حالة من التشتت والارتباك تسود المشهد الليبي خلال الفترة الراهنة، لاسيما مع عدم توافق الأطراف الليبية على الاتفاق الذي أعلنه المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون، كما تعيين الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر خلفًا ل "ليون"، أثار حالة من الجدل في الداخل الليبي، خاصة وأن الأممالمتحدة أعلنت في وقت سابق أن "ليون" لا يزال يقوم بمهام منصبه نيابة عن كوبلر في الحوار السياسي. ويتراوح رد الفعل الليبي الداخلي تجاه هذا التغيير بين انتقادات واسعة لبرناردينو ليون الذي اعتبر البعض تغييره "خطوة في المسار الصحيح" لإنجاح الحوار الليبي وبين آخرين يرون غير ذلك، وبين هذا وذاك، تشهد العاصمة الجزائرية اجتماعًا بِشأن الأزمة الليبية يجمع وزراء خارجية دول مصر والجزائر وإيطاليًا لبحث تداعيات اتفاق الصخيرات. و في هذا الشأن قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في وقت سابق : " هناك المزيد من الجهد الذي يجب بذله في المستقبل القريب سعيا لتحقيق حل ليبي توافقي بين الأطراف الليبية و يكون مقبول دوليا و مؤيدا من طرف دول الجوار". ويعكف الوزراء على بحث الوضع في ليبيا و الوسائل الكفيلة بالإسراع والدفع بمسار الحوار الوطني الليبي تحت إشراف الأممالمتحدة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار التسوية السياسية للازمة التي يعرفها هذا البلد. وفي هذا السياق؛ قال سامح شكري إن الأزمة الليبية أخذت مسارا طويلا ولكنها وصلت إلى نقطة ربما حاسمة فيما بعد الحصول على اتفاق الصخيرات وتسعى جميع الأطراف إلى تعزيز هذا الاتفاق واعتماده من قبل مجلس النواب الليبى حتى تتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .. وكان هناك أمل أن يشترك في هذا الاتفاق أكبر عدد من الدوائر السياسية الليبية لكن سار المبعوث الأممي مع من توافق على هذا الاتفاق ورآه في مصلحة الشعب الليبي وحظي بدعم كل من مصر والجزائر ونستمر في التواصل مع الأطراف الليبية المختلفة لتشجيعها على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية للوفاء باحتياجات الشعب الليبي والبناء على هذا الاتفاق لتحقيق مزيد من التوافق الداخلي، بعد أن نفذ الإرهاب في قطاعات عريضة من الأراضي الليبية لغياب التوافق وحكومة مركزية قوية وهو أمر يشكل تهديدا ليس فقط لمصر والجزائر بل لدول الجوار وما أبعد من ذلك أيضا. وفي الداخل كان الجدل هو الأمر السائد خلال الأيام الماضية بين من يتحدث عن فشل ليون، وبين من يشدد على أن المبعوث الجديد يجب أن لا يتعدى الدور المنوط به، حيث قال العضو السابق في فريق حوار مجلس النواب المنحل أبو بكر بعيرة "إن ليون عمق الهوة بين الأطراف الليبية الرئيسية بمنعها من الجلوس على طاولة حوار واحدة للتحاور بشكل مباشر، كما استعمل بعض الشخصيات التي كان يقحمها في جولات الحوار لفرض ما يريد، ومن ثم كان من الواجب استبداله بعد فشله في إقناع أطراف الحوار بالتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة الراهنة٬ وهو أمر أدركه الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا". وأضاف أن "المبعوث الأممي الجديد الذي سيخلف ليون لا يجب أن يتعدى الدور المنوط بالبعثة الأممية والمتمثل في الإشراف على الحوار لا قيادته"، مؤكدا "ضرورة جلوس المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب المنحل على طاولة حوار واحدة للتوصل إلى اتفاق نهائي". أما الكاتب الصحفي هشام الشلوي فتوقف عند الانتقادات التي تعرض لها ليون من طرفي الأزمة في البلاد طيلة الفترة التي قاد فيها الحوار السياسي الليبي التي بلغت حد وصفه البعض له بأنه "نصف شيطان"، وقال "هذه الانتقادات في مجلمها لم تستند إلى أمور تتعلق بإدارته للحوار، وإنما انطلقت من ذهنية شخصنة الوضع القائم، وعدم الانتباه إلى أن ليون يمثل مصالح الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي، وهذه الذهنية ترى ضرورة استبدال ليون لمعالجة مثل هذه الوضعية مع الاستمرار في الحوار من أجل خروجه بنتائج مرجوة". وعلى صعيد متصل؛ شكل تعيين مارتن كوبلر مبعوثًا أمميًا في ليبيا قلق كبير لدى الأوساط المحلية، خاصة وأن كوبلر هو المبعوث السابق بالعراق بين عامي 2011 و2013 ولم يحظى بشعبية وزادت المطالبات بتغييره بعد فشله في إقناع الأطراف العراقية في حل الأزمات العراقية. وفور الإعلان عن كوبلر مبعوثًا أمميًا جديًدا لليبيا، ظهرت ردود أفعال داخلية كثيرة تجاه هذا القرار، حيث هاجم الإعلامي الليبي محمد الرميح، الألماني مارتن كوبلر، واصفا إياه ب «الشخصية الفاشلة»، وقال: « كل التقارير الواردة في مهمات كوبلر السابقة سواء كانت في كونغو الدولية والعراق باتت بالفشل»، وأوضح «الرميح»، أنه لا يحق للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يقرر مصير الليبيين بتعيين مبعوث أممي فاشل.