تشهد مصر عجزا فى الميزان التجارى نتيجة زيادة الواردات وقلة الصادرات، الأمر الذى سبب أزمة الدولار الأخيرة. ويرى بعض الخبراء حل الأزمة من خلال تقليل استيراد السلع الترفيهية التي يمكن الاستغناء عنها نهائيا أو الاستعاضه بما يتم إنتاجه محليا، دون وجود أثار سلبية على الحياة المعيشية للمواطن المصري البسيط، بالإضافة إلى زيادة الواردات التي تقدر قيمتها سنويا بحوالى 576 مليار جنيه. يقول الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، إن زيادة الواردات من الخارج تعد حجرا عثرة أمام نهوض الاقتصاد المصري، فى ظل تراجع حركة الإنتاج، نتيجة تداخل عدة عوامل، أهمها أزمة الطاقة، مطالبا بضرورة أن تتجه الدولة لتكثيف الإنتاج فى جميع الأنشطة البسيطة التى لا تحتاج إلى تكنولوجيا عالية وتوفر حوالى 4 ملايين فرصة عمل، بالتزامن مع خفض الواردات بنسبة لاتقل عن 30 % وزيادة الصادرات 40 %، مما سيعود على الناتج القومي بزيادة مقدارها ترليون جنيه خلال عامين فقط. أضاف "جودة" أن واردات مصر السنوية تقدر ب72 مليار دولار، في مقابل صادرات لا تتعدى 25 مليار دولار، ومعظمها من المواد الخام مثل "البترول، والغاز، والقطن والحاصلات الزراعية، والفوسفات" بما يمثل 62% من قيمة الصادرات المصرية، بينما تتمحور معظم الواردات في بعض المحاصيل الزراعية مثل "الكمثرى، والفول، والجوافة، وعجينة الطعمية"، بالإضافة إلى الأدوات المكتبية التي تقدر قيمتها ب1 مليار دولار سنوياً، والدخان بمليار دولار سنويا أيضا، والأخشاب والملابس الجاهزة والأحذية والصناعت الجلدية والهندسية، فضلا عن "ثلاجات، وغسالات، ومراوح، ومكاوى، وقطع غيار السيارات.. إلخ". وطالب الخبير الاقتصادي الحكومة بمختلف مؤسساتها بخفض حجم الواردات، وزيادة الصادرات للأسواق الإفريقية والعربية، مع ضرورة توفير المنتج المحلي بأسعار مناسبة وجودة مرتفعة بديلا عن الأجنبي، وبذلك يمكن تخفيض الاستيراد بنسبة 30 % خلال عامين، أي بقيمة 22 مليار دولار، مشددا على ضرورة تذليل العقبات التي تواجه الاستثمار المحلي، كعدم وجود رؤية واضحة للصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وسوء السياسة النقدية التي تزيد من أسعار الفائدة وتبلغ أحيانا 14 %، بجانب إهمال تدريب الأيدى العاملة وعدم استغلال الطاقات البشرية المعطلة، إضافة إلى غلق ما يقرب من 4800 مصنع لأسباب مادية وإدارية وما يعمل منها لاتزيد طاقة إنتاجه عن 30 % فقط. وأعلن "جودة" عن مشروع قومي أطلق عليه "مبادرة المليار" يتبنى تصنيع مليار قطعة من 50 صناعة لا تحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة ونستورد منها بالملايين من الخارج، مثل الأدوات المكتبية، والأحذية الجلدية والرياضية والملابس "قمصان وتي شيرتات وبنطلونات"، وعبوات الأسمنت، والسجاد اليدوي والحريري، والمفروشات، والأدوات المنزلية كالأواني الزجاجية والفخارية، وبعض أنواع الجبن المستوردة، مشيرا إلى إمكانية تنفيذ المبادرة بزراعة بعض أنواع من الأشجار "التوت، والجاتروفا، والهاهوبا" على مياه الصرف الصحى البالغة 12 مليار متر مكعب مياه سنوياً، من خلال 58 ألف موظف فى إدارة التشجير بوزارة الزراعة "بدون عمل حقيقى"، وأطفال الشوارع، باستغلال حواف المصارف والترع والمناطق الصحراوية غير الصالحة للزراعات التقليدية. ومن جانبه، قال الدكتور شريف فياض، خبير الاقتصاد الزراعي، إنه يمكن الاستغناء عن السلع الترفيهية كالتفاح والكمثرى وبعض الفاكهة المستوردة من الخارج، والاستعاضة عنها بما ينتج محليا، الأمر الذى يوفر ملايين الدولارات، بالإضافة إلى وقف استيراد السيارات من الخارج لفترة محددة، مؤكدا أن اتفاقية الجات تعطينا الحق في حظر استيراد بعض السلع شريطة أن عرض مدة الحظر وأسباب وقف الاستيراد دون فرض عقوبات اقتصادية، كالعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري وأزمة الدولار. أوضح "فياض" أن هناك بعض المشاكل التي تواجه تقليل الواردات من الخارج عن طريق فتح مصانع لإنتاج مكملات صناعة الملابس الجاهزة، وتصنيع عبوات العصائر وخلافه من مستلزمات الصناعات.