لا يعلم الكثير أن أغلب جذور الأدب والفلسفة والفنون نبتت في وادي النيل وأن أصول الحضارة الغربية سمراء، فعادة ما نؤرخ للأدب الملحمي بهوميروس وللفلسفة بطاليس وكثيرا من نشاهد أفلام الأساطير القديمة اليونانية والرومانية والأوربية من العصور الكلاسيكية معتبرين إياها تراثا غربيا خالصا،فيما نجهل بشكل أو بآخر ان هذا التراث الغربي الذي يسود عالم ما هو إعادة صياغة لتراث نشأ على ضفاف النيل. أثبتت الأبحاث الحديثة على سبيل المثال أن كلمة sophia اليونانية والتي كان المعتقد أنها أصل معنى الحكمة والفلسفة ما هي إلا تحريف يوناني لكلمة (سب س) المصرية التي تعني الحكيم أو الحكمة، وأن منشأ التفلسف نشأ في مصر في أون القديمة وفي معابد منف. رحلتنا اليوم في قصة شبه أسطورية حدثت في أواخر العصر الفرعوني، وهذه القصة خلدها الزمان وانتقلت لأغلب الحضارات بعد ذلك لتصبح حدوتة يرويها الكبار للصغار على مر الأزمنة. آخر الفراعنة العظام: في عام 570 ق.م وصل إلى عرش مصر الفرعون أمازيس "أحمس الثاني"، يعتبر وفقا للعرف التاريخي آخر فراعنة مصر العظام، فقدبدأ بعده الاحتلال الفارسي وظلت مصر في مرحلة من الضعف والتبعية والخضوع حتى دخول الإسكندر الأكبر محتلا لها 332 ق.م أمازيس تولى الحكم وكانت مشكلة اليونانين قد تفاقمت في مصر، حيث بدأت عادة الاستعانة بهم كجنود مرتزقة منذ عهد جده بسماتيك الأول الذي كان يريد إعادة توحيد مصر وتحريرها من السطوة الأشورية،فاستعان بفكرة شراء الجنود الأجانب، وصل أمازيس الحكم بعد صراع مع الحاكم قبله (واح إب رع) واستطاع أمازيس الانتصار بجنوده المصريين على جنود واح إب رع الأجانب. قرر أمازيس بعد ذلك تغيير وضع اليونانيين في مصر،فقد بات الشعب يشعر بالضجر منهم، فبنى لهم مدينة نوكراتيس في غرب الدلتا وجعلها مكانا يشتغلون فيه بالتجارة وغيرها بعيدا عن الشعب المصري واستفاد منهم في تنشيط حركة التجارة في البحر المتوسط ومع المدن اليونانية. نجح أيضا في إعادة ضبط حدود مصر الغربية، فبنى المعابد وأنشأ المدن في سيوة والواحات ليزيد من كثافة السكان هناك ليصبحوا درعا بشري ضد هجمات الليبيين. سندريلا المصرية والفرعون الشاب: يروي المؤرخ "سترابون" قصة شعبية عن أن الملك أمازيس أقام حفلا كبيرا في قصره، ودعا إليه كل وجهاء البلاد وعائلاتهم وخدمهم أيضا، وكانت فيالمدينة خادمة جميلة من اصل يوناني تسمى روهدوبس،رفض مخدوموها أخذها معهم الحفل، لتقوم بأعمال الخدم، ويأتي نسر عملاق وينقض على حذاء روهدوبس فيحمله ليلقيه أمام الملك أمازيس، الذي قرر البحث عن صاحبة الحذاء وجعل كل نساء البلاد يحاولن ارتداءه ففشلن، حتى وجد روهدوبس فوقع في غرامها وتزوجها. تحولت القصة مع مرور الوقت لتجسيد لفكرة العدالة الإلهية، وأصبحت تشعل في نفوس من يرويها فكرة التضحية والتعب والفوز بعدهما بحياة أفضل، وكيف أن روهدوبس لأنها صبرت وتحملت الكثير من التعب تدخل الإله وأرسل حذاءها ليكافئها. وانتقلت القصة بعد ذلك لأوربا عبر شعراء اليونان، ومنها إلى التراث الغربي كله الذي صاغ قصة سندريلا التي نعرفها اليوم ونشاهد لها أفلاما ومسرحيات وكارتون.