خفض عجز الموازنة ل8.9% أهم المستهدفات.. والدين العام ثابت عند2.6 تريليون جنيه قناةالسويس ومشروعات المليون فدان وإسكان محدودي الدخل.. خطة الحكومة الأبرز للاستثمار أعلنت وزارة المالية، عن إطلاق إصدارها الثاني لموازنة المواطن للعام المالي 2015/2016 تحت عنوان "مع بعض نكمل المشوار"، ومن قبلها الإصدار الأول لتلك الموازنة عن السنة المالية 2014/2015 تحت عنوان "حقك تعرف موازنة بلدك". ولعل مصطلح "موازنة المواطن" ليس بجديد ولكنه تردد بقوة داخل أروقة وزارة المالية، وتحديدًا خلال العامين الماليين الماضيين، والمقصود به عرض تفاصيل الموازنة العامة للدولة ببنودها المختلفة الشاملة لجانبي النفقات "المصروفات" والإيرادات، بأسلوب مبسط حتى يفهمها غير المتخصصين بالشأن المالي والاقتصادي بمن فيهم المواطنين البسطاء، ويتمثل الجزء المشترك بين الإصدارين المذكورين في إعلام المواطن بوجود 6 مراحل لإعداد الموازنة العامة والعمل بها. تبدأ بإصدار "المالية" منشورًا بشأن إعداد الموازنة، وتطلب من كل جهة حكومية خاضعة للموازنة بإعداد الموازنة الخاصة بها، بما في ذلك الإيرادات والنفقات وفقًا لأولوياتها، ثم تناقش الوزارة الجهات الخاضعة للموازنة فيما قدمته من تفصيلات الميزانيات المقترحة للعام المالي الجديد، وفي المرحلة الثالثة يقدم وزير المالية مشروع الموازنة لمجلس الوزراء لمناقشته واقتراح التعديل إن كان الأمر يستدعي ذلك. وفي الخطوة الرابعة يعرض رئيس الحكومة مشروع الموازنة بعد اكتمال المناقشات الوزارية، مع الأخذ في الاعتبار أن سلطة إعداد الموازنة تتم بين وزارتي المالية والتخطيط، ليتم إحالة ذلك المشروع بقانون في شكله النهائي لرئيس الجمهورية، وخامسًا يحيل الرئيس قانون الموازنة الجديدة للبرلمان لمناقشته والبت فيه، وأخيرًا بعد إقرار البرلمان الموازنة يتم إرسالها لوزارة المالية للعمل بها لتصرف "المالية" مستحقات الهيئات والوزارات الحكومية الخاضعة لتلك الموازنة على مدى السنة المالية، التي تبدأ مع يوليو من كل عام ميلادي وتنتهي بيونيو من العام الميلادي الجديد. استعرضت موازنة المواطن للسنة المالية 2015/2016 الحالية والتي بدأت أول يوليو الماضي، خطة الحكومة على مدى العام، فيما يتعلق بإدارة النشاط الاقتصادي والاستثماري، وتحديدًا مشروعات النقل والطرق والحماية الاجتماعية والخدمات العامة، بما فيها الإنفاق على التعليم والصحة والمعاشات وزيادات الأجور وشبكات الكهرباء وغيرها، فكما يقال إن الموازنة العامة تعكس توجهات الحكومة للتنمية وفقًا لبنود الأنفاق المختلفة وحجمها. واستعرضت الموازنة المعلن عنها تقسيمات وزارة المالية لبنود الموازنة، وتنقسم إلى جزئين أولهما النفقات أو المصروفات العامة والتي تستهدفها الموازنة لتمويل برامج وقطاعات بعينها وتنقسم إلى 8 أبواب أهمها (الأجور وتعويضات العاملين بالدولة، شراء السلع والخدمات، فوائد الديون، الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، الاستثمارات). أما الإيرادات العامة فهي عبارة عن الأموال التي ترد إلى خزانة الدولة لتدبير النفقات العامة، بمعنى أن الإيرادات العامة هي التي تمول المصروفات، وتنقسم إلى جزئين أهمهما وأكبرهما حجمها يتمثل في الضرائب والجمارك، وثانيهما المِنح التي ترد من مؤسسات داخلية أو خارجية. تسعى وزارة المالية إلى عرض تلك الموازنة في التوقيتات المحددة قانونًا، رغم تأخرها في إقرار واعتماد الموازنة العامة ومناقشتها وعرضها للحوار المجتمعي؛ لعدم تراجع مرتبة الدولة المصرية في مؤشرات الإفصاح والشفافية الخاصة بالموازنة وبياناتها من قِبَل مؤسسات التقييم الدولية، مما ينعكس الجدارة المالية والاقتصادية للبلاد ومدى قدرة المؤسسات العالمية على تقديم المزيد من الدعم النقدي" قروض ومساعدات" والفني لمصر. وطبقًا لما أعلن مسح الموازنة المفتوحة للعام المالي 2014/2015 الصادر عن هيئة شراكة الموازنة الدولية IBP، أوائل سبتمبر الجاري، فقد تراجعت مصر للمرتبة 16 من إجمالي 102 دولة، الأقل شفافية في إعداد الموازنة، كما أورد التصنيف حصول مصر أيضًا على المرتبة "صفر" في معيار الرقابة على الموازنة؛ لغياب البرلمان وعدم توفير وثائق إعداد تلك الموازنة. وبحسب ما جاء بموازنة المواطن للعام المالي الجاري، فقد استهدفت وزارة المالية خفض فاتورة عجز الموازنة "الفارق بين المصروفات والإيرادات العامة"، وصوله ل251 مليار جنيه بنهاية العام المذكور وبما يساوي 8.9% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة لتوقعات وصول الدين العام ل2.6 تريليون جنيه بما يساوي 2600 مليار جنيه بنسبة 90% من الناتج المحلي الإجمالي، مخفضًا عما هو عليه بموازنة العام المالي الماضي بنسبة تتراوح 2-3% تقريبًا، مع وصول فوائد تلك الديون ل244 مليار جنيه بنسبة تجاوز ربع المصروفات العامة 28.2%. واستعرضت موازنة المواطن عددًا من الإجراءات المستهدفة، على مدى العام المالي 2015/2016، منها العمل علي إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لدعم البرامج الاجتماعية البالغة 427 مليار جنيه بما يعاديل 50% من النفقات وتحسين الأحوال المعيشية للفئات الأوْلى بالرعاية وتحويل الدعم العيني إلى نقدي ودعم خدمات التعليم 109.7 مليار جنيه والصحة 49.2 مليار جنيه وإسكان محدودي الدخل. كما ذكرت الموازنة أن الوزارة تسعى لتنفيذ سياسات خفض الدين والعجز والاستمرار في مسيرة الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي، التي أعلنت عنها الحكومة مسبقًا لخفض معدلات التضخم وزيادة نسب النمو الاقتصادي وتقليل معدلات البطالة. وتضمنت موازنة المواطن عددًا من الإجراءات الإصلاحية المستهدفة للحكومة خلال العام المالي الجاري، من أهمها التوسع في رفع الدعم لخفض العجز وتوفير موارد لتمويل القطاع الخاص، وزيادة الاستثمارات الحكومية بعد توفير نحو 55 مليار جنيه بنسبة زيادة بلغت 6% عن السنة المالية السابقة، مع التوسع في الإنفاق على قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي، ضمن الاستحقاقات الدستورية المحددة بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، والعمل على علاج أزمة نقص الطاقة بالاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة وتنمية مصادر الطاقة واستيراد الفحم. كما تضمنت خطوات الإصلاح، تعديلات في التشريعات، منها وضع نظام ضريبي محفز وتوحيدها بنسبة 22.5% بعد أن كانت 25%، وخفض السلع الرأسمالية من 10% إلى 5%، وفرض ضريبة بنسبة 10% على الأنشطة بالمناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وإلغاء ضريبة الأغنياء المؤقتة والمعروفة ب"ضريبة ال5%"، ورفع حد الإعفاء الضريبي ليصل إلى 6500 جنيه بدلًا من 5 آلاف جنيه، بجانب تعديل قانون الجمارك لزيادة الحصيلة ومكافحة التهرب الجمركي، بالإضافة لتطبيق قانون الخدمة المدنية بما يساعد على إعادة هيكلة الجهاز الإداري والمساواة وتكافؤ الفرص بين الموظفين، وتحسين هيكل الأجور وربطه بالإنتاج وكذلك الحال لنظام الترقي الوظيفي والتعيين، بالإضافة إلى إجراء تعديلات على قانون المناقصات والمزايدات وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لحماية الصناعات الوطنية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. من جهة أخرى استعرضت الموازنة المخاطبة للمواطنين أبرز ما تضمنته بنود النفقات العامة البالغة 864.6 مليار جنيه مقابل 789.431 مليار جنيه مدرجة بموازنة 2014/2015، بزيادة بلغت 75 مليار و300 مليون جنيه، منها الأجور وتعويضات العاملين بقيمة 218.108 مليار جنيه بما يعادل أكثر من ربع النفقات، بفارق زيادة حجمه 10 مليارات و900 مليون جنيه، أما باب فوائد الديون والذي بلغ حجم مخصصاته في الموازنة الحالية نحو 244.044 مليار جنيه بنمو حجمه 45 مليار و 32 مليون جنيه. وحفضت الموازنة مخصصات باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية خفضت الموازنة 231.221 مليار جنيه بتراجع 2 مليار و700 مليون جنيه، وكذلك الاستثمارات العامة تم زياداتها إلى نحو 75 مليار جنيه مقارنة ب67.2 مليار جنيه في السنة المالية السابقة، بنسبة نمو بلغت 7 مليارات و800 مليون جنيه.. كما أدرجت الموازنة توفير عوائد إضافية لخزانة الدولة ب98.5 مليار جنيه، موزعة بين 31 مليار جنيه مخصصات استكمال ضريبة القيمة المضافة وإلغاء ضريبة المبيعات، و10 مليارات أخرى بعد تطبيق قانون الثروة المحجرية و3 مليارات جنيه من تراخيص الحديد والأسمنت، و3 من تطبيق ضريبة العقارات و8 طرح الأراضي بالمجتمعات العمرانية و12.5 مليار جنيه عائد توفيق أوضاع الأراضي الزراعية والاستصلاح الزراعي، و2.8 مليار جنيه رخص شركات الاتصالات، و3 مليارات جنيه كأثر مالي لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية و8.7 مليار جنيه عائد خفض الدعم على الكهرباء، و6.5 مليار جنيه مراجعة رسوم بعض الخدمات و10 مليارات جنيه خفض في الأجور. وأفردت الموازنة خطط الحكومة في إقامة مشروعات قومية على مدى العام المالي الجاري: أولها مشروع قناةالسويس بما في ذلك (حفر المجري الملاحي، إقامة مناطق لوجيستية على محور القناة لصيانة السفن والشحن والتفريغ، مزارع سمكية، بناء 7 أنفاق جديدة لربط سيناء بمدن القناة، وتطوير 5 موانئ ببورسعيد والإسماعيليةوالسويسوسيناء، وإنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة) معتبرة أن حفر قناةالسويس الجديدة يرفع من إيرادات القناة إلى 13 مليارًا و200 مليون دولار على مدى 8 سنوات مقبلة، وتقليل وقت انتظار السفن من 11 إلى 3 ساعات على الأكثر. وإنشاء مدينة الصوامع والغلال والسلع لتخزين القمح بطاقة 300 ألف طن، وإقامة مخازن للسكر، بجانب الاستمرار في المشروعات القومية الأخرى كتنمية الساحل الشمالي والمثلث الذهبي بالصحراء الشرقية والذي يضم مدن (القصير، سفاجا، قنا)، بالإضافة لمشروع الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل باستثمارات إجمالية تصل ل11 مليار جنيه، منها استهداف إقامة 52.4 ألف وحدة سكنية و100 ألف وحدة أخرى لمحدودي الدخل بالمحافظات، باستثمارات تصل ل150 مليار جنيه بفترة تنفيذ تصل ل5 سنوات لوحدات بمساحات 50 و70 مترًا مربعًا. وذكرت الموازنة أنه تم إنفاق 7.4 مليار جنيه من إجمالي تلك المبالغ حتى نهاية مارس الماضي، معتبرة أنها توفر ربع مليون فرصة عمل. كما رصدت الموازنة خطة الحكومة في استكمال المرحلتين الرابعة والخامسة لمترو الأنفاق المقرر تنفيذه على مدى 5 سنوات للمرحلة الرابعة، بجانب تطوير وتحديث المناطق والقرى الأكثر فقرًا، فيما يتعلق بشبكات الصرف الصحي والمياه ورعاية الأطفال والخدمات الصحية والتعليمية، ليتم رصد 800 مليون جنيه لتطوير العشوائيات ومليار و300 مليون جنيه للقرى الأكثر فقرًا، بجانب مشروع استصلاح ما يقرب من 1.5 مليون فدان بالصعيد والصحراء الغربية لزيادة الحصيلة الزراعية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة. وأخيرًا رصدت الموازنة شرحًا للمواطنين بإجمالي ما تم تخصيصه للأهداف ذات البعد الاجتماعي بقيمة 427 مليار جنيه، من بينها برامج التحول للدعم النقدي بدلًا من النقدي، ليتم رصد ما يقرب من 11.4 مليار جنيه بزيادة بنسبة 4.8% عن العام المالي السابق، بجانب برنامج تكافل وكرامة بقيمة 4.7 مليار جنيه، والذي بدأ أوائل يناير الماضي وعبر 3 مراحل ويستهدف تسجيل 1.5 مليون أسرة فقيرة على مدى 4 سنوات مقبلة، موزعة بين (نصف مليون أسرة فقيرة بكل عام حتى عام 2017، على أن يتم استهداف 6 محافظات تصل معدلات الفقر بها نسبة 60% في المرحلة الأولى، بالإضافة لتخصيص 52 مليار جنيه لدعم صناديق المعاشات بزيادة بلغت 19 مليار جنيه عن العام المالي 2014/2015 الماضي. كما تضمنت تلك النفقات ما تم تخصيصه للتأمين الصحي بقيمة 4.2 مليار جنيه لدعم برامج جديدة، وتحديدًا للفئات غير القادرة بقيمة تصل ل800 مليون جنيه، وخفض الدعم على المواد البترولية إلى 61.7 مليار جنيه، بتراجع 38.6 مليار جنيه عن العام السابق، ضمن خطتها لتطبيق منظومة الكروت الذكية لصرف المواد البترولية لتقليل الفاقد وتوصيل الدعم لمستحقيه، فيما رفعت من دعمها على الكهرباء ل31.1 مليار جنيه بزيادة بلغت 3.9 مليار جنيه، وإنشاء 6 محطات كهرباء جديدة بطاقة 3.6 جيجا وات لسد فجوة الاستهلاك، مع إعفاء الشرائح الأولى الثلاث الأقل استهلاكًا بحد أقصى 200 كيلو وات في الشهر من أي زيادات في أسعار الطاقة، وفقًا لتوجيهات رئيس الجمهورية في ذلك الشأن. كما دعمت الموازنة السلع التموينية بقيمة 38 مليار جنيه لدعم الخبز وتلك السلع بزيادة بلغت 19.6% عن العام المالي السابق، مع توقعات بزيادة أعداد المستفيدين من دعم الخبز ليصلوا إلى 3 ملايين مواطن من إجمالي 70 مليون مواطن، مع تخصيص3.7 مليار جنيه لدعم المزارعين لشراء القمح المحلي. من جهة أخرى قال حلمي الراوي، رئيس مرصد الموازنة وحقوق الإنسان: وزارة المالية لم تلتزم بالتوقيت لتقديم موازنة المواطن وعرضها، بداية من عرضها على مجلس الوزراء ومناقشتها، خصوصًا أن الموازنة العامة في صورتها الأصلية لم يعلم عنها المجتمع أو الخبراء أي تفاصيل إلَّا بعد إقرارها وعرضها في وقت متأخر، والذي كان أول يوليو الماضي بالتزامن مع دخول العام المالي الجديد. وأضاف "الراوي"، أن توجه وزارة المالية لإصدار موازنة المواطن للمرة الثانية على التوالي خلال العامين المالي الجاري والسابق؛ لوجود ضغوط من البنك الدولي علي الحكومة، للإفصاح عن بياناتها بشفافية، مؤكدًا أنه حال تأخر الوزارة عن تلك الخطوة من شأنه التأثير على حزم المساعدات الفنية والمالية التي يقدمها البنك لمصر. وأوضح أنه كان يتعين على وزارة المالية إصدار موازنة المواطن قبل إقرار مشروع الموازنة العامة في صورتها الإجمالية، إذا كانت ترغب بحق في إشراك المواطنين في صناعة القرار، ثم إصدار تلك الموازنة مرة أخرى للمواطن بعد إقرارها من البرلمان والعمل بها.