"زرعة سنة راحت بلاش، وتعبنا ومصاريفنا راحت على الأرض بسب بذرة القطن اللى أخدناها من الجمعية".. بهذه الكلمات يصف مزارعو القطن بدمياط حالهم هذا العام، بعد أن اكتشفوا أن لوز القطن لا يتفتح بعد وصوله لمرحلة النضوج، مما يمثل كارثة بكل المقاييس لزراعة القطن الذى يعتبر المحصول الاستراتيجى فى المحافظة. وأصابت كارثة هذا العام أكثر من 38 ألف فدان قطن بزمام المحافظة كلها مزروعة بقطن صنف جيزة 78، ولكن المفارقة أن اللوز الخاص بالقطن لم يتفتح بالصورة الصحيحه والكاملة التى تمكن الفلاح من جنيه، وهو مادفع كثيرا من المزارعين لبيع القطن قبل الجنى كعلف للمواشي، مكتفين بخسارتهم على مدار موسم كامل من التعب والكد ومصاريف الزراعة. محمد عبد العظيم، مزارع من الوسطانى مركز كفر سعد يقول: "زرعت ثلاثة أفدنة بالقطن هذا العام لأنه بالنسبة لنا كفلاحين يعتبر الزرعة الرئيسية التى نعتمد عليها فى قضاء معظم حوائجنا، ولكن هذا الموسم خيب كل آملنا، فاللوز لم يتفتح إلا بأجزاء صغيرة جدا، يعنى اللى هيحاول يعمل عملية جنى للقطن هيخسر كل اللى وراه واللى قدامه ومش هيجيب حاجه يسدد بها ديونه". ويضيف عبد العظيم، العام الماضى عانينا كتير جدا من ارتفاع تكلفة زراعة القطن بدء من سعر البذرة والسماد والسولار وأجر العمال، لأن سعر جمع كيلو القطن كان 3 جنيه يعنى القنطار كان بيتجمع بحوالى 450 أو500 جنيه وتمنه كان 1050 جنيه، ومع ذلك الحكومة ذلتنا على ما عرفنا نبيع ونمسك منه أى فلوس، السنة دى لما يبقى شكل القطن كدا وأجر عمال الجمع زادت عن العام الماضى الماضي يعنى ممكن جمع القنطار يتجاوز 500 جنيه وبرده سعره هيبقى من 1050 ل1100 جنيه، إضافة إلى أن سعر شيكارة السماد وصل 220 جنيها، والفدان الواحد بيتكلف أكثر من 5 شكاير سماد، يعنى حوالى 1100جنيه سماد فقط بخلاف السولار بتاع ماكينات الرى، ومفيش فدان هيجيب قنطارين قطن، يعنى مش هيزيد عن 2200 جنيه على أحسن الظن. ويواصل: المشكلة فى نوع البذرة، طول عمرنا بنزرع قطن عمرنا ما شوفنا النوعية دى، ويجب على الجمعيات الزراعية أن تقول لنا هما جايبين البذرة دى منين لأن مش دى اللى احنا بنزرعها، وتراكمت علينا الديون للجمعيات وتجار السماد ومش عارفين نسدد منين ولا نصرف على الأرض الموسم اللى جاى ولا على بيوتنا منين بكرر المشكلة فى البذرة محتاجين نعرف لأن وزارة الزراعة هى اللى بتجيب لنا البذور وبتفرض علينا نزرعها يبقى هما مطلوب منهم يعرفونا إيه الموضوع، واحنا سمعنا إن المحافظ مشكل لجنة لبحث الأسباب وراء تدهور محصول القطن هذا العام وفى انتظار قرار اللجنة علشان نعرف تعبنا وشقانا راح فين ومين السبب فى ضياعة". وقال مصدر بإحدى الجمعيات الزراعية فضل عدم ذكر اسمه: منذ عدة أعوام بدأت تفرض علينا أنواع من البذور لانعرف لها مصدر ولا هوية، ولا يتوفر غيرها بالجمعيات، وعلى الرغم من أنها أثبتت فشلها ويتدهور إنتاجها عاما بعد الآخر، إلا أن هناك إصرارا من وزارعة الزراعة على زراعتها وهى السبب الرئيسى فيما يحدث لمحصول القطن ولكن دون جدوى، ويضيف دمياط لها سمعة طيبة فى زراعة القطن لأن بها أراض زراعية خصبة، وكان إنتاج الفدان الواحد يتجاوز سبعة قناطير وربما يزيد، وكانت السلالات التى تزرع تقاوم الحشرات والآفات وتعطى محصولا جيدا مع نوعية مرغوبة عالميا، ولكن الموجود حاليا سلالة لا تقاوم الآفات ولا تنتج محصولا، وبالأساس ليس لها سوق لأن إنتاجها غير جيد، ولا يعلم أحد سبب تمسك الوزارة بها برغم الخراب والدمار الذي جلبته على زراعة القطن. سامى عبد الفتاح، مزارع، يقول: أول مرة تحصل فى تاريخنا كله، البذرة دى مدسوسة علينا، وبذورنا اللى كنا بنزرعها وبنتميز بها أكيد راحت مكان تانى علشان زراعتنا تتدمر وبخاصة القطن المصرى اللى كان صاحب أفضل سمعة وله أحسن سوق، للأسف زرعنا القطن ومش عارفين نجنيه من الأرض، أنا عندى فدانيين مزروعين قطن وبفكر حقيقى أسيبهم كدا لأنى عارف إنى هجنى وأصرف عليهم وفى الآخر هطلع مديون. من جانبه، قال الدكتور إسماعيل عبد الحميد، طه محافظ دمياط: بالفعل وردت عدة شكاوى للمحافظة من مزارعى القطن هذا الموسم، وقمت بعمل جوله مع وكيل وزارة الزراعة بإحدى القرى، ورأيت بنفسى أن هناك مشكلة ما فى محصول القطن وأن اللوز فعلا لا يتفتح بالطريقة الصحيحة حتى يسهل جنيه. وأضاف المحافظ في تصريح خاص ل"البديل": قمنا بتكليف وكيل وزارة الزراعة بتشيكل لجنة من معهد البحوث الزراعية وأساتذة كلية الزراعة بجامعة دمياط لدراسة الوضع والوقوف على الأسباب الحقيقية التى أدت إلى ذلك وفى انتظار تقرير اللجنة الذى ستنبى عليه الإجراءات التى ستتخذ حيال ذلك، مؤكدا أن الوزارة ستدفع تعويضات للمزارعين عن خسارتهم إذا ثبت أن البذرة هى السبب فى ذلك، وعلى أى حال سيكون هناك تعويضات للمزارعين عن هذا الموسم وسنعمل على تلافى هذه المشكلة فى الموسم القادم.