بعد أن انتهت مهلة التسعين يومًا التي أعقبت تبني مجلس الأمن قرارًا يوافق فيه على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والمجموعة السداسية، وبعد أن تم تمرير الاتفاق في البرلمان الايراني، وموافقة البرلمان الأوروبي عليه، وفشل الكونجرس في تعطيله، دخل الاتفاق منعطف جديد نحو بدء التنفيذ، وانطلق العد العكسي لرفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، والذي بموجبه تستعيد طهران عشرات مليارات الدولارات من الأموال المجمدة في مصارف أجنبية. عقد في العاصمة النمساوية فيينا الإثنين الاجتماع الأول للجنة البرنامج الشامل للعمل المشترك بين إيران والدول الست بحضور مساعدي وزراء الخارجية، حيث تم بحث سير تنفيذ الاتفاق النووي، وبدء عمل اللجنة المشتركة والنشاطات المتوقعة في هذا الإطار، وأعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي" الذي يشغل منصب رئيس لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق النووي، أن جدول أعمال هذا الاجتماع في فيينا يتضمن الإعلان عن تشكيل لجنة البرنامج الشامل للعمل المشترك بين إيران والدول الست، ومناقشة مستجدات الاتفاق النووي ومراجعة كيفية تنفيذ التزامات الجانبين بين موعد المصادقة على الاتفاق النووي وموعد تنفيذه. من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن العمل بدأ لتنفيذ الخطة المشتركة لتسوية مسألة الملف النووي الإيراني، وأن الأطراف المعنية تنوي متابعة تطبيق كل الشروط، ونشرت الخارجية الروسية على موقعها الإلكتروني، أنها تنوي متابعة بذل الجهود من أجل التطبيق العملي للخطة الشاملة المشتركة لتسوية قضية البرنامج النووي الإيراني، والتي دخلت الأحد الماضي حيز التنفيذ رسميًا. بدوره أمر الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إدارته بالتحضير لتعليق العقوبات المفروضة على إيران، وقال "أوباما" في مذكرة وجهها إلى المسئولين المعنيين في إدارته "الخارجية والخزانة والتجارة والطاقة"، "أطلب منكم اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتطبيق الالتزامات الأمريكية بشأن العقوبات". ألمانيا كان لها رأيا مخالفا لروسيا وأمريكا، حيث قال وزير الخارجية الألماني "فالتر شتاينماير"، إن العقوبات المفروضة على إيران من المرجح أن تستمر حتى بداية السنة المقبلة، ليتم التأكد من التزامها بتنفيذ الاتفاق حول برنامجها النووي، وأشار "شتاينماير"، إلى أن على إيران تقديم أدلة على تطبيقها للاتفاق قبل رفع العقوبات، التي ستبقى مفروضة على الأرجح، حتى يناير كأقل تقدير، وأضاف "شتاينماير" إن على طهران تبيان أنها تفكك أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، ويجب عليها تدمير المواد المخصبة وأن تجري تعديلات على هيكلية مفاعل الماء الثقيل في مدينة أراك. على نفس الصعيد نشر الاتحاد الأوروبي إجراءات قانونية تفتح الطريق أمامه لرفع العقوبات عن إيران، إذا التزم الإيرانيون بالشروط الواردة في الاتفاق النووي، وأعلنت المنسقة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "فيدريكا موغيريني" في بيان مشترك مع وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، تبنى الاتحاد الأوروبي إطارًا تشريعيًا لرفع كل العقوات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج إيران النووي، وأضاف البيان "سيسري ذلك في يوم التنفيذ بالتزامن مع تنفيذ إيران للإجراءات النووية المتفق عليها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وبعد أن كان الاتفاق النووي الإيراني مسار جدل ونقاش حاد في العديد من جولات فيينا، أصبح الآن مسار اتحاد وقبول من جميع الأطراف، وهو ما سيجعل الطريق أمام عودة إيران للسوق العالمية سالكًا، وسيكون فاتحة جديدة لعودة الاستثمارات بعد رفع العقوبات، كما يبدو أن إيران ستكون قبلة الزيارات للعديد من الدول في الفترة المقبلة، للظفر بأكبر حصة من الاستثمارات في مختلف القطاعات.