أيام قليلة فصلت بين التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والقوي الكبرى، والحديث عن قرب إنهاء الصفقة العسكرية بين روسياوإيران الخاصة بشراء طهران منظومة صواريخ "إس 300″ الدفاعية، الأمر الذي أثار ردة فعل داخل الدوائر السياسية والأمنية بالدول الغربية الغير راغبة في مثل هذا التعاون، لاسيما الولاياتالمتحدةالأمريكية المتخوفة من انعكاسات هذا القرار على الدول الصديقة في المنطقة، خاصة الحليف الاستراتيجي إسرائيل. وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أعربت عن قلقها من احتمال توقيع الصفقة الصاروخية لطهران، وقال المتحدث باسم البنتاجون بيتر كووك "نحن لا نرى في ذلك تطورا إيجابيا.. لدى وزارة الدفاع والرئيس باراك أوباما إجراءات للتصرف في حال نشرت هذه المنظومات في إيران". وزارة الدفاع الأمريكية بعثت أيضا برسالة علنية إلى حلفائها في المنطقة، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة جادة بشأن أمن حلفائها في المنطقة، وتراقب الوضع عن كثب، هذه التصريحات جاءت عشية تردد أنباء بأن موسكووطهران ستوقعان خلال أيام عقد توريد 4 منظومات دفاعية من طراز (إس 300) إيران، على أن يتم بعد ذلك الاتفاق على موعد التسليم..ومن ضمن المعلومات الواردة من الوفد الإيراني، فإن وزير الدفاع الإيراني هو المنوط به توقيع العقد المذكور. ووفق مراقبين، تأتي التهديدات الأمنية من قبل واشنطن لطمأنة حلفائها في المنطقة، بعد أن أبدت هذه الأطراف غضبها وتدني ثقتها بالولاياتالمتحدة عقب توقيع الاتفاق النووي مع طهران، ولكن من الواضح أن حلفاء الولاياتالمتحدة غير مقتنعين بهذه الرسائل، خاصة وأن الحليف الأمريكي يستثمر الاتفاق النووي في شكل من أشكال الضغط على دول المنطقة خاصة الخليجية لزيادة توريدات السلاح لها من جهة، وحصارها في سيناريو أمريكي محدد لترسيم مستقبل الشرق الأوسط من جهة أخرى. وباعتراف واشنطن أكثر من مرة لا تدخل الصفقة الروسية – الإيرانية ضمن عقوبات الأممالمتحدة، وهي العقوبات التي تلتزم جميع الدول بتنفيذها وفقا للقانون الدولي، ولكن واشنطن التي تفرض عقوبات أحادية الجانب على الدول الأخرى، ترغب في قيام كل دول العالم، بما فيها روسيا الانصياع للإرادة الأمريكية والانضمام إلى عقوباتها المفروضة، وهو ما تعتبره روسيا مخالف للقانون الدولي من جهة، ويتعارض مع مصالح الدول وعلاقاتها الثنائية من جهة أخرى. أعلن وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان أن بلاده ستوقع مع روسيا اتفاقية تسليم منظومة "إس-300″ لطهران نهاية الأسبوع الحالي، وستستلم المنظومة بعد التوقيع بوقت قصير، مشددا على أن إيران ستتخلى عن الدعوى القضائية التي كانت قد رفعتها ضد روسيا على خلفية رفض الأخيرة إتمام الصفقة عام 2010 إبان فترة حكم الرئيس دميتري مدفيديف. تعتبر منظومة "إس-300′′ مخصصة للدفاع المضاد للطائرات والدفاع المضاد للصواريخ على حد سواء، وبوسعها اعتراض كافة أنواع الصواريخ متوسطة المدى الموجودة في العالم اليوم، ويبلغ المدى الأقصى لإطلاق الصواريخ 200 كيلومتر، والارتفاع الأقصى لتدمير الطائرات 25 كيلومترا، والارتفاع الأقصى لتدمير الصواريخ الباليستية 30 كيلومترًا، وعدد الأهداف المضروبة في آن واحد 24 هدفًا، والفاصل الزمني بين إطلاق صاروخي وآخر 1.5 ثانية، والوقت اللازم لنشر المنظومة 6 دقائق، وكانت شركة "ألماس – أنتاي" ووزارة الدفاع الروسية قد وقعتا عام 2012 اتفاقية لتوريد تلك المنظومات الحديثة إلى القوات المسلحة الروسية. ويرجع الاتفاق بين موسكووطهران إلى عام 2007، حيث تعهدت روسيا بموجبه ببيع منظومة "إس 300 " إلى إيران، فيما اعترضت كل من إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية على الاتفاق، بينما أعلنت موسكو، عقب قرار مجلس الأمن الدولي حظر بيع السلاح إلى إيران عام 2010، بتعليق الصفقة من جانب واحد، إلا أن طهران رفعت دعوى قضائية بتعويض قيمته 4 مليارات دولار إلى المحكمة الدولية رداً على القرار الروسي، وعادت مسألة منظومة الصواريخ الدفاعية إلى أجندة البلدين مجدداً، لدى زيارة وزير الدفاع الروسي "سيرجي شويجو" لإيران في يناير الماضي، كما اقترح رئيس شركة روستيف الروسية "سيرجي تشميزوف" في تصريحات أدلى بها في الثالت من فبراير الماضي، تسليم إيران منظومة «Antey-2500» الأكثر تطوراً، بدلاً من منظومة "إس300′′ إلا أن طهران قالت حينها إنها ستقوم بتقييم الأمر. وربط مراقبون أيَضا الخطوة الروسية بتقارير تحدثت عن نية عدد من الدول الأوربية غير الأعضاء في حلف الناتو، رفع مستوى تعاونها مع الحلف أو الانضمام إليه، فضلًا عن تواصل الولاياتالمتحدة تعزيز تواجدها العسكري بأوروبا بالإعلان عن قرب نشرها مقاتلات "F-22 Raptor" الخفية عن الرادار في أوروبا استنادا إلى تخوف دول المنطقة من طموحات روسية بعد الخلاف على الأزمة الأوكرانية.