تعاني مصر منذ عقود ماضية، من أزمة في تدبير المسكن للمواطنين، خصوصا الفئات متوسطة ومحدودة الدخل، التي تعجز عن شراء وحدة سكنية متواضعة؛ نظرا لارتفاع الأسعار بشكل جنوني يوما بعد الآخر. وعلي الرغم من إعلان وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية والمرافق خلال العامين الماضيين عن طرح شقق سكنية لمحدودي الدخل، ضمن توجهها لتنفيذ مشروع المليون وحدة علي مستوي المحافظات، إلا أن المواطنون مازالوا يعانون من الحصول علي وحدة سكنية، خصوصا الشباب المقبلون علي الزواج، أو من أقبلوا فعليا، ليجدوا الحل في شقق الإيجار ذات التكلفة المرتفعة. يكرس قانون الإيجارات الجديد برقم 4 لسنة 1996 وتعديلاته، سلطوية وتحكمات لملاك العقارات، بداية من إمكانية طرد المستأجر في أي وقت أو زيادة القيمة الإيجارية سنويا كشرط لبقاء المستأجر في الوحدة، ليثور لغط داخل دوائر القانون للمطالبة بإحلال قانون آخر محله؛ للخروج من مشكلة تناقص الوحدات السكنية في مصر. قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن القوانين رسخت فكرة قدرة المؤجر بإمكانية إخراج المستأجر في أي وقت، بالإضافة للمبالغة في أسعار القيمة الإيجارية للوحدات السكنية، رغم عدم قدرة فئات كثيرة في مقدمتها الشباب ومتوسطي الدخل عليها. وأضافت "فهمى" أن الحكومة تعلم تشوه القوانين، خصوصا فيما يتعلق بالسكن والإيجار، مما يجعلها تعزف عن الإشراف على مهمة تأجير الوحدات السكنية للمواطنين، مستنكرة فى الوقت نفسه، إعلانها طرح شقق للبسطاء والشباب بسعر 400 ألف جنيه، برغم علمها عدم مقدرة الشباب على هذه الأرقام. وطالبت الخبيرة المصرفية الحكومة بضرورة توفير الشقق وتأجيرها بأسعار اقتصادية تناسب المواطنين الأكثر احتياجا؛ للقضاء علي أزمة السكن في مصر، علي أن يتم تمويلها من الإيرادات الضريبية، خصوصا متأخرات رجال الأعمال. من جانبه، طالب الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، بضرورة إعداد قانون جديد للإيجار؛ لتوضيح العلاقة بين المالك والمستأجر، موضحا أن السبب الحقيقي فى أزمة السكن يتلخص في القوانين المتضاربة التي تصدرها الحكومة. وتابع "جودة" أن مسألة إعداد قانون جديد علي أسس سليمة، تعني توفير أكثر من 1.5 مليون وحدة سكنية مغلقة، الأمر الذى سيدفع مالكى الشقق إلى تأجيرها أو بيعها بأسعار مناسبة، خصوصا أن الطلب سيتراجع عليها. وشدد الخبير الاقتصادي علي ضرورة وجود تشريع واضح يحكم مسألة أحقية استرداد مالك الوحدة لمسكنه في أي وقت، لكن بشرط إعطاء مهلة مناسبة للمستأجر لتدبير مكان آخر، مطالبا بضرورة مراعاة معدلات التضخم، فيما يتعلق بزيادة أسعار الوحدات السكنية المعدة للإيجار أو التملك.