في الوقت الذي بدأت فيه الجماعات الإرهابية بضرب العمق التونسي، حذر محللون وخبراء تونسيون من هجمات جديدة داخل المدن على غرار العملية الانتحارية التي استهدفت حافلة للأمن الرئاسي، وسط العاصمة، فيما طالب بعضهم الحكومة باتخاذ «إجراءات حرب» تتضمن عمليات استباقية لمحاصرة الخلايا الإرهابية ومنعها من تنفيذ عمليات جديدة. كان لهذه الهجمات الإرهابية تداعيات على تونس شملت خطوات أمنية، كما كان للحادث الإرهابي تأثيره على قطاع السياحة، وقال رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد إن التفجير «الهدف منه زعزعة استقرار الدولة، وضرب مؤسسة رئاسة الجمهورية، وخاصةً الأمن». أبرز التداعيات السلبية على تونس جراء هذا التفجير تنوعت بين خطوات أمنية صارمة ستؤدي إلى تقييد حرية المواطنين وفرض مراقبة على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن تأثير ذلك على السياحة، وإغلاق الحدود الليبية التونيسية. الطوارئ اتخذت الحكومة التونيسية تدابير احترازية عدّة عقب الهجوم الانتحاري، أولا بإعلان «حالة الطوارئ» لمدة شهر، وحظرٍ ليلي للتجول من التاسعة مساء حتى الخامسة صباحاً، كما أعلنت «حالة التأهب القصوى، وتعزيز الوحدات العسكرية في المواقع الحساسة، وتكثيف حملات مراقبة نقاط دخول المدن والخروج منها، ومداهمة الأماكن المشبوهة»، إضافةً إلى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب، ومنع غسل الأموال، على كل من يمجد الإرهاب، ويعمل على الدعاية له بصفة مباشرة أو غير مباشرة. قانون الطوارئ في تونس أقره الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة عام 1978، يعلن عنه في الحالات الاستثنائية، حين يحدث خطر داهم يهدد كيان وأمن البلاد، مدة الطوارئ أقصاها ثلاثون يوما، وينص القانون على منع تجول الأشخاص والعربات، ومنع كل إضراب أو اعتصام حتى ولو تقرر قبل الإعلان عن حالة الطوارئ. يتيح القانون للسلطات الأمنية تفتيش المحلات بالنهار وبالليل في المناطق الخاضعة لحالة الطوارئ وأن تتخذ فيها كل الإجراءات لضمان مراقبة الصحافة وكل أنواع المنشورات وكذلك البث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، يمكن لوزير الداخلية أيضا أن يضع تحت الإقامة الجبرية أي شخص يعتبر نشاطه خطيرًا على الأمن والنظام العامين، كما يمكن أن يأمر بغلق قاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات بشكل مؤقت مهما كان نوعها، ينص القانون على حجر الاجتماعات التي من شأنها الإخلال بالأمن أو التمادي في ذلك، والحجر على أي شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلطة العمومية، كما يتيح القانون اللجوء إلى تسخير الأشخاص والمكاسب الضرورية لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية بالنسبة للأمة. إغلاق الحدود الليبية التونيسية قررت تونس بعد اجتماع "المجلس الأعلى للأمن القومي" إغلاق الحدود البرية مع ليبيا لمدة 15 يوما، وتشتبه السلطات أن الانتحاري وحزامه جاء من ليبيا، التي تشهد توسعا لنفوذ الإرهابيين هناك، وقالت وزارة الداخلية إنه مشابه لأحزمة ناسفة حجزتها وقدمت من ليبيا، التي ترتبط معها تونس بحدود برية مشتركة تمتد على نحو 500 كيلو متر. وأكد رئيس الوزراء التونسي أن مواجهة الإرهاب مسئولية كبيرة على جميع الأطراف في تونس، موضحا أن أجهزة الأمن وحدها غير قادرة على مواجهة الإرهاب، معتبرا أن إغلاق الحدود مع ليبيا ضرروة أمنية. حجب مواقع التواصل الاجتماعي قرر المجلس متابعة أمنية دقيقة للأشخاص المشبوهين خلال مدة الطوارئ، وحجب مواقع التواصل الاجتماعي التي لها علاقة بالإرهاب، وتشديد الإجراءات الأمنية على الأشخاص العائدين من بؤر التوتر (سوريا، وليبيا والعراق)، هذا بالإضافة إلى مراجعة وتحديث الوضعية القانونية للأجانب المقيمين بتونس، وتشديد الإجراءات على الحدود البحرية والبرية وتفعيل صندوق الطوارئ. السياحة بعد هجمات سوسة وباردو، تلقت السياحة التونسية ضربة قاضية، وفي أعقاب التفجير الأخير ستعيش على وقع أزمة حادة أكثر من أي وقت مضى، فانخفض أعداد السياح، خاصة منهم الروس، والقادمين من أوروبا الشرقية، ب 70 بالمائة، فيما تقتصر النسبة المتبقية على الشيوخ والعجائز من المتقاعدين المتعودين على قضاء عطلهم على حساب الدولة، والاستفادة من السياحة العلاجية.