين القسام، حملت توقيع محمد الضيف، القائد العام شخصيًا، فيما حملت رسالة المكتب السياسي توقيع خالد مشعل وإسماعيل هنية، فضلا عن البيان الرسمي للحركة التي قالت فيه، «ننعى إلى المقاومة الإسلامية في لبنان، وإلى أسرانا في سجون الاحتلال، وإلى الشعبين الفلسطينيواللبناني، وإلى أبناء أمتنا العربية والإسلامية، وإلى أحرار العالم، شهيد فلسطينولبنان، شهيد المقاومة الإسلامية، وعميد الأسرى العرب في سجون الاحتلال سابقًا المناضل العربي الكبير سمير علي القنطار». صراع بين أطراف التنظيم الدولي للإخوان وصف حركة حماس للقنطار ب«مناضل العربي الكبير وشهيد المقاومة الإسلامية»، أثار جدلًا واسعًا في صفوف المنتمين للحركة، وكذلك نشطاء في جماعة الإخوان المسلمين، فكتب الناطق باسم جماعة الإخوان في سوريا، عمر مشوح، عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ندين إدانة حماس لمقتل القيادي بحزب الله سمير القنطار»، فيما قال الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان في الأردن، بادي رفايعة، إن هناك غضبا عارما من نعي حركة حماس للقنطار، ووصف محلل سياسي من المحسوبين على الإخوان، ياسر الزعاترة، بيان نعي حماس بأنه بالغ في مدح القنطار، وأنه موقف سخيف ويستحق الإدانة، داعيًا حماس لعدم الإساءة لنفسها، بحسب تغريدته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أما القيادي الإخواني، ملهم الدروبي، فعبر عن ترحيبه بما سماه «الخلاص من سمير القنطار». موقف جماعة الإخوان المسلمين من اغتيال القنطار وتضاربه مع الموقف الحمساوي، كشف عن صراع كبير بين فروع جماعة الإخوان خاصة في سورياوفلسطين، جعلت مواقف الفرعين تخرج دون أي تنسيق، فيبدو أن التنظيم الدولي للإخوان أصبح مفككًا لدرجة أنه بات عاجزًا عن توحيد مواقف فروع الإخوان المتضاربة تمامًا حيال قضايا المنطقة، والخروج بموقف موحد مُرحب أو مُدين، فالجماعة لم تعد على قلب رجل واحد كما كانت قياداتها تزعم فيما قبل، بل أصبحت متشتتة وكل منها يبحث عن مصلحته، ما يأتي بالسلب على العديد من قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي دائمًا ما تدفع ثمن تشتت داعميها. انتقاد جماعة الإخوان لحركة حماس إثر تعزيتها للقيادي في حزب الله، بل وترحيب الجماعة بالجريمة الصهيونية، أثار العديد من التساؤلات حول سير الجماعة بنفس النهج الإسرائيلي الذي رحب بمقتل القنطار أيضًا، فيبدو أن جماعة الإخوان تساوي أعداءها بأعداء الكيان الصهيوني. تقارب «حماس» وإيران الموقف الحمساوي الذي اعتبره الكثيرون من مؤيدي الإخوان تقاربا مع إيران، يأتي بعد أسبوعين فقط من رسائل وجهها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وعضو المكتب السياسي للحركة، محمود الزهار، لطهران يطالبان بدعم حركتهم والقضية الفلسطينية، خاصة الانتفاضة المشتعلة الآن بالأراضي المحتلة. انتشر مؤخرا فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي لهنية، يتحدث عن إيران وأهمية دعمها للانتفاضة الفلسطينية، أكد خلاله نائب رئيس المكتب السياسي للحركة على هامش كلمة بمناسبة ذكرى انطلاقة الحركة ال 28، أن القدسوفلسطين تحظى بمكانة كبيرة في قلوب الإيرانيين قيادة وشعبًا، مضيفًا: «اتوجه بهذا النداء من أجل توفير هذه الحاضنة الاستراتيجية من الشعب الإيراني، ومن شعوبنا العربية والإسلامية في كل مكان لانتفاضتنا المجيدة حتى تتواصل وتستمر وحتى تستطيع أن تواجه المخططات والمؤامرات وحتى نتمكن من تحقيق أهداف الانتفاضة في حماية القدس والأقصى ووقف عربدة المستوطنين وتحرير الأرض والإنسان». أما الزهار، فوجه نداءً لطهران يدعوها لاستعادة علاقتها بالحركة التي تحتفي بذكرى انطلاقتها السنوية الثامنة والعشرين، وقائلا: «ندعو الأشقاء في إيران أن يمهدوا السبل لاستعادة علاقتها مع قوى المقاومة الفلسطينية، وتحديدًا مع حركة حماس»، مبينًا أن حركته تسعى لاستعادة العلاقة معها وتطويرها. حماس تحرج الإخوان مع تركيا لم يتوقف الأمر عند تضارب المواقف والتصريحات بين حماس والإخوان، بل وصل الأمر إلى إحراج «حماس» لجماعة الإخوان مع أنقرة التي تناهض النظام السوري، وبالتالي إيران وحزب الله الداعمين له، وبالنتيجة ترحب بمقتل القنطار، دون الإعلان الرسمي عن ذلك، بموازاة ترحيب الإخوان أيضًا، فالبيان الحمساوي من المؤكد أنه أثار امتعاض تركيا التي تساند الإخوان، لا سيما أن الطرفين ضد النظام السوري ويتقاطعان في ذلك مع الكيان الصهيوني، ما يسير ضد توجهات حركة حماس التي كانت تتوقع تركيا أن تكون على نفس النهج مع حليفتها الإخوانية. يأتي ذلك في التوقيت الذي خرجت فيه تقارير تفيد بعودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل على حساب حماس، وتعهد أنقرة بتقييد نشاطات حماس على أراضيها، فذكرت صحيفة هآرتس، الإسرائيلية، أن تل أبيب وأنقرة، توصلتا إلى اتفاق لإنهاء الأزمة التي تسبب فيها حادث أسطول «مرمرة» وتطبيع العلاقات مرة أخرى بناء على عدة بنود أهمها تحجيم أنشطة حماس في تركيا بشكل كامل.