تزييف التاريخ ودعوة للحقد والكراهية وتحريض على العنف، تهم تم توجيهها لرئيس وزراء الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو" بعد تصريحاته المثيرة للسخرية والاستفزاز في الوقت نفسه، والتي اتهم فيها الفلسطينيون بمسئوليتهم عن إحراق اليهود، وهو ما أشعل موجة من الهجوم وعاصفة من الانتقادات. زعم رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، في تصريحات أدلى بها أمام مؤتمر الكونجرس الصهيوني الثلاثاء الماضي، أن النازيين لم تكن لديهم نية في إبادة اليهود بل أرادوا إبعادهم فقط، ولكن مفتي القدس حينها "أمين الحسيني" نصح "هتلر" بإحراقهم، وقال "نتنياهو" إن "مفتي القدس سافر إلى برلين، لم يشأ هتلر تدمير اليهود في ذلك الوقت، لكن الحسيني ذهب إليه وقال: إذا طردتهم، سوف يأتون إلينا، فسأله هتلر: إذن ماذا علي أن أفعل معهم، فأجاب الحسيني: احرقهم". وزعم "نتنياهو" أن "الحسيني" كان مسئولا أيضًا عن حرق جده إلى جانب الكثير من اليهود في يافا عام 1921، وأن تلك الهجمات التي استهدفت اليهود والهجمات التي تلتها عام 1929 خطط لها مفتي القدس "أمين الحسيني"، وأضاف أن ما قاله "الحسيني" يشبه إلى حد كبير ما يردده الفلسطينيون اليوم فيما يتعلق بتخطيط اليهود لتدمير المسجد الأقصى، واصفا كلام مفتي القدس ب"كذب عمره 100 عام". "نتنياهو" أراد من وراء هذه التصريحات أن يظهر للشعب اليهودي إن العدو الحقيقي لهم هم "الفلسطينيون"، وذلك من خلال إلصاق مسئولية أكبر جريمة بحق اليهود في الشعب الفلسطيني، في محاولة منه لحشد التأييدات اليهودية وتبرير سياساته العنيفة ضد الفلسطينيين، وتخويف اليهود من الوجود الفلسطيني، وهنا تبدو لغة التحريض على العنف والكراهية واضحة في تصريحات "نتنياهو". تصريحات "نتنياهو" أثارت موجة انتقادات في أوساط سياسية واسعة، وصلت إلى استفزاز الحكومة الألمانية وهو ما دفعها إلى الإعلان أن مسئولية المحارق النازية تقع عليها، وأنه لا مبرر لتغيير رؤية هذا الشعب للتاريخ بأي شكل من الأشكال، حيث قال المتحدث باسم المستشارة الألمانية "شتيفن زايبرت"، "إن جميع الألمان يعرفون تاريخ سعار القتل الإجرامي العرقي الذي قام به النازيون وأدى إلى الانفصال عن الحضارة ألا وهي المحارق النازية، هذا يدرس في المدارس الألمانية، لا أجد مبررًا لتغيير رؤيتنا للتاريخ بأي شكل، نعرف أن مسئولية هذه الجريمة ضد الإنسانية مسئولية ألمانية، هي مسئوليتنا نحن". على الجانب الفلسطيني، انتقد الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، "صائب عريقات"، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، قائلًا "من الأيام الحزينة في التاريخ عندما نرى رئيس الحكومة الإسرائيلية يظهر تلك الكراهية للفلسطينيين، الأمر الذي يدفعه إلى تبرئة أكبر مجرم في التاريخ من جريمة قتلت 6 ملايين يهودي في المحرقة"، موضحًا أنه يجب أن يسحب تلك التصريحات فورًا. من جانبه قال الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، إن اتهامات نتنياهو تأتي "لضربنا وضرب موقفنا"، وتابع القول "هذه طريقة دنيئة حقيرة يريد منها نتنياهو أن يغير تاريخهم باتهام الحسيني". الانتقادات لم تكن على الصعيد السياسي فقط بل وصلت إلى حد انتقاد المؤرخين لتصريحات "نتنياهو" واصفين كلامه بأنه يجافي الحقائق التاريخية، حيث أكدوا أن لقاء "هتلر" و"الحسيني" جاء بعد أن انطلقت بالفعل "محرقة اليهود"، أو ما يسمى ب"الحل النهائي"، وقالت المؤرخة "دينا بورات" رئيس مركز "ياد فاشيم" المتخصص في أحداث الهولوكوست، إن اللقاء بين "هتلر" و"الحسيني" حدث بعد خطاب "هتلر" في مبنى الرايخستاغ "البرلمان السابق في الرايخ الألماني" في 30 يناير 1939، وتأكيده أنه سوف يمحو الجنس اليهودي في أوروبا، إذا جر اليهود العالم إلى حرب جديدة. حديث المؤرخة "دينا بورات" اتفق معه المؤرخ الإسرائيلي المعروف البروفيسور "دان ميخمان"، الذي قال إن كلام نتنياهو غير صحيح، وإن هتلر التقى المفتي لكن بعد انطلاق ما عرف ب"الحل النهائي"، أي المحارق النازية ضد اليهود. فتح "نتنياهو" بتصريحاته هذه أبواب جهنم على نفسه، حيث ثارت عليه المعارضة الصهيونية متهمه إياه ب"تزييف التاريخ"، حيث قال رئيس المعارضة "يتسحاق هارتسوج" إنه "يقلل من مسئولية أدولف هتلر، ويزكي الصراع مع الفلسطينيين"، وأضاف "لا أحد يعلمني كيف كان المفتي يكره إسرائيل، لكن هتلر كان واحدا فقط، لم يكن هتلر بحاجة للحسيني كي يأمره بقتل اليهود فقط لأنهم يهود"، من جانبه علق عضو الكنيست "أيتسيك شمولي" على تصريحات نتنياهو قائلًا، إن "منكري المحرقة" سوف يستغلون كلام نتنياهو الذي وصفه ب"العار الكبير"، وتابع "ليست المرة الأولى التي يشوه فيها نتنياهو الحقائق التاريخية، لكن الكذب على هذا النحو لم يحدث من قبل، على نتنياهو الاعتذار بشكل شخصي لكل الناجين من المحرقة". وتساءلت زعيمة "ميرتس"، "زهافا غالئون"، عن "أيّ درك من السفالة هبط إليه هذا الرجل، فعدا تحقيرنا كشعب، فإنَّه يجرجرنا في أوحال ذكرى الفظائع التي ارتكبها النازيون ومساعدوهم للشعب اليهودي"، وقالت "أنا خجلة بسببك يا رئيس الحكومة، أمّا التحليلات السيكولوجية فسوف أتركها للآخرين، ولكنّ هناك أمراً واحداً أنا أعرفه فعلاً، من ليس مؤهلاً لتغيير المستقبل، لا يبقى أمامه سوى إعادة كتابة التاريخ".