في ظل تسابق الشركات الأوروبية للاستثمار في السوق الإيرانية، وسعيها إلى الحصول على صفقات وتبادلات تجارية بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، دخلت بريطانيا سباق تحسين العلاقات الدبلوماسية مع إيران، حيث تتجه أنظار العالم إلى طهران التي تستضيف وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند"، لترتقي العلاقات الإيرانية البريطانية من جديد بعد قطيعة دامت 12 عاما. وصل وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند" قبل ظهر الأحد، إلى العاصمة الإيرانيةطهران، وذلك في وقت تسعى فيه كل من إيرانوبريطانيا إلى إعادة توطيد العلاقات بعد إبرام الاتفاق النووي التاريخي، ويلتقي "هاموند" خلال زيارته لطهران التي تستمر يومين، نظيره الإيراني "محمد جواد ظريف"، وكذلك الرئيس الإيراني "حسن روحاني"، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي "علي لاريجاني"، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي "علي شمخاني". أكد وزير الخارجية البريطاني "هاموند"، أن إعادة فتح سفارتي البلدين تشكل مرحلة أساسية في تحسن العلاقات الثنائية، بعد إغلاق دام أربع سنوات، مضيفًا أن بلاده ترغب بالتأكد من أن الاتفاق النووي يشكل نجاحًا من خلال تشجيع التجارة والاستثمارات عند رفع الحظر المفروض على إيران، وشدد "هاموند" على ضرورة استعداد طهرانولندن لبحث التحديات بما في ذلك الإرهاب والاستقرار الإقليمي وتوسع داعش ومكافحة الاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية، وشدد على أن السفارة البريطانية في طهران سيديرها في مرحلة أولى مكلف بالأعمال، ثم سيتم تعيين سفير في الأشهر القادمة، ووصف وزير الخارجية البريطاني زيارته إلى طهران بأنها لحظة تاريخية في العلاقات بين بلاده وإيران، وقال على صحفته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "إن هذه هي أول زيارة لوزير خارجية بريطاني إلى طهران منذ العام 2003، وهذه لحظة تاريخية في العلاقات بين البلدين". من جانبها أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن وزير الخارجية البريطاني وصل إلى طهران على رأس وفد سياسي واقتصادي لإعادة فتح السفارة البريطانية، حيث رافق "هاموند" مجموعة صغيرة من رؤساء قطاع الأعمال من بينهم ممثلون لشركات "رويال داتش شل" و"انيجري" و"أميك فوست ويلر" لخدمات التعدين و"وير جروب" الهندسية الصناعية الاسكتلندية. وأوضح مساعد وزير الخارجية الإيراني "مجيد تخت روانجي"، أنه سيعاد فتح سفارة البلدين بالتزامن، وستنظم مراسم بسيطة لإعادة افتتاح السفارة البريطانية، وأضاف أن العلاقات بين طهرانولندن ستبقى على مستوى القائم بالأعمال وبصفة مقيم، مشيرًا إلى أن إرسال سفير غير مدرج على جدول الأعمال حاليًا، من جهته قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، "إن إيران لم تغلق سفارة بريطانيا وهم من أغلقوها"، مضيفاً "لدينا خلاف في وجهات النظر مع الحكومة البريطانية، لكن يمكننا التحاور والسير قدماً بأسلوب جدي ودقيق وحذر". تتسم العلاقات بين بريطانياوإيران عادة بالتوتر، وطيلة العقود الماضية مرت بمحطات شد وجذب على خلفية المواقف المتباينة من القضايا الثنائية والأزمات الدولية ولا سيما التي تعصف بالشرق الأوسط، وعلى رأسها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية وقرار الانسحاب من أفغانستان، ويرى مراقبون أن لندن تراهن على تقارب جديد مع طهران رغم مخاوف الماضي، حيث أكد رئيس الحكومة البريطانية "ديفيد كاميرون" الشهر الماضي للرئيس الإيراني "حسن روحاني" خلال اتصال هاتفي، بأن الاتفاق النووي يمثل بداية جديدة في العلاقات بين البلدين ووعده بإعادة فتح السفارة البريطانية في طهران. تُعد هذه الزيارة هي الأولى لوزير خارجية بريطاني إلي إيران منذ عام 2003، وكانت الزيارة السابقة قد قام بها "جاك سترو" في 2003، كما أغلقت سفارة لندن في إيران منذ عام 2011، بعدما اقتحمها متظاهرون معارضون لتشديد الحظر علي بلادهم، وللعقوبات التي فرضتها بريطانيا على إيران، وحينها خفض البرلمان الإيراني العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا، فتولت سلطنة عُمان خلال هذه الفترة تمثيل المصالح الإيرانية فى بريطانيا، بينما مثلت السويد مصالح بريطانيا فى إيران. بدأت العلاقات بين إيرانوبريطانيا بالعودة إلى التحسن بعد انتخاب "حسن روحاني" رئيسًا في يونيو عام 2013، واستئناف المفاوضات النووية مع القوى الكبرى نهاية العام ذاته، وفي فبراير 2014، قررت الدولتان تطبيع العلاقات بينهما، حيث قامتا بخطوة رمزية برفع أعلام بلديهما فوق مباني سفارتيهما في طهرانولندن، وقبل ذلك بوقت قصير، قررتا تعيين قائمين بالأعمال غير مقيمين، لتأتي زيارة "هاموند" خلال هذه الأيام لتفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين.