في مسعى أخير لإنقاذ اليونان من الإفلاس وإنقاذ منطقة اليورو من التفكك، توصلت أثينا والأطراف الدائنة "الاتحاد الأوروبي، صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي" إلى اتفاق حول خطة مساعدات ثالثة بعد أسابيع من المفاوضات، وهو الاتفاق الذي وضع نقطة النهاية فى فرضية خروج اليونان من منطقة اليورو وتلاشت معه سيناريوهاتها. أعلن مسئول في الحكومة أن اليونان ودائنوها توصلوا إلى اتفاق على خطة المساعدة الثالثة للبلاد، وأعلن وزير المالية اليوناني "اقليدس تساكالوتوس" أمس الاثنين، لدى خروجه من الفندق حيث تجري المفاوضات في أثينا، أنه ما زال يتحتم تسوية "تفصيل أو تفصيلين" خلال النهار، وقال محللون متابعون للاتفاق أن هاتان المسألتان تتعلقان بصناديق الخصخصة التي يدعو الدائنون إلى انشائها، ومصير الديون المشكوك في تحصيلها، والتي تلقي بعبئها على حصيلة أداء المصارف اليونانية. خلال المحادثات الماراثونية تم الاتفاق على نسبة النمو الاقتصادي السنوي التي تتعهد أثينا بتحقيقها خلال السنوات الثلاث المقبلة، حيث أنه إذا تم بالفعل تحقيق هذه النسب من النمو، فلن تكون هناك ضرورة لتطبيق إجراءات تقشفية جديدة على الاقتصاد اليوناني، حيث تم الاتفاق على أن يكون عجز اليونان في العام 2015 بمعدل 0.25% من إجمالي الناتج الداخلي قبل أول فائض بمعدل 0,5% من إجمالي الناتج الداخلي في العام 2016،و1.75% في العام 2017، و3.5% في العام 2018. كانت السلطات اليونانية قدمت في يوليو الماضي حزمة من المُقترحات إلى الاتّحاد الأوروبي في محاولة أخيرة لحلحلة الأزمة وإرساء خطّة إنقاذ مالي ناجحة، لضمان بقائها في منطقة اليورو وأملا منها في الحصول على مساعدات مالية جديدة. وكان رئيس المجلس الأوروبي "دونالد توسك" أعلن الشهر الماضي الموافقة بالإجماع على خطة إنقاذ اليونان الثالثة من أزمة الديون، حفاظًا على عضويتها فى منطقة اليورو، وكذلك للحفاظ على اليورو كعملة قوية في الاقتصاد العالمي، في خطوة وصفها الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" بأنها "خطوة تاريخية شجاعة"، وتباعًا أعربت دول الاتحاد الأوروبي عن استعدادها للمضي قدمًا نحو برنامج آلية الاستقرار الأوروبية لليونان من أجل إصلاحات جادة ودعم مالي. تسعى اليونان إلى الحصول على مساعدات مالية بقيمة تزيد عن 80 مليار يورو على امتداد 3 سنوات، في خطوة للخروج من أزمتها الاقتصادية الفادحة والمقدر قيمة دينها العام 180 بالمائة من الناتج الإجمالي، بالإضافة الى خشيتها من مغادرة منطقة اليورو، وتحتاج اليونان إلى حزمة مساعدات تقدر ب86 مليار يورو، لتفادي انهيارها المالي والحفاظ على مركزها في منطقة اليورو، ويجب على اثينا الحصول على نحو 3 مليارات يورو قبل العشرين من أغسطس الحالي لتسوية أحد ديونها مع البنك المركزي الاوروبي، حيث من المقرر أن تسدد أثينا 3,19 مليار يورو إلى المصرف المركزي الأوروبي في 20 أغسطس الحالي، و1,5 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولي في سبتمبر. يعني خروج اليونان من منطقة اليورو، ضرورة اعتمادها على عملة جديدة أو الرجوع إلى عملتها الأصلية، وهي "الدراخما"، ويهدّد ذلك بإغلاق بعض الشركات وإفلاس البعض الاخر، نتيجة لما سيترتب عنه من تراجع لقيمة هذه العملة، ومن شأن عودة اليونان لاعتماد عملتها الأصلية والتخفيض في قيمتها أن يُمكنها من إنعاش اقتصادها. من جهة أخرى أظهرت دراسة نشرت أمس الاثنين، أن ألمانيا حققت مكاسب من الأزمة المالية اليونانية بلغت مائة مليار يورو أي ما يعادل 109 مليارات دولار. وقالت الدراسة إن هذا المبلغ يمثل الأموال التي وفرتها ألمانيا من انخفاض الفوائد على الأموال، التي اقترضتها الحكومة اليونانية، وسط فرار المستثمرين إلى مناطق آمنة، وأوضحت الدراسة التي نشرها معهد "ليبنيز" للأبحاث الاقتصادية، أن هذا التوفير تجاوز تكلفة الأزمة، حتى لو أعلنت اليونان عجزها عن سداد دينها بأكمله، وقال المعهد إن "ألمانيا استفادت بشكل واضح من الأزمة اليونانية"، وأضافت الدراسة أنه عندما يواجه المستثمرون أي اضطرابات مالية، فإنهم يسعون في العادة إلى العثور على ملجأ آمن لأموالهم، وقد استفادت ألمانيا بشكل كبير من ذلك خلال أزمة الدين اليوناني. تابع المعهد أنه في كل مرة واجهت فيها الأسواق المالية أخبارًا سلبية بشأن اليونان خلال الأعوام الماضية، كانت أسعار الفائدة على السندات الحكومية تنخفض، وفي كل مرة كانت تظهر فيها أنباء جيدة كانت أسعار الفائدة ترتفع، وأوضح أن مبلغ المائة مليار يورو الذي وفرته ألمانيا منذ 2010 يشكل أكثر من 3% من إجمالي ناتجها المحلي.