اشتعلت أزمة سياسية مفاجئة في الأوساط العراقية بمجرد الحديث عن زيارة رئيس البرلمان العراقي "سليم الجبوري" إلى قطر من دون التنسيق مع الحكومة أو الحصول على تفويض من البرلمان، فضلًا عن أن هذه الزيارة تتزامن مع انعقاد مؤتمر بالدوحة برعاية قطرية لشخصيات عراقية معارضة، قيل إنه بغرض تحقيق المصالحة الوطنية ومكافحة الإرهاب. ومع وصول رئيس البرلمان العراقي "سليم الجبوري" الخميس الماضي إلى العاصمة القطريةالدوحة، تفجرت الأوضاع في العراق، وجاءت ردود الفعل سريعة وحادة وقانونية، حيث أعلنت كتلة "ائتلاف دولة القانون" في البرلمان العراقي عن جمع توقيعات أكثر من مائة نائب تمهيدًا لإقالة "الجبوري"، معتبرين زيارته "إعلانًا عن تبني مشروع داعش الذي تقوده قطر". الانتقادات الكبيرة التي واجهها "الجبوري" نتيجة زيارته دفعته إلى محاولة الدفاع عن نفسه، حيث أصدر بياناً توضيحيًا حول زيارته إلى دولة قطر، وأشار إلى أن الزيارة التي استمرت ثمان ساعات جاءت بناءً على دعوة رسمية لتعزيز العلاقات الثنائية، مبينًا أن "الزيارة جاءت لتعزيز تطور العلاقات الثنائية بين البلدين خصوصًا أنها تمر بمرحلة نضوج دبلوماسي وتبادل سفراء، وتوقيت الزيارة في هذه المرحلة داعم فاعل لتطوير هذه العلاقة وتمتينها لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين". وأكد "الجبوري" أن "الزيارة تمت بعد تحاور مسبق بينه وقيادات في الدولة العراقية، وهي ليست سرية ولا تحمل طابعًا شخصيًا"، مشيرًا إلى أن "الإطار العام الذي تمحورت حوله نقاشات الزيارة هو دعم العملية السياسية والمصالحة الوطنية، واحترام سيادة العراق، والتأكيد أن أي مشروع مصالحة ينبغي أن يكون على أراضية، وضمن إطار احترام الدستور، وقد أكد المسئولون القطريون على حرصهم على هذا المبدأ ودعمهم له". لفت "الجبوري" إلى أن "الزيارة استغرقت ثمان ساعات جرى خلالها اللقاء بوزير الخارجية ورئيس مجلس الوزراء وبحضور وتنسيق السفارة العراقية مشكورة"، مشيرًا إلى أنه "لم يتم اللقاء خلال الزيارة بأي شخصية عراقية من داخل او خارج العملية السياسية، وليس للزيارة أي علاقة بأي مؤتمر يتزامن انعقاده مع الزيارة مطلقًا"، وتابع أنه "رغم تأكيدنا على دقة هذا الأمر، فإننا نقول أن الاتصال أو اللقاء بأي طرف من المعارضة السياسية هو من صميم واجب رئيس البرلمان، بوصفه رئيس السلطة التشريعية في البلاد ومعني بدرجة كبرى بدعم مشروع المصالحة الوطنية"، وأوضح أن الزيارة "تمخضت عن مخرجات مهمة منها وعد قطر دعم العملية السياسية والمصالحة الوطنية، وحضورها مؤتمر مكافحة الارهاب في العراق، وتأكيد زيارة رئيس الوزراء القطريلبغداد تلبية لدعوة العراق التي أكدنا عليها". من جانبها؛ عبرت بغداد عن رفضها لمؤتمر الدوحة، حيث أعلنت أن المؤتمر المنعقد في قطر جاء من دون التنسيق التفصيلي المسبق مع العراق، كما أعلن رئيس الحكومة "حيدر العبادي" رفضه بشدة لمؤتمر الدوحة، واعتبر هذا المؤتمر تدخلا خارجيًا في شئون بلاده، وفي محاولة من "العبادي" لتخفيف حدة الموقف وامتصاص غضب السياسيين، قال "تم رفض هذا المؤتمر ودعونا الأطراف السياسية إلى عدم المشاركة فيه"، وأضاف "تم إبلاغ الدول المهتمة بموقفنا، حيث أصدرنا توجيها إلى المسئولين المدعوين بعدم المشاركة"، مشيرًا إلى "إننا أبلغنا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بهذا الموقف تجسيدًا لوحدة الموقف الوطني". وعلى صعيد متصل؛ دعت النائبة العراقية عن ائتلاف دولة القانون "عالية نصيف"، الحكومة العراقية ووزارة الخارجية إلى تقديم مذكرة احتجاجية وشكوى لدى الأممالمتحدة على مؤتمر الدوحة، مهددة برفع شكوى أمام الادعاء العام كون المشاركات تهدد الأمن القومي، وقالت "نصيف" إن "هذه المؤتمرات تؤدي إلى دعم وإنعاش داعش وأكثر الحاضرين فيه هم ممن مول التنظيم وشخصيات خارجة عن القانون"، وأضافت أن "حل الخلافات والمصالحة الوطنية لابد أن تتم في البيت العراقي وداخل البلاد"، داعية وزارة الخارجية والحكومة إلى أن "يكون لها موقف من مؤتمر قطر وتقديم مذكرة احتجاجية وشكوى لدى الأممالمتحدة"، وهددت "نصيف" ب"رفع دعوى امام الادعاء العام ضد الشخصيات التي شاركت بالمؤتمر كون المشاركة فيه تهدد الأمن القومي للبلد". من جانبه اعتبر النائب عن ائتلاف دولة القانون "عبد السلام المالكي"، أن مؤتمر الدوحة جزءًا من المخطط الهادف ل"تقسيم العراق"، وفيما شدد على ضرورة تشكيل مجلس تحقيقي بحق اي نائب يشارك فيه، اشار الى ان تلك المشاركة تمثل خرقًا للدستور، فيما أكد رئيس كتلة الدعوة البرلمانية "خلف عبد الصمد"، أنه سيتم طرد كل النواب الذين يشاركون في مؤتمر الدوحة من البرلمان، مبينًا أن المؤتمر هو استمرار لساحات "الذل والمهانة" التي أسست في قطر وطبقت في الأنبار.