وصل الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إلى واشنطن الخميس الماضي، في زيارة رسمية تستغرق أسبوع، يجري خلالها محادثات مع الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، ويلتقي خلالها زعماء قطاع الأعمال الأمريكي. استهل الرئيس الصيني "شي جين بينغ" زيارته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية من "سياتل" على الساحل الغربي للولايات، ليستقبله بعدها نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لدى وصوله إلى قاعدة اندروز الجوية في المحطة الثانية من زيارته، ليقصد العاصمة واشنطن حيث ألتقى بنظيره الأمريكي "باراك أوباما" في مأدبة عشاء رسمية، ومن العاصمة الأمريكية سيتوجه إلى نيويورك حيث سيلقي خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. تخيم على الزيارة أجواء متوترة حيث أنها تأتي على وقع تزايد الخلافات بين الإدارة الأمريكيةوبكين، بدءًا بالنزاعات على الأراضي في بحر الصينالجنوبي، مرورًا بالتجسس الإلكتروني وعدم احترام حقوق الملكية الفكرية والهجمات المعلوماتية وغيرها، وصولًا إلى اختلاف وجهات النظر بين بكينوواشنطن بشأن عدة أزمات إقليمية ودولية وعلى رأسها الأزمة السورية، إضافة إلى سياسات بكين الاقتصادية. سبقت هذه الزيارة اتهامات واتهامات مضادة بعد اعتراض طائرة صينية لطائرة تجسس أمريكية، الأمر الذي وصفه المتحدث باسم البنتاجون بالمناورة غير الآمنة من قبل الطائرة الصينية. الرئيس الصيني بدأ زيارته بإبداء موقفه السياسي، حيث دعا إلى تحسين العلاقات بين بكينوواشنطن، محذرًا من أن أي نزاع بين القوتين العظميين ستكون نتائجه "كارثية"، بحسب وصفه، وقال "إذا دخلت الصينوالولاياتالمتحدة في نزاع ومواجهة فإن من شأن هذا ان يؤدي الى كارثة لكلا البلدين وللعالم بأسره، نريد ان نرى قدراً أكبر من التفاهم والثقة وقدرًا اقل من القطيعة والشك بين البلدين"، فيما أبلغ "أوباما" نظيره الصيني في مراسم الاستقبال أن الولاياتالمتحدة ستستمر في التحدث علنًا عن خلافاتها مع الصين. قالت وزارة الخارجية الصينية إن الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية تعتزم تعزيز علاقاتهما بشأن مكافحة التشدد، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بعد اجتماع قمة بين زعيمي البلدين، وتقول الصين إنها تواجه تهديدًا في منطقة شينغيانغ، أقصى غربي الصين، التي تقطنها أغلبية مسلمة، حيث قُتل المئات في أعمال عنف في السنوات الأخيرة، وأكدت الصينوالولاياتالمتحدة اعتراضهما على أي شكل من التشدد، واتفقتا على تحسين التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف. وأضافت الخارجية الصينية أن "كلا الجانبين يتطلعان إلى زيادة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بشكل واسع، بما في ذلك كيفية مواجهة الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، ووقف تمويل الإرهاب وزيادة تبادل معلومات المخابرات بشأن التهديدات الإرهابية". وتنتقد جماعات حقوقية الصين، وتقول إن الأخيرة لم تقدم مطلقًا دليلًا مقنعًا على وجود جماعة متشددة متماسكة تقاتل الحكومة، وإنه يمكن إرجاع كثير من الاضطرابات للإحباط من القيود المفروضة على ثقافة ودين أقلية الأويغور التي تعيش في شينغيانغ، فيما تقول الحكومة الصينية إن الأويغور يقاتلون أيضًا مع جماعات متطرفة في سوريا والعراق، بعد فرارهم إلى هناك عن طريق جنوب شرقي آسيا وتركيا. وتشعر الصين بقلق من إمكان أن يوفر عدم الاستقرار في أفغانستان، التي لها حدود قصيرة مع شينغيانغ، دعمًا للأويغور، وتعزز وجودها الدبلوماسي هناك في محاولة لإحلال السلام، وقالت الوزارة إن الصينوالولاياتالمتحدة ستواصلان الاتصالات والتعاون في أفغانستان، وستدعمان الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار. النزاع على بحر الصين كان له مساحة في الحوار بين الرئيسين الصيني والأمريكي، حيث أكد الرئيس الصيني "شي جينبينغ" حق الصين في الحفاظ على سيادتها في قسم من بحر الصينالجنوبي، وأضاف "جزر بحر الصينالجنوبي هي اراض صينية منذ الأزل، لدينا الحق في الحفاظ على سيادتنا وحقوقنا ومصالحنا البحرية والقانونية والمشروعة". رحب الرئيس الأمريكي "باراك اوباما" بالتزامات الصين الجديدة في مكافحة التغير المناخي، مؤكدًا أن ذلك يعزز فرص التوصل الى اتفاق في باريس اخر السنة الحالية، وقال "اوباما" "إذا عمل البلدان اللذين يبعثان اكبر كمية من الغازات الملوثة معًا بهذه الطريقة، فما من سبب أن لا تحذو الدول الاخرى المتطورة أو النامية حذوهما". وبشأن قضية التجسس الصيني المزعوم، أعلن "اوباما" أن البلدين اتفقا على العمل معًا في مكافحة القرصنة المعلوماتية "التي تستهدف الشركات والأفراد الامريكيين"، وأكد توصل الطرفين إلى "تفاهم مشترك" لمواجهة التجسس عبر الإنترنت، مشيرًا إلى الاتفاق على أن حكومة أي من البلدين لن تقدم أو تدعمم أي عملية لسرقة حقوق الملكية الفكرية عن طريق الإنترنت. من جانبه قال البيت الأبيض في بيان إن الزعيمين اتفقا على تشكيل مجموعة من خبراء بارزين، لبحث قضايا الإنترنت ومجموعة خبراء على مستوى عال لبحث سبل محاربة جرائم الشبكة، على أن تعقد أول اجتماع بحلول نهاية 2015 ثم تجتمع بعد ذلك مرتين سنويًا.